السيد شهاب الدين المرعشي النجفي (1315 ــ 1411 هـ) كان من مراجع التقليد في المدرسة الإمامية، وحصل على درجة الاجتهاد في السابعة والعشرين من عمره. تصدّى لمقام المرجعية بعد رحيل آية الله البروجردي.

من أبرز الخدمات الثقافية التي قدّمها تأسيس المكتبة العامّة المسمّاة باسمه والتي تحتوي على كم وافر من المخطوطاتالإسلامية والكتب القيمة في شتى العلوم، وهي تتصدر قائمة المكتبات الإيرانية العامّة، وتقع في المرتبة الثالثة لأكبر المكتبات فيالعالم الإسلامي في هذا المجال، إضافة الى هذا فقد قام بتأسيس مدارس علمية كالمرعشية والشهابية والمهدوية والمؤمنية، فبذل جميع ما بوسعه في سبيل العلم والاحتفاظ بالتراث الإسلامي حتى أصبح غير مستطيع لأداء فريضة الحج.

له الكثير من المؤلفات، منها: تعليقات على كتاب إحقاق الحق، مشجرات آل الرسول، طبقات النسابين وحاشية على عمدة الطالب. وكان قد تحمّل عناء السفر والترحال إلى بعض البلدان واللقاء بعلمائها لأجل تدوين بعض مؤلفاته.

ولادته

ولد السيد شهاب الدين المرعشي فجر يوم الخميس 20 صفر سنة 1315 هـ. في النجف الأشرف، وقد اختار له المحدث النوري بعد أن أذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى اسم محمد حسين، فيما اختار له الميرزا حسين بن الميرزا خليل لقب آقا نجفي، وكنّاه السيد مرتضى الكشميري بأبي المعالي، فيما لقّبه السيد إسماعيل الصدر بشهاب الدين. (1)

طفولته ودراسته

عمدت العلوية والدة السيد المرعشي الى إرضاعه على طهارة وكانت تستأجر له علوية أخرى لإرضاعه في الأيام التي لم تكن فيها على طهارة، وكانت أوّل كلمة نطق بها هي جملة (هو الفتاح العليم) التي لقنّها له الشيخ علي رُفيش النجفي. وقد ارتدى لباس طلاب العلوم الدينية على يد والده السيد محمود في حرم أمير المؤمنين علي عليه السلام، وتعلم القرآن المجيد وعلوم اللغة العربية إلى كتاب مغني اللبيب على يد جدته لأبيه شمس أشرف بيجم.[2]

تلمّذ على والده في مقدمات بعض العلوم ثم التحق بالمدارس العصرية لتحصيل بعض العلوم كالرياضيات والهندسة والجغرافيا و... فحاز بعد خمس سنوات قضاها طالبا مثابراً على شهادة عليا فيها. وبعد أن فرغ من الدورة المذكور حضر دروس أساتذه خصوصيين. وقد تولدت عنده رغبة جامحة في دراسة الطب وتعلمه فحضر في ذلك على يد والده وعلى يد الميرزا محمد علي المعروف بمؤيد الأطباء. ولما بلغ السادسة عشرة من عمره مال الى التفسير وعلوم القرآن فعقد العزم على تحصيل ذلك.[3]

وبعد أن فرغ من تحصيل الكثير من العلوم الحوزوية شدّ الرحال متوجها من النجف الى إيران حيث حطّ رحله في كل من مدينة الريوخراسان وأصفهان وقم متلمذاً على يد كبار العلماء فيها، فكانت ثمرة حركته العلمية نيل درجة الاجتهاد وهو في السابعة والعشرين من عمره. وبعد رحيل آية الله البروجردي نال شرف التصدي لمرجعية الشيعة وأصدر رسالته العملية سنة 1366 هـ. 

السفر الى إيران

قام السيد المرعشي في الحادي والعشرين من شهر محرم الحرام عام 1342ه برحلة إلى إيران حيث وصل مدينة كرمنشاه في السادس من شهر صفر من نفس العام ومنها إلى مدينة همدان وزنجان وتبريز حيث زار الأقارب هناك. وكان قد التقى في مدينة كرمنشاه بالشيخ عبد الكريم الكرمنشاهي، ونال منه إجازة شفوية بالرواية. كما التقى في همدان بالسيد عبد الحسين ابن السيد فاضل اللاري، وحاز منه على إجازة في الرواية، واشترى منه نسخة خطية نادرة.

بعد أن زار الأقارب توجّه نحو خراسان لزيارة الإمام الرضا عليه السلام، ومنها إلى طهران التي وصلها في الحادي والعشرين من جمادى الثانية سنة 1343ه، فحضر دروس بعض العلماء في مدينة الري، ومنها الى مدينة قم التي حلّ فيها في السابع من شعبان 1343 ه، وبقي هناك يمارس دوره بالتبليغ والتدريس بطلب من زعيم الحوزة العلمية الشيخ عبد الكريم الحائري. التقى أثناء إقامته في مدينة قم (سنة1345ه) وبأمر من الشيخ الحائري بالشاعر الهندي المعروف رابيندارات تاغور، ودارت بينهما مناظرات ومباحث علمية.[بحاجة لمصدر]

بعيد رحيل كلّ من آية الله العظمى السيد الصدر وحجّة والخوانساي تصدّى المرعشي لأمر المرجعية فأصدر رسالته العلمية سنة 1366 ه، وبعد رحيل السيد البروجردي طرح في الساحة العلمية كأحد مراجع الدين العظام.

 

تلامذته 

شرع السيد المرعشي بتدريس مرحلة السطوح، فألقى دروسه في مادة الفقه والأصول: معالم الأصول، شرح اللمعة الدمشقية، القوانين، فرائد الأصول، والمتاجر وكفاية الأصول. بالاضافة الى تدرس كل من علم: المنطق، الكلام، التفسير، الفلسفة، الرجال، الدراية وعلم الأنساب. وكان يلقي محاضراته الدراسية في المدرسة الفيضية، وقد درّس في أُخريات حياته في مسجد بالا سر الواقع داخل حرم السيدة المعصومة ثم انتقل الىالحسينية التي شيدها الى جنب داره الواقعة بجوار حرم السيدة فاطمة المعصومة.

كان السيد المرعشي يعتمد في درسه الفقه متن كتاب شرائع الإسلام للمحقق الحلي حيث يقوم بعد عرض المسألة وبيان تفريعاتها بذكر الأدلة عليها مع بيان رأي الفقهاء والمجتهدين فيها، خاتما بحثه بما يبدو له من نكات علميه وتعليقات يراها هي الاقرب للحقيقة، ويشير في طيات بحثه الى بعض النكات الأصولية والرجالية والتي تناسب المسألة. علما أن عدد الذين حضروا درسه يناهز الألف طالب مما اضطره لاستعمال مكبرات الصوت.

وقد تخرج على يديه الكثير من العلماء، منهم: 

السيد مصطفى الخميني

مرتضى مطهري

الشيخ الشهيد محمد مفتح

الدكتور الشهيد بهشتي

الشهيد صدوقي

الشهيد قاضي طباطبائي

السيد محمود الطالقاني

شهاب الدين إشراقي

مرتضى الحائري (ابن الشيخ عبد الكريم الحائري)

حسين النوري الهمداني

الإمام موسى الصدر

أبو طالب تجليل التبريزي

السيد العلامة مرتضى العسكري

السيد مهدي اليثربي

السيد رضا الصدر

محي الدين الحائري الشيرازي

السيد محمد باقر السلطاني

السيد محمد باقر حجتي

عباس زرياب الخوئي

محمد تقي دانش بجوه

علي رضا فيض

حسين كريمان

علي أصغر فقيهي

وفاته 

توفي السيد المرعشي إثر جلطة قلبية يوم الأربعاء السابع من صفر عام ١٤١١هـ الموافق لـ ٢٩ آب أغسطس ١٩٩٠م عن عمر ناهز ٩٦ عاماً، وكان قد أوصى أن يدفن في مكتبته الواقعة في شارع إرم.

وكتب في وصيته: "ادفنوني عند مدخل المكتبة كي تطأني أقدام باحثي العلوم الإسلامية ومحققيها." كما أوصى نجله السيد محمود بأن يضع في لحده السجادة التي عبد الله عليها سبعين عاماً والملابس التي كان يرتديها اثناء مراسم العزاء الحسيني مع التربة الحسينية والتراب الذي جمع من أضرحة السادة

 

الهامش 


1 - كلي زواره، جامع [الـ]فضل و[الـ] فضيلت ص19

2 - نفس المصدر 

3 - نفس المصدر