الشيخ محمدصادق الكرباسي (دامت توفيقاته)

الشيخ محمدصادق الكرباسي (دامت توفيقاته)

سماحة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي دام توفيقه  

شيخ أوقف حياته على خدمة نهج أهل البيت (عليهم السلام) فهو صاحب الهمة العالية، والخدمة الجليلة للمذهب، كيف لا و قد نهل العلم من الحواضر الإسلامية في النجف الأشرف وكربلاء وقم المقدستين ولبنان، نشأ في بيوت العلم والتقى ونهل من العلماء والأدباء وأهل العلم والفضيلة لقربه منهم والتحق بالدراستين الحوزوية والأكاديمية، وله (موسوعة المعارف الحسينية) والتي يطمح ان تكون من بين أكبر الموسوعات المعرفية العالمية والتي ستبلغ (600) مجلد انشاء الله وقد طبع منها لحد الآن (60) مجلد.

التقيناه بعد تشرفه بزيارة الإمام أمير المؤمنين في يوم الجمعة ليلة (15) رمضان المبارك (ليلة مولد الامام الحسن عليه السلام) ، فكان حديثاً ممتعاً وطيباً كطيب أخلاقه التي عرف بها.

البطاقة الشخصية لسماحتكم؟

اسمي محمد بن صادق بن الشيخ محمد الكرباسي حتى يرجع نسبنا إلى مالك بن الحارث الأشتر النخعي، ولدت بجوار المرقد الطاهر لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في مدينة كربلاء المقدسة في 20/10/1947 الموافق الخامس من شهر ذي الحجة عام 1366هـ من أسرة علمية فوالدي المرحوم آية الله الشيخ محمد الكرباسي الذي أولاني رعايته وكان أول أساتذتي.

الدراسة الأكاديمية والدراسة الحوزوية لسماحة الشيخ الكرباسي؟

في السابعة من عمري دخلت الدراسة الابتدائية وأكملت المتوسطة والإعدادية في كربلاء، وأكملت دراستي العليا في بيروت بعد هجرتي من العراق وحصلت على شهادة الماجستير سنة 1977 هناك.

وبدأت دراستي الحوزوية إلى جانب دراستي الأكاديمية في النجف وكربلاء فأكملت المقدمات والسطوح ثم السطوح العليا ودخلت بحث الدرس الخارج.

أبرز أساتذة الشيخ الكرباسي في مراحل الدراسة الحوزوية؟

درست عند والدي الشيخ محمد الكرباسي، وعند الشيخ جعفر الرشتي والشيخ محمد الشاهرودي والشيخ يوسف البياري والشيخ محمد رضا الأصفهاني، وآية الله العظمى السيد محمد الشيرازي، وفي النجف حضرت لمدة ستة أشهر في درس الأصول عند آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدس)، وكذلك حضرت لمدة ستة أشهر دروس الفقه عند آية الله العظمى السيد الخميني (قدس)، أما في إيران فكانت محطتي الأولى في طهران حيث حضرت دروس آية الله العظمى السيد أحمد الخونساري والسيد أبو الحسين الرفيعي والشيخ باقر الأشتياني، وكانت محطتي الثانية في قم المقدسة فحضرت درس آية الله العظمى السيد محمد كاظم الشريعتمداري والسيد محمد رضا الكلبايكاني والشيخ هاشم الاملي والشيخ مرتضى الحائري وغيرهم.

التنقل بين الحوزات العلمية في الحواضر الإسلامية ماذا أضاف لكم؟

في الحقيقة إن لكل حوزة خصائص ودروس وأسلوب معين وبهذا التنوع كونت لنفسي الخضرمة  في الدراسة بأربع اتجاهات متمثلة في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف وطهران وقم وهذا مما زاد من معرفتي العلمية والثقافية بإطلاعي على نهج كل حوزة، فكل حوزة من هذه الحوزات تبرز في جانب معين مما جعلني ملم بمعارف شتى ومختلفة.

ما الإجازات التي حصلتم عليها من العلماء الأعلام؟

بفضل الله تعالى هناك بعض العلماء أجازوا لي بالاجتهاد بالرواية وأذكر على سبيل المثال لا الحصر آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (قدس) وآية الله العظمى الشيخ مرتضى الحائري.

الاتجاه إلى التأليف.. متى بدأ؟

بدأت في التأليف منذ أن كنت في العراق، ففي الفترة التي عشتها في كربلاء كانت موجة التأليف سارية فنمت الفكرة لدي وبدأت أكتب في اللغة والفقه والأصول وبعض العلوم الأخرى وأنا في العقد الثاني من عمري وعندما غادرت العراق كان لدي ما يقرب من (15) مؤلفاً.

عُرف سماحة الشيخ محمد صادق الكرباسي بالمؤلفات الكثيرة فما هي أبرز مؤلفاتكم؟

عدد الكتب التي ألفتها يقرب من ألفي مؤلف، وأبرز هذه المؤلفات هي (دائرة المعارف الحسينية) التي تربو على 600 مجلد، وهناك سلسلة الشرائع التي يصل أعدادها إلى 200 كراس والتفسير المسترسل 30 جزءً وكتاب شعر (زلة الأقلام) وكثير الدواوين الشعرية وكتاب فضائل أمير المؤمنين وقصة يوسف وكتاب معجم ألفاظ القرآن ومعانيها والنوادر والطرائف، وقد كتبت في مختلف الاتجاهات والمواضيع.

الموسوعة الكبرى (دائرة المعارف الحسينية) من أين بدأت الفكرة؟

بدأت فكرة هذه الموسوعة الكبيرة من كرامة حسينية حصلت في لندن لعائلتين مسلمتين وكان ذلك في يوم تاسوعاء من عام 1986 أو 1987م فقررت حينها أن أكتب في الحسين وأجمع كل ما كتب عنه وبشتى اللغات، وبدأت بالكتابة في هذه الموسوعة من حديث الرسول صلى الله عليه واله:  حسين مني وأنا من حسين.

ما هي موضوعات هذه الموسوعة وكيف تم تصنيفها؟

جمعت في هذه الموسوعة كل ما كتب بحق الإمام الحسين (عليه السلام) من الشعر والنشر وتقويمه من حيث اللغة والعروض والتاريخ وكذلك كلام الحسين (عليه السلام) وتقريره وفعله وهذا يعتبر من الفقه الاستدلالي، ومواضيع تخص السيرة الحسينية، ومواضيع الحسين والسنة النبوية والحسين في القرآن وغيرها، فقد جعلت هذه الموسوعة في ستين باباً في ستمائة مجلد وطبع منها لحد الآن (60) مجلد.

لقد كتب عن الإمام الحسين (عليه السلام) قديماً وحديثاً فما الجديد في هذه الموسوعة؟

هذه الموسوعة هي كتابة وتأليف موضوعي وليس مجرد سرد للحوادث التاريخية بل هناك تحليل وتقييم وقراءة الأحداث وغيرها، وهناك شيء جديد في كل باب وهناك اسلوب جديد وسيلمس القارئ ذلك.

هل لديكم مشاريع ثقافية وأدبية قادمة؟

أسعى بشكل حثيث وجدي لعمل فيلم عن سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) يطابق الواقع وبعيد عن كل غلو وتطرف، وهناك سلسلة الشرائع وهي مؤلفات تبين الأحكام، إضافة إلى كتاب التفسير المسترسل والذي هو تفسير مزجي بين النظرة القديمة والحديثة في التفسير.

بعد تجوالكم في الكثير من بلاد الغرب وخاصة في لندن كيف ترون نظرة الغرب للإسلام؟

هناك شريحتان في الغرب: شريحة معادية للإسلام وهؤلاء لا يعلمون عن الإسلام شيء إلا عن طريق أعداء الإسلام، وما تبثه في وسائل الإعلام من تضليل على الإسلام وأهله.

وهناك شريعة أخرى وهي الأكثر وهي الشريعة المثقفة التي تبحث عن الحقيقة وهؤلاء ينظرون إلى الإسلام كدين ويتفهمون الكثير من القضايا الإٍسلامية.

كيف ينظر الغرب لرجال الدين المسلمين وخاصة الذين هم على مذهب أهل البيت وما يرونه من انفتاح فكري لديهم؟

في الحقيقة أنا اعتبر التشيع حضارة لأنه فيه كل مقومات الحضارة فالإسلام الحق هو مذهب أهل البيت وهو التشيع، وعلينا أن نوصل هذه الفكرة إلى الغرب والغربيين، وخصوصاً أن بعد أحداث سبتمبر وبروز دور الإرهابيين التكفيريين والسلفيين وظهر جلياً عند الكثير إن رجال الفكر الشيعي هم بعيدين عن حالة التطرف هذه، لأنهم يعتقدون بالحالة الوسطية فأصبحوا يتفهموا الموقف الشيعي الذي يختلف عن الآخرين كثيراً.

بعد هذا الغياب الطويل كيف ترون العتبات المقدسة الآن؟

هذه المراقد المطهرة والمدن المقدسة كانت مضطهدة كثيرة في العهد السابق أما الآن بفضل الله تعالى وجهود القائمين عليها أصبحت تزهوا من جديد وأنا مسرور كثيراً لما يجري من إعمار وتطور كبير في العتبة العلوية المقدسة من الناحية العمرانية والفكرية والثقافية وكذلك في باقي العتبات في كربلاء و الكاظمية وأرى إن كل من يعمل في هذه العتبات هو توفيق من الله تعالى فالخدمة في هذه الأماكن المقدسة خدمة مقبولة عند الله تعالى وأنا أجزم على ذلك  وما هذا الذي نراه إلا من علائم الرضا عند الله تعالى