ضاقَ عن مدحِكَ القريضُ

{ محمد رضا القزويني }

ألقيت هذه القصيدة في ذكرى مولد الإمام علي عليه السلام في الحفل السنوي الرائع الذي كان يقام في الحسينية المجاورة للصحن الحسيني الشريف في محافظة كربلاء المقدسة، والذي يحضره عدد كبير من الأدباء والخطباء وجمع كبير من رجال السياسة والدين من كل أنحاء العالم بدعوة خاصة من أهالي مدينة كربلاء سنة 1968م.

 

هَاطلاتِ السَّحابِ لبّي رَجانا

وأطلقي للسِيولِ مِنْكِ العِنانا

***

أَمْطِري كُلَّ مُجْدِبٍ لمْ يَعُدْ يَخضرُّ

عهداً قد طالَ، واروِ ظِمَانا

***

واغسليها شوائبَ الأمسِ غطّتْ

حينَ وارتْ حَقائِقاً مِنْ رُؤانا

***

فَرَّقتنا طوائِفاً فَغَنِمْنَا فِرَقاً

حِينَما خَسِرنا الكَيانا

***

طَهِّري الأرضَ مِن مَبادِئَ ضلّتْ

وَعقولٍ جرَّتْ إلَينا الهَوانا

***

جَلَّ دِينٌ بأنْ يَسودَ غُمُوضاً

حِينَ يُخفي صَراحةً وَبَيانا

***

وَدُعاةٌ لهُ أقاموا حَياةً

اتَخذوا الموتَ دُونهُ عُنوانا

***

جَمَعوا للنُّهى قِواهُمُ وَضَحّوا

بِحِماهُمْ لكي يُصانَ حِمانا

***

فإذا نحنُ سائرونَ على

نهجِ غُواةٍ وتابعونَ عِدانا

***

تاركونَ الأُلى بهمْ أوْضَحَ الرْ

حمنُ دِيناً وأنْزَلَ القُرآنا

***

سَيِّدَ الرُّسْلِ أَحْمَداً وَبَنيهِ

أهلَ بيتٍ كُلٌّ تَقَدَّسَ شَانا

***

وَعليّاً وَمَنْ تَساما عُلوّاً

مَنْ قَضَى اللهُ أنْ يَكُونَ فَكانا

***

إنْ أَقَمْنا لِيَوْمِهِ مِهْرَجاناً

فَبِذكراهُ نَستعيدُ عُلانا

***

يا عَليِّاً قَدْ حَيَّرَ العَقْلَ مَغْزَاهُ

وَطاَلَ الصِّراعُ فيهِ زَمانا

***

عَقِمَ الدَّهرُ أنْ يجئَ بثانٍ

فيهِ ما فيكَ فالتوى وتجانا

***

التُّقى إذْ يَعبُّ منكَ مَعيناً

والنُّهى منكَ تَرتجي الرضوانا

***

والبطولاتُ تَستقي منكَ مَعنًى

وَيُوَلّي الكميُّ عنكَ مُهانا

***

والقَضاءُ الّذي بهِ مُبهماتِ الــ

ــحُكْمِ أوضَحْتَها وَبالعدلِ زَانا

***

لمْ تّذَرْ إذْ حَكمتَ تَطوي الَّليالي

جَاِئعَاً في الوَرَى وَلا ضَمْآنا

***

والخصالُ الَّتي لَيَعْجَزُ عَنها

قَلَمٌ كَيْفَ لا تُكِلُّ لِسَانَا

***

سَيِّدي مَلْجَئي إليك وَلمّا

ضَاقَ عَنْ مَدْحِكَ القَريضُ بَيَانا

***

جئتُ أشكو إليكَ جَوْرَ زمانٍ

ملكَ المجرمونَ فيهِ العِنَانا

***

واليهودُ الجناةُ قَدْ جاوَزوا الحدَّ

فَطاشوا وَأفقدونا الأَمَانا

***

سَلبوا أرضَنا وَعاثوا بِأولى الـ

ـقبلتينِ الَّتي تعالَتْ مَكانا

***

قالَ عَنها زَعيمُهمْ في غَداةٍ

ذاكَ ثارٌ لخيبرٍ قدْ كَفانا

***

فَاتَهُمْ انَّهم إذا انتَصَروا اليومَ

فإنّا بالجُرحِ نَبني قِوانا

***

أيْنَ مِنّا المفرُّ يوماً عبوساً

لَمْ تَجِدْ في الصُّفوفِ مِنّا جَبَانا

***

نَحْنُ مِنْ هَاشِمٍ إذا طاشَتْ الأعـ

ـراقُ تمتازُ عُنصراً وَكِيانا

***

نحنُ مِنْ فتيةٍ يَرَوْنَ المَنَايا

في المعالي كَمَنْ يَرونَ الأَمَانا

***

كُلُّ شاكٍ مِنْهُمْ تسلّحَ قبلَ السَـ

ـيفِ قَلْباً مُطَعَّما إيمَانَا

***

ألِفَ الطَّعنَ طفلُهُمْ قبلَ أنْ يَرْ

تاحَ كَهْلٌ أوْ يَستَقِلَّ الطِّعَانا

***

وَرثوا المجدَ منْ أُباةٍ كُمَاةٍ

لمْ يَهابوا حُكماً وَلا سُلطانا