يوم الغدير

{ صادق جعفر الهلالي }

أراكَ بعرشِ خالقنا شهابا

يَزفُّ لنا بشائرَهُ سحابا

بها يومُ الغدير يفيض لطفاً

كسا فيهِ البوادي والرحابا

به الرحمنُ أكملَ دينَ طه

وعزَّزهُ وزاد به إكتسابا

فَشيَّدَ فيه للإسلامِ مجداً

عظيم الشأنِ كلَّلهُ فطابا

وقد صارَ الوصيُّ بهِ أميراً

بوحي الحق نزله خطابا

تلاه المصطفى بغدير خم

بلاغاً جاء في الذكرِ إنتسابا

تجلّى فيه للإسلام مولى

غدا للحَقِّ والتقوى نصابا

لأُمتهِ على ملاءٍ وجمعٍ

بهِ يُسْمِعْ حضورهُمُ الغيابا

ونادى فيهُمُ بعظيمِ أمرٍ

وكلُّ عند دعوته إستجابا

فمن في نفسهِ قد كنتُ مولاً

علياً فاسمعوا المولى المجابا

إلهي والي من والاهُ حقَّاً

وعادي من يعاديه عقابا

وناصرْ من يناصرهُ وأخذل

لمن يَخْذلهُ أو للخصم حابا

فبشرى العارفين له بحقٍ

بفوزٍ يُجْزهِ الباري ثوابا

ويلقى الظالمون له سعيراً

بيومِ الحشرِ يثقلهم حسابا

أمير المؤمنين لنا عليٌّ

حباهُ الله والهادي أجابا

***

تلألأ في الغدير لنا إبتهاجٌ

وصار الحُبُّ للتقوى رضابا

وتمَّت نعمةُ الرحمن وحياً

به خَتَمَ الرسالةَ والكتابا

بما يرضى الإلهُ لنا إماماً

وصيَّاً هادياً ولهُ أنابا

وفيه خيرُ دنيانا وأخرى

يرينا العدلَ نهجاً واصطحابا

هو النهجُ القويمُ خير دينٍ

يُعْرِّفُنا الهداية والصوابا

ولو سارَ الجميعُ على خُطاهُ

لما افترقتْ نوايانا شعابا

ولا احتجنا إلى نارٍ تلظى

تكون لكلِّ منحرفٍ مآبا

وكانت أمَّةُ الإسلامِ جمعاً

بعلياهُ ينّولها اصطحابا

ولكنَّ الذينَ لنهجِ طه

على الأعقابِ راموهُ إنقلابا

أطاحوا بالوصيّ وما رعوها

لبيعتهم وشاؤها استلابا

فعاشت أُمَّةُ الإسلام حيرا

يؤرِّقها عناءً واضطرابا

لهذا اليوم تشكو الله ظلماً

وآلاماً وأهوالاً صعابا

إلى أن يُظهِرُ الرحمن فينا

إماماً يملأ الدنيا ثوابا

ويملأُ وجه دنيانا سروراً

وعدلاً بعد أن مُلأت خرابا

يعيدُ لجدّهِ ووصيِّ طه

بهاءً يغمرُ الدنيا صوابا

هنيئاً للذي عشقوا ولاءً

عليُّ فيهِ قد أضحى شهابا

***

عليٌّ للنبيِّ أخٌ وصهرٌ

بيوم الدارِ شرَّفَهُ إنتسابا

أبوهُ كافلُ الهادي يتيماً

وناصرُهُ ومن ركبَ الصعابا

هو السندُ الذي لولا حماهُ

لأحمدَ نورهُ لخبا وغابا

ومؤمنها ومن هو خير فهرٍ

زعيمٌ ساد مكةَ والقصابا

أميرٌ في مرابعها مطاعٌ

يرونَ بهِ الكفائةَ والمهابا

إذا ما جاءَ للحجاجِ عهدٌ

سقاهم زمزماً عذباً مطابا

وآمن بالنبيِّ وخَيْرِ دينٍ

بكتمِ الأمر حرصاً لا إضطرابا

وحمزةُ سيّدُ الشهداءِ عمٌّ

كسيفِ المرتضى يوري الحرابا

أخوهُ جعفرُ الطيّارِ ليثٌ

يطيرُ بجنَّةِ الباري مثابا

حباهُ اللهُ والمختارُ بعلاً

لبنتِ المصطفى الزهرا أجابا

عليُّ والدُ الحسنينِ منها

وبالسبطينِ أرساهُ إنتسابا

وبالتسع الجحاجحِ من بنيهِ

لدينِ المصطفى حفظوا الكتابا

بأوَّلِهم إمامُ الرُسْلِ فتحٌ

وآخرهُم بهِ خَتموا النصابا

فهل في حَظِّهِ لسواهُ سَهمٌ

وهل فتحَ العلى للقومِ بابا

***

فتىً في حجر طه قد تربَّى

وأولُ من لدعوتهِ استجابا

تغذَّى من لُبانِ الوحي فيضاً

مع الهادي فعزَّزه اصطحابا

فدى شخص النبيّ على فراشٍ

ينامُ بهِ بهجرتهِ أنابا

ليحمي نفسَ أحمد من طُغامٍ

لأحقادٍ تواصوها غضابا

وللإسلامِ سيفٌ لا يبارى

إذا ما إشتدَّ صارِمُهُ حرابا

أبو الزهراء قدماً يجتبيهِ

لدار العلمِ مفتاحاً وبابا

هو القرآن أصدقه بيان

بهِ الأحكامُ ترجمها كتابا

وقطبُ رحى الهدى ديناً ودنياً

هو الساقي بكوثرهِ الشرابا

هو المعصوم من خطأٍ ورجسٍ

هو المقدام لا يخشى الصعابا

إمام العدلِ للأيتام راعٍ

وللفقراءِ كان هو الرحابا

فهل تحلو الإمارةُ في سواهُ

وقد وجدَ الإلهُ به صوابا

***

أبا السبطين قد وافاك شعري

فسجّلَ فيكَ أعذبَهُ التهابا

هياماً راحَ في معناكَ يُثري

قوافيه  فأكملها نصابا

فهل لي في مديحكَ من بيانٍ

وحبُّ الله فيكَ سرى وطابا

وأنت بحبّهِ قد ذبت عِشْقاً

وفيك المصطفى آخا وهابا

وتَرجَمَكَ الإلهُ بمحكماتٍ

من الآياتِ كنت بها مذابا

فلا يرقى إلى علياك فخرُ

وكلُّ الفخرِ تعلوهُ شهابا

وكل الصَحبِ ترجوكَ احتياجاً

وأنت لهم هدىً ترجو الصوابا

وأنتَ بكلِّ علمِهمُ عليمٌ

وهم لن يرتقوا مرمى الذُّنابا

فهل مَنْ يدعو للحقِ اتباعاً

أحقُ بأنْ يطاعَ وأن يحابا

بمن لا يهتدي إلا بهدي

فكيف لظالم نحني الرقابا

يكونُ لهُ بأمرِ الناسِ حكمٌ

يسوقُ بهِ لأُمتِنا اضطرابا

تناسوا عقدَ بيعتهم بخُمٍّ

لحيدرةٍ وما صانوا الكتابا

***