بيت الطشت في مسجد الكوفة

أحد مقامات الإمام علي (عليه السلام) الباقية في مسجد الكوفة وكان قديماً سرداب يمتد تحت مستوى أرض المسجد وينتهي من طرفيه بدرجين مفضيين إلى مدخل ومخرج.

وأرضية بيت الطشت تنزل عن مستوى الأسس القديمة للمسجد نحو 65م. فيستدل أن أرضية الجامع الحالية أعلى من الأرضية الأصلية ثلاثة أمتار على أقل تقدير.

وقد سمّي هذا المكان بهذا الاسم – كما تقول الروايات – نسبة إلى حادثة لها طابع الكرامة الإلهية، حيث أمر الإمام علي (عليه السلام) بعض النسوة باستعمال طشت في هذا المكان لإخراج علقة كبيرة نمت في بطن فتاة عذراء، خفي أمرها على ذوي الفتاة واتهموها جهلاً بأنها حبلى.

ففي البحار عن كتاب الروضة وفضائل ابن شاذان يرفعه إلى عمار بن ياسر وزيد بن أرقم، قالا: كنا بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان يوم الاثنين أربع عشر خلت من صفر وإذا بزعقة عظيمة أصمت المسامع وكان علي على دكة القضاء فقال يا عمار: إيتني بذي الفقار وكان وزنه سبعة أمنان وثلثي من مكي فجئت به فانتضاه من غمده وتركه على فخذه وقال يا عمارك هذا يوم اكشف فيه لأهل الكوفة الغمة يا عمار ايتني بمن على الباب قال عمار: فخرجت وإذا على الباب امرأة في قبة على جمل وهي تشتكي وتصيح يا غياث المستغيثين ويا بغية الطالبين ويا كنز الراغبين ويا ذا القوة المتين ويا مطعم اليتيم ويا رزاق العديم ويا محيي كل عظم رميم ويا قديماً سبق قدمه كل قديم يا عون من ليس له عون ولا معين يا طود من لا طود له يا كنز من لا كنز له إليك توجهت وبوليك توسلت وخليفة رسولك قصدت فبيض وجهي وفرج عني كربتي، قال عمار وكان حولها ألف فارس بسيوف مسلولة قوم لها وقوم عليها فقلت: أجيبوا أمير المؤمنين أجيبوا عيبة علم النبوة قال فنزلت المرأة من القبة ونزل القوم ودخلوا المسجد فوقفت المرأة بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت يا مولاي يا إمام المتقين إليك أتيت وإياك قصدت فاكشف كربتي وما بي من غمة فإنك قادر على ذلك وعالم بما كان وما يكون إلى يوم القيامة، فعند ذلك قال عليه السلام: يا عمار نادي في الكوفة من أراد ينظر إلى ما أعطاه الله أخا رسوله فليأت المسجد، قال فاجتمع الناس حتّى امتلأ المسجد بالناس فقام أمير المؤمنين المؤمنين عليه السلام وقال: سلوني ما بدا لكم يا أهل الشام فنهض شيخ من بينهم قد شاب وعليه بردة يمانية فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين هذه الجارية ابنتي وقد خطبها ملوك العرب والآن قد فضحتني لأنها قد حملت بحمل لا أدري من أين هو فقال أمير المؤمنين المؤمنين عليه السلام. ما تقولين يا جارية؟ فقالت يا مولاي وحقك ما علمت من نفسي خيانة قط وأني أعلم أنك بنفسي أعلم بي مني، قال عمار: فأخذ الإمام (عليه السلام) ذا الفقار وصعد المنبر وقال: الله أكبر الله أكبر جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقاً، ثم قال: عليَّ بداية الكوفة فجاؤوا بها، فقال لها أمير المؤمنين: اضربي فيما بينك وبين الناس حجاب وانظري هذه الجارية عاتق أم لا، حامل أم لا، ففعلت ما أمر به (عليه السلام) ثم قالت نعم يا سيدي هي عاتق حامل، فالتفت إلى أبي الجارية وقال: يا أبا الغضب ألست من قرية كذا وكذا من أعمال دمشق؟ قال وما هذه القرية؟ قال هي قرية تسمى أسعار قال بلى يا مولاي، فقال (عليه السلام): من منكم يقدر على قطعة ثلج في هذه الساعة؟ قال يا مولاي الثلج في بلادنا كثير ولكن ما نقدر عليه هيهنا، فقال (عليه السلام) بيننا وبينكم مائتان وخمسون فرسخاً قال نعم يا مولاي، قال (عليه السلام): أيها الناس انظروا إلى ما أعطاه الله علياً من العلم النبوي الذي أودعه الله ورسوله من العلم الرباني قال عمار: فمد يده من أعلى منبر الكوفة ورماها وإذا فيها قطعة ثلج يقطر الماء منها فعند ذلك ضج الناس وماج الجامع بأهله، فقال (عليه السلام): اسكتوا فلو شئت أتيت بجبالها، ثم قال لها يا داية خذي هذه القطعة من الثلج واخرجي الجارية من المسجد واتركي تحتها طشتاً وضعي هذه القطعة ما يلي الفرج فسترين علقة وزنها سبعمائة وخمسون درهماً ودانقان، فقالت سمعاً وطاعةً لله ولك يا مولاي، ثم أخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت الثلج كما أمرها الإمام فرأت علقة وزنتها الدابة فوجدتها كما قال (عليه السلام) فأقبلت ووضعتها بين يديه، فقال عليه السلام يا أبا الغضب خذ ابنتك فوالله ما زنت وإنما دخلت الموضع الذي فيه الماء فدخلت هذه العلقة في جوفها وهي بنت عشرة سنين وكبرت إلى الآن في بطنها، فنهض أبوها وهو يقول: أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر وأنت باب الدين وعموده قال فضج الناس(1).

 

أعمال بيت الطشت

وروي أن الصادق عليه السلام قد صلى ركعتين في بيت الطشت.

ولهذه الدكة أعمال ذكر الشيخ القمي في مفاتيحه قال: تُصلّي هناك ركعتين فإذا سلّمت وسبّحت فقُل: اللّهُمَّ إِنِّي ذَخَرْتُ تَوْحِيدِي إِيَّاكَ وَمَعْرِفَتِي بِكَ وَإِخْلاصِي لَكَ وَإِقْرارِي بِرُبُوبِيَّتِكَ، وَذَخَرْتُ وِلايَةَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ مِنْ بَرِيَّتِكَ مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِمْ لَيَوْمِ فَزَعِي إِلَيْكَ عاجِلاً وَآجِلاً، وَقَدْ فَزِعْتُ إِلَيْكَ وَإِلَيْهِمْ يامَوْلايَ فِي هذا اليَوْمِ وَفِي مَوْقِفِي هذا وَسَأَلْتُكَ مازَكى مِنْ نِعْمَتِكَ وَإِزاحَةَ ماأَخْشاهُ مِنْ نِقْمَتِكَ وَالبَرَكَةَ فِيما رَزَقْتَنِيه، وَتَحْصِينَ صَدْرِي مِنْ كُلِّ هَمِّ وَجائِحَةٍ وَمَعْصِيَةٍ فِي دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).


(1) عيون المعجزات، ص21 

(2) مفاتيح الجنان، ص 700.