تتفرد حوزة النجف بشيء لا مثل له في أي بقعة من بقاع العالم ، ذلك أن فيها دائماً مرجعاً أعلى للشيعة ، هو في الأصل مجتهد من كبار المجتهدين ، أجمعت الكلمة على الإذعان لرئاسته ومرجعيته.
فنحن نعلم أن المراجع الدينية في العالم، سواء كانت إسلاميّة أو مسيحية، يتم اختيارها بإحدى طريقتين: إما طريقة الانتخاب(كالبابا), أو طريقة التعيين(كشيخ الأزهر).
أما في حوزة النجف، فلا انتخاب ولا تعيين، ومع ذلك فهناك أبداً خَلَف للسلف الراحل! فكيف يتم ذلك ؟
طريقة الحوزة النجفية تضمن عدم وصول غير الأصلح ، فهناك الكفاءات الشخصية، التي تفرض نفسها فرضاً، ويشترط في هذه الكفاءة أن تجمع إلى التميّز بالعلم، التميّز بالفكر والعقل، والتميز بالاستقامة والأخلاق، وهذه صفات لا يمكن مخادعة الناس بها على طول السنين، وهكذا يتبين للخاصة والعامة، سيرة كل مجتهد واضحةً جلية، ويبدأون في حياة المرجع الحي، يرشحون في أنفسهم من يصلح بعده خلفاً له.
فإذا مات المرجع، كانت النفوس كلّها ملتقية على الاقتداء بمجتهد معين، دون أن تجتمع وتقرّر، وتعيّن أو تنتخب، ولا يشعر المجتمع إلا وقد اعتلى سدّة المرجعية من هو كفؤ لها، مختاراً اختياراً طبيعياً، باعثه الأول صفات المجتهد، وسجاياه وفضائله، وبذلك يتحرّر المرجع، من أن يكون مَديناً في منصبه، لفريقٍ انتخبه، أو لسلطة عيّنته.
ولابد من الإشارة، إلى أن هذا الاختيار الطبيعي، لا تقيّده جنسية المرشّح، وما دام الإسلام عالمياً، فيمكن أن يكون المرجع عربياً أو اعجمياً.