يا غدير الولاء

{ صادق جعفر الهلالي }

أصبحت أمسيت مولاً قالها عمرُ

كذاكَ قالَ أبو بكرٍ بهِ إئتمروا

بخبخوا لعليٌّ في الغدير وَقَدْ

دعى الرسولُ بمن غابوا ومَنْ حضروا

ألستُ أولى بكم مِن نفسِكم فغدوا

كلُّ يجيب لقولِ الحقِّ يَنتَصِرُ

إنّي أُخَلِّفُ فيكم مَن يكون لكم

نعمَ الأمير وباسم اللهِ يبتدرُ

اللّهم والي مواليهِ وشيعته

واحببْ محبيه وانصر من له انتصروا

وعادي مَن كان عاداه وشانئه

واجعله والحق إمَّا استفحل الخطرُ

إمامُ عدلٍ هو القرآن لو نطقت

أحكامهُ تتجلّى عندهُ الفِكَرُ

لا تقدموهُ هلاك بعد ذاك لكم

لا تتركوهُ فللخسران تنحدروا

قدْ كانَ سيفاً لدين اللهِ شاهدةٌ

بهِ الفتوحُ وفيهِ النصرُ والظفرُ

***

قد بلَّغ المصطفى حكماً به نزلت

آياته في وداعٍ والملا نظروا

يومٌ بهِ كانَ للإسلامِ قد كملتْ

أحكامهُ واهتدت في نهجِهِ البشر

ونعمةُ اللهِ في إتمامِ دعوتِهِ

وبيعةٌ في رضا الباري بها اعتمروا

وعندها قالها الهادي لأُمتِهِ

أوشكتُ أُدعى ألا بالمرتضى إئتمروا

فأنَّهُ العروةُ الوثقى بها اعتصموا

فلا تضلّوا وفيه المنهل العطرُ

هو الكتابُ إذا احتجتمْ مَحجَّته

هو المبادئُ والآياتُ والسِوَرُ

قد صانَهُ اللهُ عن رجسٍ وعن زللٍ

مطهَّرٌ ونقيٌّ للتقى قمَرُ

وزاهدٌ ورِعٌ جلَّتْ مهابَتُهُ

كلُّ المكارم في ساحاته دررُ

هو الملاذ إذا ما كان سائلهُ

بهِ الأراملُ والأيتام تَبْتَشِرُ

مِنَ الطعامِ بقرصيهِ اكتفى رمقاً

ومن دناهُ بذا طمريهِ يأتزرُ

وللعدالةِ نبراسٌ ومدرسةُ

بها تشادُ صروحُ المجدِ تَنْتَصِرُ

والحقُ أصبحً في أنفاسهِ قبساً

يجلى بهِ الكربُ والأحزانُ والكدرُ

هل في سواه ترى دنياً وآخرةً

بها السعادةُ والخيراتُ والعِبَرُ

ماكان غيرُ أبو السبطين يجمعها

بعد النبيّ خصالاً كلُّها ثمَرُ

فاختارهُ اللهُ بعد المصطفى عَلَماً

لكي يصانُ بهِ الإسلام والسيرُ

***

وما محمدُ إلا في رسالَتهِ

قد كانَ خاتم رسل اللهِ يُعْتَبرُ

إنْ ماتَ أو قُتل المبعوثُ تنقلبوا

أعقابكم لن يضر الله من نكروا

والشاكرينَ سيجزيهم برحمتهِ

أجراً كبيراً وفي رضوانه ظفروا

هذا علي الذي شمس الضحى امتثلت

بردّها لصلاةِ العصرِ تبتَدِرُ

من بعد ما غابَ من إشعاعها لهبٌ

ثُمَّ استعادت مكاناً ريثما حظروا

إنْ أخّروهُ فمقدامٌ لها أبداً

مهما استطالَ هوانٌ أو قَسَتْ غُصُرُ

فهوَ الذي كان نوراً يستضاءُ بهِ

وكلُّ منْ قامَ بالكرار يفتخرُ

للراشدينَ هو الرشدُ اغتدى لهُمُ

فيما دهَتهُمْ خطوبٌ أو عصَتْ فِكَرُ

لا كان ربي أبقاني لِمعضلةٍ

لولا عليٌ مراراً قالها عُمَرُ

كذا لعثمانَ في نُصْحٍ يؤازِرُهُ

وذاكَ نهجٌ تسامى فيضهُ العطرُ

وقولةٌ قالها سعدٌ لسائلهِ

في فَضلهِ وكراماتٌ له كُثرُ

فيهِ الذي هو فينا بل يزيد على

إنَّ الذي فيهِ ما فينا لهُ أثرُ

قد ذابَ في حبِ ذاتِ الله ليؤنسُهُ

وهجُ التقى وهو بالإيمانِ يأتزرُ

قد خصَّهُ الله والهادي محبَّتَهم

إذ كان أولَ مَن صلى ومَن ذكروا

***

عيدُ الغدير لأَحبابِ الإمامِ غدى

نهجاً مع الدهر حتّى الحشر يُدَّخَرُ

إنَّ الولايةَ إيمانٌ وتبصرةٌ

بها تجلَّت معانٍ وازدهت صورُ

عاشَ الوصيُّ وقد حفّت بهِ هِمَمٌ

فيها بعمار والمقداد مُبْتَشَرُ

كذا أبو ذرَّ سلمان يفوز بها

سعياً إلى الخلد في جناتهِ سكرُ

قد عاهدوا الله صدقاً لا رياءَ به

ما بدَّلوا بالرضا دنياً ولا انحدروا

وقد تواصوا بنصر الحق واتزروا

الصبرَ الجميلَ وفي نور الهدى بصروا

ما غيّرتهم ظلاماتٌ ولا بَرُدَتْ

فيهم عزائمُ بل زادوا بما نذروا

هي الكراماتُ في دنياً وآخرةٍ

بحبِّ حيدرَ أهلُ الحقِّ تنتصرُ

 

ألقيت هذه القصيدة في الإحتفال السنوي الذي يقيمه السيد أحمد الواحدي في داره في السيدة زينب – 1419 هـ .