أمرٌ من العَليِّ

{ محمد رضا القزويني }

يا غَديراً لم تَروَ منهُ العصُوُرُ

ونميراً ما جَفَّ منهُ الضَّميرُ

***

وَوميضاً ما غيَّبتْهُ الدَّواجي

وَسُؤالاً بِكُلِّ عقلٍ يَدُورُ

***

أَتُرى هَلْ يَغيبُ أَمْرٌ عَظيمُ

عَن رُؤى الغيْبِ وَهو أَمْرٌ خَطيرُ

***

كيفَ ما لمْ يغبْ عَن القومِ يَوماً

قَدْ تَغَاضى عَنهُ البشِيرُ النَّذير

***

وَكيَاناً رَعاهُ عشرينَ عَاماً

فُدِيَتْ في بَقَاهُ تِلْكَ النُّحور

***

غَضَّ عنهُ النبيُّ طرفاً وخَلَّى

أُمّة أَنْ تَقولَ أَينَ المَصير

***

أَلفُ هَيْهاتَ ليسَ يَنْسى نَبيٌّ

خَيرَ عَهْدٍ أَوْحى إليه الخَبيرُ

***

سُنَّةُ اللهِ في القرونِ الخَوالي

شَهِدَتْها تَوْراتُهم والزَّبُورُ

***

وَوَصَايا أَفْضى بها أنبياءُ اللهِ

لِلأَوصِياءِ أَمْرٌ جَديرُ

***

أنْ تَقُودَ النَّبيَّ يَومَ هَجيرٍ

نحوَ أَرْضٍ قَدْ جَفَّ مِنْها الغَديرُ

***

لِيكُونَ التبليغُ أَروى بياناً

وَدليلاً تناقلتْهُ العصُورُ

***

وَيكونَ الوداعُ مِنْ بَعدِ حَجٍّ

وَفُروضٍ ما نَالها تَقْصِيرُ

***

غَيرَ (أمرٍ) إنْ لَم يُبَلَّغْ شِياعاً

في جمُوعِ الحَجيجِ ضَاعَتْ أُمورُ

***

ذاكَ عهدُ النَبيِّ في يَومِ (خُمٍّ)

لِعَلِيِّ والعَهْدُ جِداً خَطيرُ

***

ذاكُ أمرٌ مِنَ (العليِّ) وَليسَ الأمرُ

فيهِ لِمُرْسَلٍ تَخيِيرُ

***

قَالَ بلِّغهُمُ وَإنْ لم تبلِّغْ

ضاعَ منكَ التَّبليغُ والتَّبشِيرُ

***

فَرَقى مِنبَراً وَنادى جَهاراً

وَعَليُّ بكفِّهِ يَسْتَنيرُ

***

وَمُذيعاً مَنْ كُنْتُ مَولاهُ حَقَّاً

فَعليٌّ مولاهُ نِعمَ الأَميرُ

***

فأصاختْ إليه كُلُّ قُلوبِ

القومِ سَمعاً والجمعُ حَشْدٌ غَفيرُ

***

وَإلى اليومِ نَغْمَةٌ مِنْ صَدَاهُ

تَهْتديهِ الرُّكبانُ وَهِيَ تَسِيرُ

***

بايَعتْهُ عَلى الخِلافَةِ بَعْدَ

المُصطفى وَهُوَ للنَّبيَّ وَزيرُ

***

وَانبرى القومُ يُظهرونَ التَّهاني

لِعَليٍّ والمُصْطَفى مَسْرورُ

***

قالَ حَسّانُ فيهِ شِعراً وَأَبْدى

آخرٌ ما يَنِمُّ مِنْهُ الحُبُورُ([1])

***

حِينَ قالوا بَخٍّ بَخٍّ لكَ يا مَولاي

والغَدْرُ يحتْوِيِهِ الضَّميرُ

***

ثُمَّ لَمْ يلبثُوا على العَهْدِ رَدْحاً

مِنْ حَياةِ النَّبيِّ إلّا أُثيروا

***

نَقَضوا تِلكُمُ العُهُودَ وَقالوا

لَمْ يُوصِّ النَّبيُّ وَهْوَ هَجُورُ([2])

***

 


[1]- أبيات شعر لحسان بن ثابت في بيعة علي بن أبي طالب عليه السلام في يوم الغدير.

[2]- كلمة عمر بن الخطاب قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يهجر.