آية الله العظمى السيد حسين البروجردي ( قدس سره الشريف )

 

 

الولادة والنسب

ولد السيد حسين البروجردي في صفر سنة 1292هـ ق في مدينة بروجرد الإيرانية. أبوه السيد علي الطباطبائي، وكان من علماء بروجرد، وأمه السيدة آغا بيكم، بنت السيد محمد علي الطباطبائي. يتصل نسبه بالإمام الحسن بن علي (ع) بعد 30 أو 32 واسطة.

دراسته

التحق السيد حسين البروجردي بالمكتب (محل الدراسة التقليدية آنذاك) في سن السابعة. وعندما شاهد والده ذكاءه وتفوّقه، أرسله إلى حوزة نور بخش العلمية في بروجرد. ثم انتقل في سنة 1310هـ ق إلى أصفهان للاستمرار في الدراسة وحضر درس الحاجالسيد محمد باقر درجه أي، والميرزا أبو المعالي كلباسي والسيد محمد تقي المدرس. كما حضر درس الفلسفة عند الآخوند الكاشي وجهانكير خان قشقايي.

دراسته في النجف

وبعد أربع سنوات من الدراسة في النجف الأشرف ترك السيد حسين البروجردي الذي بلغ آنذاك السابعة والعشرين بروجرد وتوجه إلى النجف الأشرف حيث حضر درس الآخوند الخراساني وانتهل من علومه مدة تسع سنين. ومن أساتذته في النجف السيد كاظم اليزدي وشيخ الشريعة الأصفهاني.

إقامته في النجف الأشرف

همّ السيد الطباطبائي ترك مدينة بروجرد بعد تعيّين شخص بهائي كمعاون لمدير قسم النفوس بمدينة بروجرد، وكذا قيام النظام باطلاق مراسم حضرتها نساء عاريات جالت شوارع المدينة سنة 1354 هـ ق، وما أن وصلت هذه الأنباء إلى مسامع آية الله السيد البروجردي حتى عزم على ترك المدينة والرحيل إلى العتبات المقدسة في العراق اعتراضاً على هذا السلوك المهين، لكن قائم مقام بروجرد عمد ألى عزل مدير قسم النفوس وذلك لإرضاء السيد البروجردي، إلّا أن هذا القرار لم يقتنع سماحته فغادر بروجرد متوجها إلى النجف الأشرف التي اتخذها مقراً جديداً له بعد عدة أشهر من تمادي النظام واستمراره في ارتكاب الموبقات المخالفة للشرع، وعدم وجود تغيير حقيقي لدى المسؤلين.

عيّن السيد البروجردي والشيخ أحمد الشاهرودي كممثلَين لعلماء النجف الأشرف، حين قرّروا الإنضمام الى علماء قم وإيصال اعتراضهم إلى مسامع رضاخان، لتاييد علماء قم الذين تحصّنوا اعتراضاً على جرائمه وسلوكه المشين في التعامل مع العلماء. بيد أن موظّفي الشاه قبضوا على هذين العالمين في قصر شيرين ونقلوهما إلى طهران. وعندما جاء رضاخان لزيارة السيد البروجردي سعى سماحته في نصيحته لكنه أعلن عن عزمه السفر إلى مدينة مشهد المقدسة.

إقامته في مشهد

توجّه السيد البروجردي إلى مشهد مباشرة بعد أن قبض عليه في مدينة قصر شيرين ونقله إلى طهران، ليقيم في هذه المدينة المقدسة ثمانية أشهر، وفي تلك الفترة كان يواظب على إقامة صلاة المغرب والعشاء جماعة في مسجد جوهرشاد، بطلب من آية الله محمد الكفائي (ابن الآخوند الخراساني) وآية الله السيد حسين الطباطبائي القمي.

عزم السيد البروجردي بعد ثمانية أشهر من إقامته في مشهد على الرجوع إلى بروجرد، فتوقّف في طريق عودته في قم، فطلب منه الشيخ عبد الكريم الحائري، أن يبقى في قم للتدريس.

رجوعه إلى بروجرد

ساهم إصرار البروجرديين على عودة سماحته إلى هذه المدينة في أن يعود إلى مسقط رأسه من جديد ليستمر في مجال التعليم والتبليغ.

سنة 1364هـ ق غادر السيد حسين البروجردي بروجرد متوجها صوب طهران للعلاج، حينها طلب منه جمع من أبرز فقهاء الحوزة العلمية في قم وخصوصاً الإمام الخميني أن يستقرّ في قم ويتحمل أعباء المرجعية العامة وإدارة الحوزة العلمية بهذه المدينة.

إقامته في قم

وصل السيد البروجردي قم يوم 26 صفر 1364هـ ق فحضر درسه مجموعة من العلماء من قبيل الإمام الخميني، والسيد المحقق الداماد، ومرتضى الحائري بصحبة تلاميذهم، ليبيّنوا لهم مدى أهمية دروسه وليشجعوهم على الحضور في تلك الدروس.

كما تنازل السيد صدر الدين الصدر الذي كان يقيم صلاة الجماعة في حرم السيدة المعصومة (س)، عن إقامة صلاة الجماعة لصالح السيد البروجردي، ومنح السيد محمد الحجة، مكان تدريسه إليه، وحضر السيد محمد تقي الخوانساري درسه من باب احترامه.

المرجعية

رغم أن الكثير من الناس وعدّة من العلماء، كانوا يعتبرون السيد البروجردي مرجعهم في التقليد، وهو في بروجرد، بيد أن الدورة الأولى لمرجعيته وبشكل رسمي بدأت بعد نشر رسالته العلمية. فأرجع عندها بعض المراجع الآخرين مقلديهم إليه لمعرفتهم به.

بعد إقامة السيد البروجردي في قم بسنة واحدة وبعد وفاة آية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني، انتقل أكثر مقلديه إلى السيد البروجردي. وبعد وفاة آية الله السيد حسين الطباطبائي القمي، أضحى السيد البروجردي، المرجع الوحيد للشيعة في العالم.

خصائصه الأخلاقية

الإخلاص: لقد اعتقد بالله وآمن به بكل وجوده، وحينما كان البعض يتحدث عن ما قدمه من خدمات كان يقول: «خلّص العمل فإن الناقد بصير» (وردت هذه العبارة ضمن حديث قدسي.

اشتياقه لطلب العلم: لم يترك طلب العلم والمعرفة حتى آخر لحظة من عمره الشريف. وقد نقل عنه قوله: «أنا لا أتعب من المطالعة، بل تكمن استراحتي من بقية الأعمال بالترويح في المطالعة».

سعة الصدر: امتاز بقدرته على ضبط نفسه والسيطرة عليها، فلقد كان يقابل جفاء المخالفين بشرح صدر عجيب ويُغظي عن زلّاتهم، وهذه من العوامل البالغة الأهمية وشديدة التأثير في منهجية رئاسته الكاملة وتنظيمها من غير منازع.

اهتمامه بمظاهر الدين: عندما علم في أواخر أيام عمره بأن البروفسور موريس المتخصص بالأمراض القلبية قد وصل إلى قم المقدسة قادما من باريس لمعالجته، لم يسمح له بالدخول أولاً وطلب من مرافقيه أن يعدوا الغرفة ويُعطوه مشطاً ليرتّب لحيته، وعندما قيل له، لا بأس في ذلك لأن حالك ليست على ما يرام، قال: «أنا الآن زعيم المسلمين، لذلك ينبغي أن لا أكون بحالة غير لائقة أمام شخص أجنبي».

مواجهة الخرافة: لم يخش لومة اللائمين في مواجهة الأفكار والسلوك المنافي للشريعة خصوصا فيما يتعلق بشعائر عزاء الإمام الحسين (ع) فوقف بوجهها مرشدا ومغيرا حين ترك الآخرون مواجهتها، ولم يخش في ذلك أحداً.

كظم الغيظ: لقد عاهد السيد البروجردي نفسه أن يصوم سنة كاملة، فيما لو غضب على أمور دنيوية وقد غضب مرة، فصام سنة كاملة متوالية (عدا الأيام التي يحرم فيها الصوم).

تمنيه الشهادة: نقل سماحة آية الله محمد رضا الكلبایكاني عن السيد البروجردي أنه كان يأسف كثيراً لأنه لم يوفق لنيل الشهادة في سبيل الله رغم توفر الأرضية لذلك.

الرؤية الثاقبة: نقل عن الشهيد المطهري قوله: «من المزايا البارزة للسيد البروجردي والدالّة على فكره المتنوّر، رغبته بتأسيس المدارس الإبتدائية والثانوية الجديدة التي تدار من قبل مسؤولين متدينين، تساهم في تعليم الطالب العلوم التجريبية والدينية معاً. فلم يكن السيد يبحث عن تديّن الناس من خلال الجهل وعدم الثقافة وعدم الوعي، بل كان يعتقد أن الناس لو درسوا وتعلموا فسيصلهم الدين بشكل صحيح ومعقول، حينها سيحصلون على العلم والدين معاً. وبحسب علمي، إنه قد أجاز بصرف مبالغ كثيرة من الخمس وسهم الإمام (ع) لتأسيس بعض الثانويات».

خصائصه العلمية

الإجازات

لقد حاز على إجازة الاجتهاد من الآخوند الخراساني، وشيخ الشريعة الأصفهاني والسيد أبو القاسم الدهكردي.

وقد أجازه في الرواية كلاً من الآخوند الخراساني، وشيخ الشريعة الأصفهاني، والشيخ محمد تقي الأصفهاني المعروف بـآقا نجفي أصفهاني، والسيد أبو القاسم الدهكردي الأصفهاني، وآقا بزرك الطهراني وعلم الهدى الملايري.

اسلوب تدريسه

كان يتخذ في تدريس علم الأصول، الأسلوب المبسط، وقصر المطالب، وتجنب المباحث الزائدة.

لقد امتاز السيد البروجردي بالشمولية في كافة العلوم الإسلامية، كعلماء السلف أمثال الشيخ المفيد، والسيد المرتضى، والشيخ الطوسي، والشيخ الطبرسي، والعلامة بحر العلوم.

لقد كان له في علم الرجال أسلوب فريد، فقد كان يغرز أسانيد الأحاديث من كتب الكافي، والتهذيب، والاستبصار و... من النصوص الروائية، ويقرأها بدقة، وبذلك قد أفاد المحققين بإنجازات عظيمة.

آثاره العلمية

الكتب العربية

  • ترتيب أسانيد من لا يحضره الفقيه
  • ترتيب رجال أسانيد من لايحضره الفقيه
  • ترتيب أسانيد امالي الصدوق
  • ترتيب أسانيد الخصال
  • ترتيب أسانيد علل الشرايع
  • ترتيب أسانيد تهذيب الأحكام
  • ترتيب رجال أسانيد التهذيب
  • ترتيب أسانيد ثواب الأعمال وعقاب الأعمال
  • ترتيب أسانيد عدة كتب
  • ترتيب رجال الطوسي
  • ترتيب أسانيد رجال الكشي
  • ترتيب أسانيد رجال النجاشي
  • ترتيب رجال الفهرستين
  • بيوت الشيعة
  • حاشية على رجال النجاشي
  • حاشية على عمدة الطالب في أنساب آل ابي طالب
  • حاشية على منهج المقال
  • حاشية على وسائل الشيعة
  • جامع أحاديث الشيعة (31 جلد)
  • المهدي (عليه السلام) في كتب أهل السنة

الآثار المنظومة

  • حاشية على مجمع المسائل
  • صراط النجاة
  • مجمع الفروع
  • حاشية على تبصرة المتعلمين
  • أنيس المقلّدين

الكتب الفارسية

  • توضيح المناسك
  • توضيح المسائل
  • مناسك الحج

تلامذته

ومن تلامذته:

1. الامام الخميني

2. السيد الكبايكاني

3. الشيخ المنتظري

4. السيد السيستاني

5. الشيخ الصافي الكبايكاني

6. الشيخ فاضل اللنكراني

7. الشيخ المكارم الشيرازي

8. السيد الشبيري الزنجاني

نشاطاته الإجتماعية

دفاعه عن المحرومين:

ارتفعت أسعار المؤن والمواد الغذائية في السنين الأخيرة من تواجده في بروجرد بسبب الحرب العالمية الثانية وبات الناس على إثرها في أزمة شديدة، ولهذا دعا السيد أعيان المدينة إلى بيته وحرضهم على مساعدة المساكين وقد خصّص هو للفقراء مساعدة مالية كبيرة من أمواله الشخصية ومما ورثه من أبيه. تجديد حياة الحوزة العلمية في بروجرد

تأسيس مولّدة كهرباء: كانت مدينة بروجرد تفتقد إلى التيار الكهربائي في زمن السيد البروجردي يوم كان مقيما فيها، لكنها نعمت بالكهرباء، بفضل وعي السيد وإدارته وتتبعه للموضوع، وكذا دعم بعض الخيرين المتدينين.

الاتساع الكيفي والكمي للحوزة العلمية في قم: لقد ظهر في الحوزة العلمية في قم تحول سياسي واجتماعي في مجال التأليف، والتصنيف، والترجمة، والطباعة للكتب الفقهية و... وكذلك في إدارة الحوزة العلمية وتنظيمها كل ذلك بفضل وجود السيد البروجردي وإدارته.

إيفاد المبلغين: اهتم السيد البروجردي بإرسال المبلغين بين أوساط الناس لتثبيت الدين، بهدف إحباط الجهود المبذولة آنذاك لتخلي علماء الدين وانزوائهم أولاً، وكذا لحضورهم بين عامة الناس في المجتمع، ليتعرف الناس على تكاليفهم الدينية والعقائدية. لقد أولى السيد اهتماما بالغا بإرسال المبلغين إلى خارج إيران فضلاً عن داخلها وذلك لنشر المعارف الإسلامية والإمامية في أنحاء العالم، فكان يرسل الوكلاء الذين ينوبون عنه إلى البلدان المختلفة.

إصدار المجلات والكتب الدينية والإسلامية: دعم السيد البروجردي مجموعة من المجلات الحوزوية التي تبناها بعض الفضلاء والمثقفين المتنوّرين، كمجلة مكتب إسلام[مدرسة الإسلام].

إحداث المنشآت الضخمة ذات الطابع الديني والعلمي منها: المسجد الأعظم في قم، مدرسة علمية ومستشفى ومكتبة لأحد المدراس في النجف الأشرف، مدرسة علمية في كربلاء، مسجد في بغداد، حسينية وحمام في سامراء، مدرسة في كرمنشاه، مسجد طرابلسالكبير في لبنان، أربعة مساجد كبيرة في أفريقيا، مقبرة وادي السلام في قم، مدرسة آية الله البروجردي في قم، مستشفى في قم، مسجد ومركز إسلامي في هامبورغ في ألمانيا، مكتبة مدرسة في كرمنشاه و... .

نشاطاته السياسية

وقف السيد البروجردي موقفا شجاعا في معارضة سلوك السلطة المشين سنة 1345هـ ق حينما عين مدير النفوس في مدينة بروجرد شخصا ينتمي الى المذهب البهائي كنائب له، وكذا في مواجهة ظاهرة حضور النساء العاريات في مراسم عامة بشوارع بروجرد فترك سماحته مدينة بروجرد اعتراضا على ذلك واستقر في النجف الأشرف بعد شهور من تلك الحادثة إذ علم أن السلطة مستمرة في غيها.

كما مثل السيد البروجردي ومعه الشيخ أحمد الشاهرودي علماء النجف الأشرف، حين قرّروا الانضمام الى علماء قم وإيصال اعتراضهم إلى مسامع رضاخان، لتاييد علماء قم الذين تحصّنوا اعتراضاً على جرائمه وسلوكه المشين في التعامل مع العلماء. بيد أن موظّفي الشاه قبضوا على هذين العالمين في قصر شيرين ونقلوهما إلى طهران. وعندما جاء رضاخان لزيارة السيد البروجردي سعى سماحته في نصيحته وفي نفس الوقت أعلن سماحته عن عزمه السفر إلى مدينة مشهد المقدسة.

ومن مواقفه السياسية الأخرى لقاءاته آية الله السيد أبي القاسم الكاشاني وتأييده له، وهي بطبيعة الحال تدل على مشروعية نشاط الكاشاني في تعاطيه السياسة دفاعاً عن الدين.

ومن مواقفه الأخرى مواجهته مشروع احتلال القدس من قبل الصهاينة، فقد أصدر في سنة 1327 هـ ش بيانا أدان فيه الصهاينة غاصبي فلسطين وقد ذكر فيها المجاهدين الفلسطينيين بكل احترام ودعا لهم بالنصر.

ويرى آية الله الشيخ فاضل لنكراني: أن لجهود ومساعي السيد البروجردي الأثر في تهيئة الأرضية المناسبة لحدوث الثورة الإسلامية، لأنه ساهم في تطوير الحوزة العلمية في قم، لذلك كان جهاد الإمام الخميني وجهوده مثمرة في ظل تمتع الحوزة العلمية بهكذا شخصية.

عقب إعلان الدولة، إجراء لائحة التعليم الإلزامي من المرحلة الابتدائية، طلب السيد البروجردي إدراج درس التعاليم الدينية في هذه المرحلة وعيّن الشيخ الفلسفي من قبله للتفاوض مع الدولة.

بعد محاولة النظام البهلوي استغلال بعض العادات والتقاليد الجاهلية في إيران- من قبيل مراسم الأربعاء الأخيرة من السنة الهجرية الشمسية- استرعاء انتباه الناس للطقوس الزرادشتية [المجوسية] عمد السيد البروجردي إلى إرسال رسالة إلى الشاه بيد مجموعة من رجال الدين حذّره فيها من هذا السلوك المشين، وقد جاء فيها: ... «أنت ملك وحاكم دولة إسلامية، فلو همّ ملكنا أن يميل إلى عبادة النار فستبدأ مواجهة بنفس الطريقة التي بدأت في صدر الإسلام لمواجهة عبدة النيران».

الوفاة

رحل السيد البروجردي عن الدنيا في الـ 13 من شوال 1380هـ ق المصادف 30/ 3/ 1961م وشيّع جثمانه المبارك ثم صلى عليه ابنه السيد محمد حسن الطباطبائي البروجردي بإيعاز من آية الله البهبهاني، ثم دفن في مسجد "بالاسر" عند حرم السيدة المعصومة(س) في مدخل المسجد الأعظم.

وأثر وفاة السيد البروجردي، عبّر سفراء وممثلوا الدول الإسلامية عن مواساتهم لهذا الحدث الجلل، وقد نكّست سفارات وقنصليات بعض الدول الأجنبية كالاتحاد السوفيتي وأمريكا وإنجلترا أعلامها إعلاناً للعزاء.