المهرجان الأكبر

{ محمدحسين الصغير }

أعدَّت للمهرجان العالمي السادس الذي أقيم في كربلاء المقدّسة احتفاءً بميلاد أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) بتاريخ 13/ 7/ 1384 هـ، الموافق كانون الثاني 1964م، وقد طلب إليه عرضها على لجنة الاحتفال، فأبى ذلك وانْسحبَ احْتجاجاً، ولمْ يُلقها.

في القصيدة صورة لمآسي الحياة السياسية في العراق، وقد حذف منها بعض الأبيات الصارخة.

 

مَوْلايَ هذا المَهْرجانُ الأكْبَرُ

ولأنْتَ أعْظَمُ، والمكانةُ أوْقَرُ

***

ولأنْتَ مِنْ عَلْياكَ في إشْرَاقَةٍ

ظُلَمُ الحَياةِ بضَوْئِها تَتَنَوَّرُ

***

ما إنْ تَزَالُ كأمْسِ مِنْكَ عَقيدةٌ

فيه الشُّعُوبُ كريمةً تَتحرَّرُ

***

تَسْتَلْهِمَ المُثُلَ الصِّحاح، وتَبْتَني

القيمَ الفساح، وتَصطَفي وتقدِّرُ

***

سَرَتْ القُرُونُ برَكْبِها، وتطاولَتْ

بخطُوبِها حِقَبٌ، وقامَتْ أعْصُرُ

***

شَرَفانِ يَزْدَهِرانِ ما بقيَ المَدَى

وانْشَقَّ عَنْ لَيْلٍ صَباحٌ مُسْفِرُ

***

شَرَفُ العَقيدَةِ، يقتفي آثارُها

شَعْبٌ، ويُسْندُها العَديدُ الأكْثرُ

***

وهُدَى الإمامةِ مُسْتَطيلاً تَنْحَني

هامُ الطُغاةِ أمامَهُ وتُعَفَّرُ

***

إيهٍ أميرُ المؤمنينَ وهذهِ

عُقباكَ تَطْفحُ بالخُلُودِ وتَزْخَرُ

***

للهِ دَرُّكَ، أيُّ مَجْدٍ شامخٍ

تَطْوي الحَياةُ بهِ، ومَجْدُكَ يُنْشَرُ

***

يَتَرقَّبُ التاريخُ في خَطَواتِهِ

فيقيمُ جانبَ ضَعْفِهِ ويُسيّرُ

***

ويُواكِبُ الأحْداثَ في أزَماتِها

ويَغُذُّ ميْمُونَ الخطا يَتَبَخْتَرُ

***

وتَلُوحُ مِنْ كَفَّيْهِ – تَصْطَنعُ السَّنا

للسائرين – مَشاعِلُ تَتَسَعَّرُ

***

تَهْدي الطريقَ التائهينَ، وزيْتُها

فِكَرٌ مُقدَّسةٌ، وذهْنٌ نيِّرُ

***

هاتيكَ فلْسَفةُ الخُلُودِ وشأنُها

إبْداعُ ما فيهِ نَحسُّ ونَشْعُرُ

***

ولرُبَّ فلْسفةٍ تحاولُ نَهْجَها

أمَمٌ، فَيُثْنَى شَوْطُها ويُقصِّرُ

***

أسْدَيْتَ أيَّ يدٍ سيُشْكُرُ صُنْعُها

الخلاقَ هذا العالمُ المُتحضِّرُ

***

فشُعاعُها مُتَنَوِّرٌ، وتُرَاثُها

مُتَطَوِّرٌ، ونظامُها مُتحرِّرُ

***

وإذا تفاخرتِ الشَّرائعُ في فتىً

خَلقتْ، فمعجِزةُ الشَّريعةِ (حَيْدرُ)

***

يا أيُّها الزُّعماءُ إنَّ سُكُوتَكُمْ

عَنْ وضْعِنا مِنْهُ أشَدُّ وأخْطَرُ

***

إنْ كانَ سِرَّكُمُ السُّكوتَ فإنَّني

لأخافَ عاقبةَ السُّكوتِ وأحْذَرُ

***

أخْشَى بأنْ يَنْفَضَّ عَنْ نَدَواتِكُمْ

جِيلٌ، ويَرْفُضَكُمْ شَبابٌ خَيِّرُ

***

أيْنَ الجهادُ الحُرُّ؟ يا أرْبابَهُ

أيْنَ الحُفاظ المُرُّ؟، أيْنَ المُنْكِرُ

***

فالوضْعُ يخْطُرُ بالفَناءِ جُمُوعَنا

ويهدَّدُ المُسْتضعفين ويُنْذِرُ

***

وضْعٌ تَضُّجُّ الأرْضُ مِنْ نَزَغاتِهِ

وتكادُ آفاقُ السَّماءِ تُزَمْجِرُ

***

فالشَّعْبُ يغلي، والضَّمائرُ تَرْتَمي

شَرَراً، وحكّامُ العِراقِ اسْتَهْتَرُوا

***

لا يَنْظُرُون إلى العَوَاقِبِ مَرَّةً

كلّا، ولا بصميرِهِمْ قد فَكِّرُوا

***

فتقَدَّمُوا بالتَّضْحياتِ ودَمَّرُوا

سُلطانَ ما فيه الطُّغاةَ تَجَبَّرُوا

***

ولأنْتُمُ الشُّهَدَاءُ.. إنْ قاوَمْتُمُ

طُغيانَهُمْ بعزيمةٍ لا تُقْهَرُ

***

هَلْ غَيْرُ أنْ تَطأوا السُّجُونَ بهمَّةٍ

أقْوَى مِنَ المَوْتِ الزُّؤامِ وأقْدَرُ

***

فسواكُمُ عافَ الحياة ذميمةً

ومضى، وأعْوادُ المشانقِ مَنْبَرُ

***

فإذا نَهَضْتُمْ بالجهادِ فبادرُوا

فالمَوْتُ أولى، والشَّهادةُ أجْدَرُ

***

ورسالةُ الأجْيالِ يا زُعَماءَنا

بدمٍ يَخُطُّ مَصيرُها ويُقَرِّرُ

***

ومُسَلَّطينَ على الرِّقابِ كأنَّها

سِلَعٌ تُباعُ وتُشْتَرى وتُؤَجَّرُ

***

بئسَ المتاعُ مَتاعُهُمْ، فعيُوبُهُمْ

لا تَنْتَهي، وذُنوبُهُمْ لا تُغْفَرُ

***

والطائفيُّون الطغاةُ حديثُهُمْ

فلكٌ عليْهِ مِنَ السياسةِ مَحْوَرُ

***

قد كلْكلُوا في الرَّافدينِ، وهَدَّمُوا

ما شَيَّدَ المُتّقدِّمُونَ وعَمَّرُوا

***

باسْمِ (المدافِعِ) في العراقِ تَرَأسُوا

وبمنْطِقِ (الرَّشاشِ) فيهِ تأمَّرُوا

***

وأساءَهُمْ أنَّ البلادَ كيانُها

بيدِ الأخْوَّةِ يَسْتقيمُ ويُعمرُ

***

فسَعَوْا إلى تَحْطيمِها في مَنْطِقٍ

كابٍ يفنِّدُهُ الكتابُ الأزْهَرُ

***

سَبْحانَكَ الّلهم؟ أيُّ تَناقضٍ؟

هذا الذي فيهِ العُرُوبةُ تَكْفُرُ

***

أفهذهِ وطَنيَّةٌ؟ أمّا أنَّها

رجْعيَّةٌ بعمالةٍ تتأطَّرُ

***

قُولُوا الصَّحيحَ لنا، فإنَّ دماءَكُمْ

بغَدٍ سُتُهْرقُ، والرؤُوسُ سَتنْدَرُ

***

فلئنْ تجاوَزْتُمْ مَدىً، وشَمَخْتُمُ

كِبَراً، فأمْرُ اللهِ مِنْكُمْ أكْبَرُ

***

ومتاجرينَ بأُمَّةٍ مَنْكُوبةٍ

الهَوْلُ رَوَّاحٌ بها ومُبَكِّرُ

***

يتبجَّحُونَ بأنَّ شَعْباً واجماً

حكمُوا بقوَّتِهِمْ عليهِ وسَيْطَرُوا

***

قد أوْثقُونا بالمَهازلِ جمَّةً

فطغى بها فِكْرٌ، وزَمْجَرَ مِزْبَرُ

***

ها نحنُ في وطنٍ نعيشُ بحالةٍ

تعتافُها حتّى الوحُوشُ وتَنْفُرُ

***

وإذا نَطَقْتُ مُصارحاً، فلأنَّني

في الشِّعْرِ عَنْ رأيِ الحكيمِ أعَبَّرُ([1])

***

عَهْدانِ ما برحا: فعهْدُ مُظلِمٌ

هذا، وعهدٌ قد تَوَلَّى أحْمَرُ

***

وكلاهُما مِنْ مَنْبَعٍ يخْتَطُّهُ

للأجْنَبيِّ مُسَخِّر ومُسَخَّرُ

***

وأرى بأنَّ عُهُودُكُمْ مُسَوَّدَةً

تُطْوى، وبالخزيِ العميمِ سَتُنْشَرُ

***

إنِّي لأنْذِرُكُمْ بثوْرَةِ أُمَّةٍ

عمّا قَريبٌ سَيْلُها يَتَحدَّرُ

***

وأُبَشِّرُ المُسْتَضْعفينَ بوثْبَةٍ

كُبْرى، ومثلي بالخَلاصِ يُبَشَّرُ

***

سَيطيرُ مِنْ بعضِ الرؤُوس غُرُورُها

ويَشعُّ مَعْرُوفٌ، ويغربُ مُنْكَرُ

***

وسَتَعْلمُونَ غَداً، إذا خُوصِمْتُمُ

أيُّ سَيُوقَفُ للحسابِ ويُحْشَرُ

 

[1]-الإمام الاكبر السيد محسن الحكيم المرجع الأعلى في عصره.