أَقُطْبَ الرَّحى

{ محمد رضا القزويني }

أَقُطْبَ الرَّحى والعقلُ في الحكمِ حائرُ

أَحولَكَ دارتْ أَمْ عليكَ الدَّوائرُ

***

كفاكَ فَلا سَيْلٌ يُرى مُتَحَدِّراً

لغيركَ أوْ يَرقى لشأنِكَ طائرُ

***

وَحَسْبُكَ أَنَّ العالمينَ وما حَوَتْ

وَما انجبتْ فيها الهُداةُ العَباقرُ

***

لَتعجزُ أَنْ تأتي بمثلِكَ ثانياً

وَلسْتَ نبيّاً كَيْ تَعِزَّ النظائِرُ

***

وَها هِي ذِي الأيَّامُ في عُنْفِ سَيْرها

لَها وَقفةُ الإِجلالِ وَهي تُفاخِرُ

***

على لقطاتٍ منكَ لَمْ تَرَ مِثْلَها

وَلا أَخَبَرتْ عنها القُرونُ الغَوابِرُ

***

وَلَمْ يَعْهَدِ التَّاريخُ بالنّاسِ رَأْفَةً

وَإِنْ بلغوا ما لَمْ ينلهُ الأكاسِرُ

***

يُحطِّمُ مَنْ شادوا الكياناتِ زَيْفَةً

وَيكشفُ مَنْ باسمِ العقيدةِ تاجروا

***

وَيرفَعُ مَنْ خَاضوا الغِمارَ بعزَّةٍ

وفي رَفْعِ هذا الدِّينِ قاموا وَآزَروا

***

وَقادوا وما انقادوا إلى نَزَواتِهِمْ

وَقَد أنكروا ذاتاً لَهُمْ وَتَنَاصَروا

***

وَأنتَ كما قالَ الكتابُ مُخلَّدٌ

وَحَيٌّ بطيّاتِ القلوبِ وَظاهِرُ

***

أَقطبَ الرَّحى لمّا يَزالُ على النُّهى

غُبارٌ على الأصحابِ شَدّوا وَهاجَروا

***

وَلا ندري إِذْ جئنا نؤبِّنُ مَنْ لَهُ

سَنَبكي ومَنْ تُهدى إليه البشائِرُ

***

فَما مِحنةُ الزهراءِ أَوَّلُ محنَةٍ

وَقَتْلُكَ في سيفِ المُراديِّ آخِرُ

***

فَلا خَيْرَ ما آلَتْ إليهِ المصَائِرُ

إذا تاهَ مَعْذور وَأَسرَفَ عاذِرُ

***

وَلكنَّنا جِئنا نؤبّنُ أُمَّةً

حَيَتْ دُوْنَ أنْ تَحيا لديها الضَّمائِرُ

***

فَأنتَ عليٌ صُورَةُ الحقِّ تَنْجَلي

عَلى الدَّهْرِ مَهْما عاثَ في الخلقِ جائِرُ

***

وانَّكَ صوتُ العدلِ عالٍ مُجاهرٌ

بِملء فَمِ الدُّنيا مُدوٍّ وَهادِرُ

***

وأنت دَليلُ العالمينَ إلى الهُدى

وَإنْ ضَلَّ عَنْ دربِ الهدايةِ عَاثِرُ

***

فَدعنا نفيضُ الدَّمعَ حُزناً وحَسْرَةً

على حالةٍ آلتْ إليها المصائِرُ

***

كأنّي بذاكَ السَّيفِ جَرَّدتَ حَدَّهُ

تُلوِّحُ فيهِ والسُّيوفُ شَواهِرُ

***

وَأَنتَ بأُحدٍ صامِداً في جمُوعِهِمْ

وَتضْرِبُ أمثالاً وَأخرى تُبادِرُ

***

تَحدّاهُمُ فَرداً وَتحمي مُحمَّداً (ص)

وَقَدْ خَذَلَ الأصحابُ حِينَ تَنافَروا

***

وَتَهْزَأُ بالدُّنيا وَفي زَهَواتِها

وبالنّاسِ أَفواجاً عَلَيْها تَقَاطروا

***

تُشيرُ إلى البابِ العظيمِ قَلعَتَهُ

بِخيبرَ كيفَ اليومَ عَنْهُ تَنَاثَروا

***

إلى رأسِ عَمروٍ كيفَ رُحتَ تَجِذُّهُ

وَهُمْ دُونَ وَغدٍ أعْوَرِ قَدْ تَصاغَروا

***

فَوَاللهِ إِنْ نبكِ المُصابَ فإِنَّما

عَلى حالِنا إذْ داهَمَتْنا المخَاطِرُ

***

وَإنّا وَلا زِلْنا نَرى الحَقَّ جَهْرَةً

وَلمَّا تَزَلْ عَنهُ تُغَضُّ البصَائِرُ

***

وَنَرجوالإولى القبلتَينِ إسْتِعادةً

وَنأَنفُ باسمِ الدِّينِ حَرْباً نُبادِرُ