مجلة البيان (1946-1951) صاحبها ومديرها المسؤول علي الخاقاني(4 مجلد)

مجلة البيان (1946-1951) صاحبها ومديرها المسؤول علي الخاقاني(4 مجلد)

مكتبة الروضة الحيدرية 

سلسلة صحافة النجف الاشرف : 5

صاحبها ومديرها المسؤول علي الخاقاني 

تم اعادة تأهيلها وطباعتها بحلتها الجديدة بواقع ( 4 مجلد )

 

مقدمة مكتبة الروضة الحيدرية 

لعبت الصحافة في بداية النهضة الفكرية في البلدان الإسلامية دوراً مهمّاً في بثّ الوعي ونشر الثقافة، ولم تكن مدينة النجف الأشرف ـ السبّاقة في ميادين العلم والمعرفة ـ بمعزل عن هذا المولود الجديد، حيث ظهرت فيها عشرات الصحف والمجلات الثقافية والأدبية والاجتماعية والسياسية، وكانت سمتها الغالبة مواكبة الأحداث العالمية أدباً وسياسةً وثقافةً، فصحافة النجف الأشرف كانت مرآة صافية للنشاط الفكري والثقافي والاجتماعي الذي دار في مختلف أنديتها آنذاك.

وقد بلورت الهموم والآمال التي كان يحملها علماء وأدباء وساسة النجف تجاه الأمة الإسلامية، وتجاه مشاكلها المختلفة: من حلّ شبهة عقائدية، أو إعطاء رؤية سياسية، أو إبداء عواطف جيّاشة نصرة للمسلمين، أو إبداع آراء فكرية، وغيرها من الأمور التي تدلّ على ريادة النجف الأشرف في مختلف الميادين.

ومن أراد الاطلاع على دور النجف الأشرف في النهضة الفكرية الإسلامية المعاصرة لا يتمكن من الإلمام بذلك إلّا عبر الاستعانة بتلك الصحف والمجلات المنشورة آنذاك، وتصفّح أوراقها لاقتطاف ثمارها، سيما ونحن على أبواب عام 2012م حيث تكون النجف العاصمة الثقافية للعالم الإسلامي، ممّا يدعونا إلى الاهتمام بتراث علمائنا وأدبائنا وإحيائه من جديد.

ومن هذا المنطلق، وإحياءً لهذا التراث القيّم الزاخر بالمعلومات المهمّة الكثيرة، وحفاظاً عليه من الضياع ـ إذ أصبح الكثير منها مفقوداً، وقلّما تجد مكتبة في النجف وغيرها تحتوي على كافة الأعداد المنشورة ـ قمنا في مكتبة الروضة الحيدرية بمشروع أرشفة هذه المجلات والصحف الكترونياً، ثم إعادة طباعتها ونشرها من جديد تحت عنوان (سلسلة صحافة النجف الأشرف).

فكان الابتداء بمجلة العلم للعلامة السيد هبة الدين الشهرستاني، نظراً لأهميتها وريادتها على سائر الصحف والمجلات النجفية، سيما وانّ مؤسسها كان رجل العلم والمعرفة والأدب والسياسة.

ثمّ شرعنا بمجلة الاعتدال للمرحوم محمد علي البلاغي (ت1396هـ)، والتي استمرّت لست سنوات، وأثارت نشاطاً ثقافياً في الأوساط العلميـة بأبحاثها المتنوعـة في مختلف حقـول المعرفة (الإسلامية والإنسانية).

ومن بعدها بدأنا بمجلة الدليل لصاحب امتيازها موسى الأسدي ورئيس تحريرها الشيخ عبدالهادي الأسدي رحمة الله عليهما، وهي مجلة شهرية علمية أدبية اجتماعية جامعة.

ثم وقع الاختيار على مجلة النشاط الثقافي لرئيس تحريرها ومسؤولها الشيخ عبدالغني الخضري ومدير تحريرها السيد مرتضى الحكمي رحمهما الله، ولسان حال جمعية التحرير الثقافي في النجف الأشرف.

أما المجلة الخامسة من سلسلة الصحافة النجفية التي وقع الاختيار عليها، مجلة البيان لرئيس تحريرها ومديرها المسؤول علي الخاقاني. وهي مجلة أدبية اجتماعية جامعة تصدر مرّتين في الشهر مؤقتاً وصدرت في أربع سنين.

وقد رسم رئيس تحريرها أهداف المجلة في فاتحة السنة الأولى حيث قال: «نحاول في البيان أن نقوم مع الاعتصام بالله، ومؤازرة الكتّاب والأدباء، بمعالجة ما تعقّد من المشاكل الاجتماعية، ونكشف عمّا انبهم من الآراء، ونوفق بين الدين الصحيح والمدنية السامية، ونوضح كل خاطرة مختلف فيها بجلاء ووضوح، ونستقصي تاريخ بلادنا المحبوبة من كافة نواحيه، ونعتني عناية خاصة ببعث مآثر الأجداد وإحياء آثارهم، بإيصال تاريخنا الأدبي والسياسي من سقوط الدولة العباسية حتى عصرنا الحاضر، ونزيل الحجب الكثيفة عن القرون المظلمة وما حدث في خلالها من الحروب والأهوال التي هلكت فيها أمم وأمم، ونقدّم لقرّائنا مجموعة من النوادر المخطوطة والمؤلفات القيمة التي أيس قراء المكتبة العربية من وجودها وبقائها».

وقد تفأل الشيخ عبد الكريم الزنجاني 1 خيراً باسم المجلة، حيث ذكر في مقال أرسله للمرحوم الخاقاني وقد نشره في العدد الأول: «ولقد أجاد الاستاذ البارع الخاقاني في اختياره لفظ (البيان) اسماً لصحيفته الغرّاء، لكي ينمّ هذا الاسم عن أهدافها الجليلة التي هي العلم والأدب والاجتماع والتوفيق بين الدين والعلم. ورجائي أن تصبح صحيفة (البيان) مجالاً لفحول الأقلام، ومسرحاً للآراء الناضجة، وأكبر عامل لاعداد ثقافة علمية أدبية دينية إصلاحية، دعامتها القرآن، وأساسها العلم، وغايتها نشر الحقائق الراهنة، واستنقاذ الشباب مما أصابهم من الوهن والفتنة».

وقد وفقت المجلة إلى حد كبير في إنجاز أهدافها، فأخذت طابعاً دولياً، ووصلت إلى مصر ولبنان وسوريا والكويت والبحرين وغيرها من الدول العربية كما أصبحت منبراً للشعراء والأدباء نساءً ورجالاً.

صدر عددها الأول في (1) شعبان 1365 هـ ، 29 حزيران 1946م وانتهت في سنتها الرابعة وبعددها المزدوج (84 – 85) في 15 حزيران 1951م الخاص بالشيخ محمد رضا آل ياسين.

 شكر وتقدير:

إنّ من المستحيل أن تنجز الأعمال والمشاريع الكبيرة بجهود فردية، بل لابدّ من التعاون والتكاتف لإنجازها، ونحن بدورنا نشكر ونقدّر جميع الجهود التي بذلت لإنجاز هذا المشروع، وهم كلّ من:

1 ـ الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة المهندس السيد مهدي الحسيني، والسادة أعضاء مجلس الإدارة.

2 ـ العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم حيث تفضل مشكوراً بنبذة موجزة عن المجلة وصاحبها.

3 ـ أصحاب المكتبات الخاصة والعامة وهم كل من: السيد الدكتور سلمان آل طعمة حيث تفضل بالمجلة من مكتبته الخاصة، كما استعنّا لسدّ بعض النواقص بمكتبة الإمام كاشف الغطاء العامة للشيخ شريف كاشف الغطاء، ومكتبة السيد باقر شبر، ومكتبة الدكتور كامل سلمان الجبوري، والشيخ صادق الصغير.

4 ـ الكادر العامل في المكتبة حيث قاموا بعملية التصوير والتنظيف والإعداد الكامل لها، وهم كل من: نصير شكر، علي لفته كريم، مهند الخفاجي، نذير هندي فيروز، السيد هاشم بحر، السيد هاشم محمد نجف.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة على رسوله وآله الأطيبين الطاهرين.

مقدمة السيد محمد بحرالعلوم (قدس سره)

 

       الأستاذ المرحوم علي الخاقاني

رجل عصامي تدرّج في مستهل حياته بمسقط رأسه النجف الأشرف حيث ولد فيها عام 1330 هـ ، ونشأ في دراسته الحوزوية على أساتذة وفضلاء عُرفوا في الدروس والتحصيل الحوزوي، ولم يتابع خطه في الحوزة العلمية إلى بقية الشوط في جامعة النجف العلمية، بل توجه إلى الخط الأدبي، وبدأ بنسخ الكتب، فنسخ كتباً عديدة متنوعة، فقال عن سبب هذا التوجه:

«وبعد أن فرغت من قراءة حاشية ملا عبد الله([1]) شعرت أن الإنسان الذي يريد أن يحتل مكانته في وسطه لابدّ أن يتميز بميزة تجعله مرموقاً بين أخدانه فاتجهت إلى نسخ مجموعة من الكتب النادرة ما بين 1346 هـ إلى 1376 هـ كما ضبطتها في آخر مخطوطاتي التي كتبت خلال هذه الفترة». وأضاف في المصدر نفسه أن بعض تلك الكتب حققها وطبعها، بالإضافة إلى ذلك أنه اشتغل في التأليف وذكر قائمة بمؤلفاته التي بلغت 46 مؤلفاً. وفي مقدمة تلكم المؤلفات التي ألفها موسوعته عن «شعراء الغري» والتي تقع بـ 12 مجلداً طبعت مرتين.

ولقد دللت مؤلفاته التي طبعها على قدرة وصبر كبيرين على تحقيق ما يهدف إليه والتزام في أي عمل يقوم به سواء أكان أدبياً أو غيره بما يُعلي من شأنه، بحيث يقضي في مواصلة عمله ساعات طويلة من ليله ونهاره ليحقق هدفه فيما يريد إصداره، وخاصة في المجالات التي يخطها لنفسه حسب إمكاناته، وقد سبب له هذا الاهتمام البالغ مشاكل كثيرة من جهات عديدة من أبرزها من الرعيل الأول من مؤسسي جمعية الرابطة الأدبية، وخاصة المرحوم العلامة الخطيب الكبير الشيخ محمد علي اليعقوبي عميدها وشيخ شعراء النجف في عهده.

ولعل من أبرز نتاجه الأدبي موسوعته عن «شعراء الغري» وقد سبب له هذا الاهتمام البالغ في تتبع المعلومات عن شعراء الغري الكثير من المشاكل والأتعاب، وقد نقل الأستاذ محمد حسين المحتصر ـ الذي رافقه في أكثر اسفاره في العراق وخارجه لأجل تتبع الشعراء الذين نُسبوا إلى النجف أصالة أو دراسة ـ بأنه كان يقضي أكثر يومه في نسخ أو متابعة تراجم من عدّهم في موسوعته «شعراء الغري».

ولم يكتف بذلك بل انتقل إلى محيط آخر في شوطه الأدبي حيث حصل على امتياز إصدار مجلة في النجف أسماها «البيان» وكان ذلك في عام 1947م، وتحدث عنها بعض الأدباء، بأنه: جعل منها منبراً حراً يتبارى فيه الكتّاب المجددون، وميداناً يتسابق في حلبته الأدباء الأحرار. وظلت مجلة البيان على هذه المنوال لاربع سنين متصلة.

إن اللجنة المشرفة على «المكتبة العلوية المقدسة في النجف الأشرف» أخذت على عاتقها الاهتمام بالتراث الأدبي والاجتماعي النجفي خاصة، وان من جملة ذلك التراث الحضاري هو: «المجلات» التي صدرت في النجف خلال القرن الماضي الميلادي لما فيها من ذكر لأحداث النجف الوطنية، وعلمائها وأدبائها وشخصياتها السياسية والاجتماعية في ذلك العهد.

وقد دخلت مجلة «البيان» لصاحبها المرحوم الأستاذ علي الخاقاني ضمن مشروع «مكتبة العتبة العلوية المقدسة» بعد أن قرر المشرفون عليها إعادة طبعها. وهي المجلة الخامسة التي أعيد طبعها، فقد سبق أن أعادوا طبع مجلة «العلم» التي أصدرها المرحوم المجاهد آية الله السيد هبة الدين الشهرستاني لسنتين 1328 – 1329 هـ ومجلة الاعتدال للمرحوم محمد علي البلاغي، ومجلة الدليل للمرحوم الشيخ الأسدي، وبعدها مجلة النشاط الثقافي للمرحوم الخضري لسان حال جمعية التحرير الثقافي، وقد أضفت هذه المجلات بطباعتها الجديدة للمكتبة النجفية تراثاً يستحق التقدير والاعجاب.

وليس لنا إلا أن نشكر الأخوة الفضلاء أعضاء اللجنة المشرفة في مقدمتهم سيادة أمين العتبة المقدسة الأستاذ السيد مهدي الحسيني على اهتمامهم الكبير بإبراز مشروع المكتبة كمظهر ثقافي مفيد تعيشه النجف في عصر التنوير، مبتهلاً إلى العلي القدير أن يسدد خطاهم جميعاً لما فيه خدمة مدينة العلم والأدب (النجف الأشرف)، وتراثها الحضاري، ويزيد من نشاط كادر العتبة العلوية المقدسة بما يُعلي صرحها الشامخ المطهر وهو ولي التوفيق.

­­­­

د. السيد محمد بحر العلوم

النجف الأشرف

29 / 3 / 2010م

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

[1]- حاشية ملا عبد الله من الكتب المعدة في الدروس المنطقية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف للمرحلة الأولى لطالب العلم.