الامتحان والشهادة في الحوزة العلمية

 اعتادت الجامعات العلمية في العالم على اجراء امتحان واختبار على الطلاب ثم اعطاء شهادات تبرز المستوى العلمي لحاملها وتخول صاحبها العمل في المجالات الّتي تخصص فيها.

    ولكن الحوزة العلمية في النجف الأشرف لا تقوم بإجراء امتحان ولا تقديم شهادة علمية إلاّ إذا بلغ الطالب مستوى الاجتهاد وطلب من اُستاذه تزويده بشهادة يثبت للناس وصوله إلى هذه المرحلة العالية من العلم والمعرفة في علم الفقه وعلم الاُصول. وأما قبل هذه المرتبة الشامخة لا نجد امتحاناً ولا شهادة من الحوزة للطالب.

    وليس معنى ذلك أن الحوزة تعيش عالم الفوضى والإهمال واللامبالاة تجاه من يدرس ويجتهد ومن لا يأبه بالدرس والبحث بل ان هناك طرقاً اُخرى لمعرفة المستوى العلمي للطلاب.

    وذلك أن الحوزة العلمية بعد تمتعها بالحرية التامة والانفتاح الكامل على الأساتذة والطلاب تعيش حالة الاستنفار العلمي دائماً حيث يتوجه طلب التدريس لكلّ واحد من الطلاب نحو من هو في مستوى علمي أعلى إذ من المفروض أن الطالب في المستوى الأعلى يدرّس الطلاب الّذين في المستوى الأقل منهم ويجيب على أسئلة كلّ من وجّه نحوه السؤال. فإذا نجح الطالب في الحوزة في التدريس والإجابة على الأسئلة أو ناقش اُستاذه أثناء التدريس برز الطالب في الحوزة وانشدّت الأنظار إليه ولمع اسمه وتألق أكثر في كلّ يوم وشهر وسنة. فمن خلال النشاط العلمي في الحوزة من المناقشة والتدريس والتحقيق والتأليف يتحدّد للعلماء المستوى العلمي الّذي يبلغه الطالب في الدراسات الدينية.

وفي كثير من الأحيان يبلغ الطالب مرحلة الاجتهاد وتعترف باجتهاده الحوزة من دون أن يحمل شهادة الاجتهاد من المراجع الكبار.

وبهذه الطريقة تتعين الحدود وتوضع المستويات العلمية لكلّ طالب.

     نعم قد يريد الطالب مغادرة الحوزة العلمية عائداً إلى بلده أو مدينة اُخرى لتولي المسؤوليات الدينية فيطلب من المراجع الكبار تزويده بشهادة حسن السلوك والوكالة عنهم لاستلام الحقوق الشرعية والتصدي لإمامة صلاة الجماعة وتنظيم أوضاع الناس الدينية ومراجعة المؤمنين إليه وما شابه ذلك، فتقدم المرجعية شهادة فيها تنويه إلى مستواه العلمي الثابت لديها من خلال الحوزة وإشارة إلى عدالته ووثاقته ووكالته من قبل المرجع لتصدي اُمور المسلمين في الشؤون الدينية.

     ومن المعلوم أن مثل هذه الشهادات تختلف حسب اختلاف إيمان الطالب ودرجة علمه وانضباطه وأخلاقه وسلوكه طيلة حياته في النجف الأشرف.