منهج السبزواري في تفسير القرآن

منهج السبزواري في تفسير القرآن

مكتبة الروضة الحيدرية

الرسائل الجامعية ـ 11

 

تأليف 

فضيلة علي فرهود

 

المقدمة

الحمد لله الذي اَنزَلَ القُرآنَ شِفاءً ورحمةً للمؤمنينَ، وجعلهُ في لوحٍ محفوظٍ لايمسُّهُ إلا المُطهَّرُون، لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، فيه تفصيلُ كلِّ شيءٍ وهُدى ورحمةٌ لقومٍ يُؤمنون، وجعله من اعظم مواهبه على عباده، والصلاة والسلام على من أُعطيَ السَبع المثاني والقُرآن العظيم وعلى آله الذين رفعوا بهمَمِهِمُ العالية اعلام الدين، وشَرعُوا نهجَ الهُدى للقاصدين، وعلى اصحابه الذين آمنوا به وأَبلوا البلاءَ الحَسَنَ في نُصرتهِ وإقامةِ دينهِ.

وبعد:

لقد أصبح المنهجُ عاملاً مساعداً في الكشف عن خبايا المضمون، بوصفه موجهاً لكُنْهِ الدلالات التي يرغب اليها الباحث واصلةً الى المتلقي دون عناء. ولقد ظهرت أهميته مع تطور الدرس البحثي، حيث بدأ القدماء بالتقسيمات وترتيب الابواب ادراكاً منهم أن ذلك يخفف من عبء القاريء، ويسهّل عليه عملية التواصل مع النص، وبتقدم الدراسات كبُرت هذه الاهمية للمنهج حتى صار مفتاحاً لفك شفرات النص، فضلاً عما ذكر عنه في تسهيل عملية الفهم والادراك، ولا غرابة في ذلك فهو لسان حال الباحث، ولون رؤيته وسبيل نهجه، والناطق عن توجهاته فيما يريد أن يكتب، أو يحرص على ايصال قصده.

ولم تبتعد هذه الرؤية عن مفسري القرآن الكريم، فقد يتلمس الباحث المتعمق وضوح هذه الرؤية عند كثير منهم، حتى استطاعوا أن يأتوا بالابتكار والاصالة، وهذا مايدل على رقي العقل المعرفي العربي والاسلامي في رصد هذه الظاهرة، وعدم اهمالهم لها، الامر الذي ساعد الاجيال اللاحقة على تذوق تلك الكتابات، والوقوف على نتائجها واستحسانها، حتى صارت مضرباً منهجياً متخصصاً بكل منهم، وهذا يدحض الرؤية التي ترى ان المنهج لم يأخذ مداه في البحث الاسلامي، وانه غربي النزعة والتوجه، فالحق أن المتتبع منجزات المفسرين والعلماء المسلمين يجدهم جاءوا باشياء كثيرة في المنهج، ويظن البحث أن من يطعن في هذه الرؤية انما جانب الحقيقة، هروباً وراء الدراسات الحديثة التي تحاول تفريغ الدرس الاسلامي الرصين من ابتكاراته، وما جادت به عقول علمائه الافذاذ.

في النجف الاشرف منبت مدرسة الفقه الكبرى، التي نشأت فيها الدراسات الحوزوية نشأةً أومأت الى علو هامة هذه المدرسة بين قريناتها، لم تغفل تفسير القرآن ومثلما تميزت مدرسة النجف بظهور الادب مرافقاً للفقه، فقد ظهرت منذ القرن الثالث عشر حتى الخامس عشر ولما تزَلْ مدرسة تفسيرية في القرآن الكريم يقف لها الباحث المخلص اجلالاً واحتراماً، لأنها طوّرت في المنهج، واصلّت في التفسير، وكان السيد السبزواري ; واحداً من اولئك الرجال الافذاذ، فقد جاء بسِفرٍ خالدٍ أضاف فيه بصمات تجديد ليس على مستوى كتابة التفسير القرآني فحسب، وانما في مجال المنهج، الامر الذي جعل البحث يتعقب بدقةٍ وتروٍ ذلك المنهج من أجل الالمام به، لانه نابع من عقل استنباطي بارع، مزج بين المعرفة العلمية الموسوعية، وبين توزيع تلك المعرفة على خطوط منهجية غاية في التشابك والابتكار معاً، ينبهر امام تكوّنها الباحث الجاد والمتأمل الدقيق، ولعل لاستغراقه العرفاني دوراً في نضج ذلك التأمل.

وقد دُرِسَ هذا التفسير في منهجه اللغوي فقط، ولم يدرس دراسة منهجية متخصصة قبل هذا، لذا تكفلت هذه الرسالة بدراسة منهج هذا التفسير، وقد جاءت الرسالة مُقوّمةً بتمهيد وثلاث فصول وخاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع.

فقد ضم التمهيد الذي عنوانه (السيد السبزواري ومواهب الرحمن) جانبين مهمين : الاول : تم التحدث فيه عن شذرات من حياة السيد السبزواري ; أسمه ونسبه ولقبه، ولادته ونشأته، شيوخه، مؤلفاته، مرجعيته، وفاته، ثم عرض البحث في الجانب الثاني عرضاً وصفياً مجملاً لكتاب (مواهب الرحمن) بما في ذلك منهجه التفسيري.

أما الفصل الاول والذي هو بعنوان (موارد مواهب الرحمن) فقد ضمّ تمهيداً للفصل وثلاثة مباحث هي:

المبحث الأول: المورد التفسيري. وانحصر هذا المورد في:

الاعتماد على كتب التفسير.

الاعتماد على اعلام المفسرين.

الاعتماد على علوم القرآن.

أما المبحث الثاني فكان المورد الحديثي.

ثم جاء في المبحث الثالث المورد اللغوي.

واوضح البحث في اثناء ذلك منهج السيد السبزواري في الافادة من هذه الموارد.

وكان الفصل الثاني بعنوان (طرق تحقق البناء المنهجي في مواهب الرحمن)، وقد تقوّم بمباحث ثلاثة مسبوقة بتوطئة لكل مبحث، وجاء على النحو الآتي:

المبحث الاول: تفسير القرآن الكريم بالقرآن.

المبحث الثاني: تفسير القرآن الكريم بالسنة.

المبحث الثالث: تفسير القرآن الكريم باللغة والبلاغة.

واوضح البحث في هذا الفصل بشيء من التفصيل تلك الطرق، وكيف ساعدت في تحقيق نمو المنهج، واستيضاح المعنى المراد بيانه.

ثم جاء الفصل الثالث بعنوان (وظائف بحوث مواهب الرحمن) إذ ذُكِرَتْ فيه توطئة وثمانية مباحث وهي:

الاول: وظيفة البحث الفقهي.

الثاني: وظيفة البحث الروائي.

الثالث: وظيفة البحث الادبي.

الرابع: وظيفة البحث الدلالي.

الخامس: وظيفة البحث العرفاني.

السادس: وظيفة البحث الفلسفي.

السابع: وظيفة البحث الكلامي.

الثامن: وظائف مباحث اخرى.

واوضح البحث في هذا الفصل وظائف بحوث المقام، وهذه الوظائف ما هي الا ثمرة من ثمرات التفسير عند السيد السبزواري ; أدت الى ظهور فكرة سميت بالمقام، وأسهمت في تعميق المعنى.

وختمت هذه الدراسة بخاتمة ضمت اهم ما توصل اليه البحث، اما مصادر البحث فقد توجّها كتاب الله تعالى (القرآن الكريم) ثم اقتضت طبيعة الموضوع تنوع تلك المصادر، فكانت تضم كتب التفسير والحديث والفقه والاصول واللغة والنحو والصرف والبلاغة، فضلاً عن كتب التراجم ومصادر اخرى لها صلة بالموضوع.

ولا أدعي الكمال للبحث وإنما أطمح لتوجيه لجنة المناقشة في تسديد الخطى.

 

الفهارس 

المقدمة ................................................................................................................... 5

التمهيد: السيد السبزواري و (مواهب الرحمن) ................................................... 9

شذرات من حياة السيد السبزواري ..................................................................... 9

وصف مجمل لتفسير (مواهب الرحمن................................................................. 13

الفصل الاول

موارد (مواهب الرحمن)

تمهيد منهجي....................................................................................................... 23

المبحث الاول: المورد التفسيري ......................................................................... 26

أولاً: الاعتماد على كتب التفسير........................................................................ 26

ثانياً: الاعتماد على اعلام المفسرين..................................................................... 33

ثالثاً: الاعتماد على علوم القرآن......................................................................... 37

المبحث الثاني: المورد الحديثي............................................................................. 51

أولاً: الموارد الموسوعية المعتمدة من كتب الامامية (الكتب الاربعة) ................. 51

ثانياً: الموارد الروائية المعتبرة عند الامامية........................................................... 55

ثالثاً: الموارد الروائية المعتمدة عند اهل السنة...................................................... 73

المبحث الثالث: المورد اللغوي ........................................................................... 79

الفصل الثاني

طرق تحقق البناء المنهجي في (مواهب الرحمن)

المبحث الاول: تفسير القرآن الكريم بالقرآن...................................................... 87

المبحث الثاني: تفسير القرآن الكريم بالسنة.....................................................  104

المبحث الثالث: تفسير القرآن الكريم باللغة والبلاغة...................................... 122

الفصل الثالث

وظائف بحوث (مواهب الرحمن)

توطئة ............................................................................................................... 149

الاول: وظيفة البحث الفقهي ......................................................................... 150

الثاني: وظيفة البحث الروائي ......................................................................... 155

الثالث: وظيفة البحث الادبي ......................................................................... 168

الرابع: وظيفة البحث الدلالي ......................................................................... 170

الخامس: وظيفة البحث العرفاني ....................................................................  173

السادس: وظيفة البحث الفلسفي ................................................................... 175

السابع: وظيفة البحث الكلامي ...................................................................... 177

الثامن: وظائف مباحث اخرى ....................................................................... 180

الخاتمة .............................................................................................................. 187

المصادر والمراجع .............................................................................................. 191

الفهرس............................................................................................................ 215