القصور

اشتهرت منطقة النجف بكثرة القصور والقلاع كما ذكرنا وأصبح لها طراز خاص يعرف بالطراز الحيري(67) ، لما تتمتع به من موقع جغرافي ومناخ معتدل ، وتربة حسنة وعذوبة الهواء، حيث أصبح يقصدها الناس على أختلاف طبقاتهم للتنزه والراحة والإستجمام(68) ، ومن هذه القصور: 

1- قصر الأبيض :

وهو أحد قصور الحيرة(69) ، ويعرف أيضاً بأبيض النعمان(70) ، ويقع هذا القصر في منطقة النجف، حيث يذكر إبن الفقيه أنه ((في طرف الحيرة))(71) إلا أن الطبري كان أكثر دقة بتحديد موقع هذا القصر بقوله ((أن خالد بن الوليد عسكر بين الغريين والقصر الأبيض))(72) ، وهذا النص الذي ذكره الطبري أعطانا دلالة واضحة على أن القصر الأبيض قرب الغريين من جهة النجف.

2- قصر بني بقيلة :

وهو أحد قصور الحيرة، الذي ينسب لعبد المسيح الغساني(73) ، وقد بقي هذا القصر ماثلاً للوجود حتى أواخر القرن الرابع الهجري، وذلك حسبما ذكره الشابشتي المتوفى عام 388هـ ، أن هذا القصر وقصور أخرى كانت باقية إلى عصره(74) .

3- قصر الخورنق (75) :

وهو من أهم القصور التي عرفت بها منطقة النجف وأبعدها صيتاً، وقد نسجت الكثير من القصص والأساطير حول سبب بناء هذا القصر وبانيه.
ويقع قصر الخورنق حسبما ذكر الجغرافيون والمؤرخون في منطقة الظهر ((ظهر الحيرة – ظهر الكوفة))(76) ، لكن هناك إشارات تقرب الخورنق من أرض النجف، حيث يقول اليعقوبي ((والخورنق بالقرب منها – النجف – مما يلي الشرق وبينه وبين الحيرة ثلاثة أميال))(77) .
وقد أجرت الهيئة العامة للآثار والتراث عام 1947م سلسلة من الحفائر في تل الخورنق وقد لاحظت بعض بقاياه(78) .

4- قصر السدير(79) :

ويقع بالقرب من قصر الخورنق وهو أيضاً من قصور النجف المهمة وينسب بناء هذا القصر إلى النعمان بن أمرىء القيس ((403 – 430م))(80) ، وهناك قصور أخرى ينسب بناؤها إلى أمرىء القيس بن النعمان بن أمرىء القيس(81) وهي قصر العذيب والضجر وهي واقعة أيضاً في منطقة النجف(82) .
وهذه هي أهم القصور التي كانت تحيط بمنطقة النجف حيث كانت تمثل الوجه الحضاري لها وأضفت لها بعداً تاريخياً، أضف إلى ذلك كانت هناك بعض المباني الأخرى التي كانت تحيط بمنطقة النجف ومنها (دوحة الحيرة) وقد أسماها البكري بـ((دوحة الكوفة)) وقال ((هي النجف بعينه))(83) .

 

-----------------------------------الهوامش----------------------------------
(67) موسى، خالد، الحياة الإجتماعية في الحيرة في عهد دولة المناذرة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 1996م، ص63.
(68) الأميني، محمد هادي، موقع النجف الطبيعي والديارات القائمة فيه قبل الإسلام، بحث مستل من موسوعة النجف الأشرف، ط1، دار الأضواء، بيروت، 1993م، ص25.
(69) الحموي، معجم البلدان، ج4، ص354. البغدادي، صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق (ت 739هـ) ، مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، تحقيق وتعليق علي محمد البجاوي، مطبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1374هـ، ج3، ص1096.
(70) المصدر نفسه، ج3، ص1201.
(71) إبن الفقيه، أحمد بن محمد (ت 340هـ) ، مختصر كتاب البلدان، طبع لندن، 1302هـ، ص183.
(72)الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج3، ص360.
(73) الشابشتي، الديارات ، ص238 – 239.
(74) المصدر نفسه، ص241.
(75) يذهب بعض المفسرين واللغويين إلى أن لفظ (الخورنق) معرب من اللفظ الفارسي الذي أصله (خرنكاه أو خرنقاه) ويعني موضع الأكل والشرب. البكري ، معجم ما استعجم، ج2، ص516، أبو منصور،موهوب بن أحمد (ت 540هـ) الألفاظ الفارسية المعربة، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1908م) ص86.
(76) إبن الفقيه، مختصر كتاب البلدان ص176، البكري،معجم ما أستعجم، ج2، ص515. 
(77) اليعقوبي، أحمد بن واضح (ت 284هـ) ، تاريخ اليعقوبي،دار صادر، بيروت، 1960م، ص209.
(78) الجنابي، كاظم، تخطيط مدينة الكوفة، مطابع دار الجمهورية، بغداد، 1967م، ص21.
(79) هناك عدة معاني للفظة السدير، منها أنه سمي بالسدير لكثر سواده وشجره, الحموي – معجم البلدان ، ج3، ص201.
(80) الحموي، معجم البلدان، ج3، ص201، أبو الفداء، أسماعيل بن محمد (ت 732 هـ)، المختصر في أخبار البشر، دار الطباعة السلطانية، بيروت، 1988 م، ج 1 ، ص 88.
(81) شيخو، لويس، مجاني الأدب، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1954م، ج3، ص308.
(82) المصدر نفسه، ج7، ص509.
(83) البكري، معجم ما أستعجم، ج2، ص566.