الاختصاص

تأليف

فخر الشيعة عبدالله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي

الملقب بالشيخ المفيد

المتوفى 413هـ

 

قدم له

العلامة الجليل السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

 

كتاب الاختصاص ومؤلّفه:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على محمّد خاتم النبيين وسيّد المرسلين، والسلام على آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين، والتابعين لهم بإحسان.

وبعد: ما زالت المكتبة الحيدرية تتحف قراءها بين آونة واُخرى بنفائس الآثار من كتب الحديث والأخبار، والتاريخ والآداب والأنساب، ممّا دلّ على سلامة ذوق صاحبها الأخ الموفق الشيخ محمّد كاظم الكتبي ـ سلّمه الله ـ .

وها هو اليوم يقدّم للقرّاء كتاباً جليلا، وسفراً نفيساً، ضمّ (فنوناً من الأحاديث، وعيوناً من الأخبار، ومحاسن من الآثار والحكايات في معان كثيرة من مدح الرجال وفضلهم، وأقدار العلماء ومراتبهم وفقههم)(1).

وقد طلب منّي أن اُعرّفه لقرائه اُسوة بما سلف من منشوراته الّتي قدّمت لها فأجبته إلى ذلك تقديراً منّي لحسن ظنّه، ومشاركة منّي معه في خدمة الكتاب ومؤلّفه بتعريف القرّاء بمكانة المؤلِّف والمؤلَّف.

وكنت أحسب أن لا كبير عناء في هذا التقديم، نظراً لوضوح مادّة الكتاب الّتي انتظمت منها وحدته الموضوعية، واعتماداً على علو مقام مؤلّفه الّذي نسب إليه وهو شيخنا الأكبر الأقدم أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد(رحمه الله)، وشهرة هذا المؤلّف العظيم ستغنيني عن إطالة التحدّث عن شخصيته وعن كتابه.

ولكن بعد قراءة الكتاب وما قيل حوله ومراجعة كتب المعاجم والفهرسة، سرعان ما وجدت نفسي في دوامة من الشك في نسبة هذا الكتاب إلى شيخنا المفيد(رحمه الله) لاُمور لا أكتمها القارئ وتنحصر في خمس نقاط:

1 ـ خلو فهارس الشيوخ القدامى عن ذكر الكتاب بين مؤلّفات الشيخ المفيد(رحمه الله).

2 ـ نسبة بعض الأعلام الكتاب إلى غير الشيخ المفيد(رحمه الله).

3 ـ عدم معرفة اسم الكتاب وخفاء ذاتية المؤلّف في نفس الكتاب.

4 ـ تفاوت الأسلوب البياني في كتابنا هذا وفي سائر كتب الشيخ المفيد(رحمه الله).

5 ـ وجود التفاوت سنداً ومتناً في بعض الأحاديث المروية في هذا الكتاب وفي كتابي الأمالي والإرشاد للشيخ المفيد(رحمه الله).

مضافاً إلى أوهام وقع فيها بعض أكابر الباحثين، ممّا دعاني إلى التريث والأناة في تقديم الكتاب حتّى يستكمل البحث خطوطه البيانية، لتكون النتيجة واضحة المعالم إمّا سلباً أو إيجاباً، ولابدّ في ذلك أن يكون قبل الحديث عن شخصية شيخنا المفيد(رحمه الله) ومقامه العلمي ومكانته السامية.

وقد رأيت لزاماً عليَّ أن أبسط الحديث أمام القارئ عن السبل الّتي سلكتها لمعرفة مؤلّف الكتاب، وتتلخص في خمسة وهي:

أوّلا: استقراء كتب الفهرسة عن الكتب الّتي تسمّى بالإختصاص، عسى أن نجد فيها ما ينير الدرب في تحقيق معرفة مؤلّف الكتاب.

ثانياً: الإحاطة بمعرفة ما على نسخ الكتاب الموجودة فعلا.

ثالثها: سبر الكتاب مرّة اُخرى لمعرفة ذاتية المؤلّف من شيوخه في أسانيد الكتاب.

رابعاً: المقارنة البيانية بين الكتاب وبين بعض كتب المفيد(رحمه الله) الّتي تشترك موضوعاً مع كتابنا هذا.

وأخيراً كفاية ذكر النتائج الموصلة إلى معرفة المؤلّف في ردّ بعض الأوهام.

وإلى القارئ بيان تلك الطرق تفصيلا وهي:

الطريق الأوّل: لقد دلّنا استقراء كتب الفهرسة والمعاجم على خمسة كتب تسمى بالإختصاص وهي:

أ ـ كتاب (الإختصاص) في علم البيان، للشيخ تقي الدين السبكي (ت 756 هـ)(2).

ب ـ كتاب (الإختصاص بلسان الخواص)، لرضي الدين أبي الخير إسماعيل ابن محمّد القزويني(3) الحاكم(4).

وهذان الكتابان خارجان موضوعاً عن موضوع كتابنا، فلا حاجة إلى البحث فيهما.

ج ـ كتاب (الإختصاص)، للشيخ أبي عليّ أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران المعاصر للشيخ الصدوق (ت 381 هـ) ذكره شيخنا الراحل الحجّة الرازي في الذريعة(5) وسيأتي الحديث عنه.

د ـ كتاب (الإختصاص)، للشيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ الصدوق (ت 381 هـ)، ذكره أيضاً الرازي في الذريعة(6)، ولم يذكر عن موضوعه شيئاً، لأ نّه لم يتسن له الإطلاع على تفصيل في ذلك، وذكر أنّ سنده في نسبة الكتاب إلى الصدوق(رحمه الله) وجود نسخة منه عند المرحوم أمين الواعظين بإصفهان كما أخبره هو بذلك.

وأنا شخصياً أشك في وجود كتاب للشيخ الصدوق بهذا الإسم لخلو المصادر الّتي سجّلت له من تصانيفه أكثر من 200 كتاباً، ولقد سردت الفهارس أسماءها ولم يكن منها (الإختصاص) المذكور، بل أنهاها سماحة السيّد الوالد دام ظلّه في رسالته (حياة الشيخ الصدوق(رحمه الله)) إلى 220 كتاباً وأكبر الظن انّه إمّا الكتاب الآنف الذكر لأبي عليّ أحمد بن الحسين الّذي كان معاصراً للصدوق وشريكاً له في كثير من شيوخه، فظنه أمين الواعظين أ نّه للصدوق لأ نّه كان أشهر، أو أ نّه الكتاب الآتي وهو كتابنا هذا ولعلّه أقرب إلى الاحتمال، لأنّ في كتابنا هذا كتاب (صفة الجنّة والنار) الّذي رواه الصدوق بسنده عن سعيد بن جناح، ونسب إليه كسائر تآليفه(7)فظنّ أمين الواعظين أنّ الكتاب مجموعاً من تآليف الصدوق.

هـ ـ كتاب (الإختصاص) أي المستخرج الّذي ألّفه الشيخ أبو عليّ المذكور آنفاً للشيخ أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد (ت 413 هـ)(8)، واستطرد شيخنا المرحوم في وصف الكتاب ونسخه المتعددة بما دلّ على أ نّه المستخرج من كتاب الإختصاص لأبي عليّ المذكور آنفاً وهو كتابنا هذا، وبهذا انتهينا من حيث ابتدأنا وكأننا ندور في نفس الحلقة، والسؤال بعد على حاله، من هو مؤلّف الكتاب الحقيقي؟ وبدأ سؤال جديد: إذا كان هذا الكتاب مستخرج من كتاب الإختصاص لا نفسه فلماذا سمّي بالاختصاص؟

وللإجابة على هذين السؤالين لابدّ من الرجوع إلى نسخ الكتاب نستجوبها عنهما وهو:

الطريق الثاني: الإحاطة بما كتبه الأعلام على نسخ الكتاب وعنه وهو سند من أسانيد الإثبات، فلابدّ من الرجوع إلى نسخ الكتاب، والّذي نعلمه هو وجود سبع نسخ تحتضنها مكتبات في العراق وايران.

أوّلها: نسخة المكتبة الرضوية في خراسان برقم (333) وهي أقدم النسخ فيما نعلم، كما وصفت بالقدم في فهرست المكتبة(9)، وقد ذكر فيه أيضاً أ نّه سقط من أوّل الكتاب وآخره ووسطه بعض الأوراق، وأكملت النسخة بخطّ مغاير لخطّ النسخة القديمة، وورد في عنوان النسخة هكذا (كتاب مستخرج من كتاب الإختصاص) كما ورد ما يلي:

(هذه مجموعة مستخرجة من كتب أكابر رجال الأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم، وقد رأيناها في سنة خمس وخمسين وألف من الهجرة المصطفوية بخطّ عتيق في نسخة قديمة وسودناها من هذه النسخة المضبوطة، البيّنة فيها آثار الصحّة وبالله التوفيق)(10).

وفي هذه الفقرات ما ينفعنا في دفع كثير من الشبهات حول الكتاب كما سنرى ذلك فيما يأتي.

ثانيهما: نسخة مكتبة آية الله السيّد الحكيم العامّة في النجف الأشرف، برقم (316) وهي نسخة المحدّث الجليل الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة، جاء في ظهر الورقة الاُولى (أ) هكذا:

(كتاب الإختصاص للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان)

(منتخب من الإختصاص لأحمد بن الحسين بن عمران)

(رحمهم الله)

وعلى هذه الصفحة تملّك جماعة من الأعلام ووضعوا خطوطهم بذلك، أشهرهم وأقدمهم الشيخ الحر العاملي (ت 1104 هـ)، فقد كتب بخطّه: (دخل في ملك الفقير إلى الله الغني محمّد بن الحسن الحر العاملي عفي عنهما سنة 1087) ثمّ خاتمه، وتحت ذلك تملّك ولده وصورته (قد دخل في ملك الشيخ محمّد رضا الحر سنة 1105).

وثمّ تملّك مبارك بن عليّ الجارودي سنة 1189.

وتملّك ولده محمّد بن مبارك بن عليّ بن عبدالله بن حميدان.

وتملّك ولده حسن بن محمّد بن مبارك بن عليّ بن عبدالله بن حميدان الجارودي.

وتملّك عليّ بن عبدالله بن محمّد عليّ بن حسن أبو السعود.

وتملّك عليّ بن الحسن بن عليّ بن سليمان البحراني سنة 1315.

وآخر من ملك النسخة هو المرحوم العلاّمة السماوي (ت 1370 هـ)، وقد كتب بخطّه على ظهر النسخة ما يلي: في هذا المجموع:

1 (العيون والمحاسن للمفيد المسمّى بالإختصاص؟).

2 (ومسائل عليّ بن جعفر(عليه السلام) عن أخيه).

3 (ورسالة الزراري لحفيده ووصيته).

4 (ونوادر الشيخ أبي جعفر أحمد بن محمّد بن عيسى).

5 (ومختصر كتاب الرجعة لابن شاذان).

6 (وكتاب سليم بن قيس الهلالي).

أمّا عنوان أوّل الكتاب فقد كتب في رأس الورقة الاُولى (ب) هكذا:

(كتاب مستخرج من كتاب الإختصاص تصنيف أبي عليّ أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران رحمة الله عليه)، وجاء في آخرها هكذا:

(قد سوّدت تلك المجموعة من نسخة عتيقة التسويد إمتثالا لأمر السيّد الحسيب النسيب التقي النقي العالم العامل فخر السادة والنقابة والدين حيدرا (كذا) عامله الله بفضله، وألحقه في زمرة الشهداء)، ووشح الكاتب هذه الفقرة بخطّه وقوله: (على يد أقل خلق الله حاجي ميرزا محمّد ابن مرحوم مغفور حاجي شاه محمّد ساكن بلدة إصفهان در تاريخ دهم شهر ذا الحجة الحرام سنة 1085)، وتحت ذلك كلّه بخطّ يشبه أن يكون خطّ الشيخ الحر العاملي:

(تمّ كتاب الاختصاص للشيخ المفيد(قدس سره))، وفي هامش ذلك ما يلي:

(مالكه من فضل الله، الفقير محمّد الحر، ثمّ خاتمه الشريف).

ثالثها: نسخة مكتبة سبهسالار في طهران، ذكرت في فهرست المكتبة(11)وصفت بأ نّه جاء في آخرها:

(وافق الفراغ من تسويد مختصر كتاب الإختصاص لأبي عليّ أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران رضي الله عنهم أجمعين الخ) ولم يذكر في الفهرست المذكور شيئاً عن تاريخ كتابتها.

رابعها: نسخة اُخرى في المكتبة المذكورة، ورد ذكرها في الفهرست(12) وذكر أ نّها كتبت سنة 1118، وكاتبها هو أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسماعيل البحراني، وقد ضمّ إليها المجالس (الفصول المنتخبة) كذا.

خامسها: نسخة بمكتبة جامعة طهران (دانشگاه) ورد ذكرها في فهرستها(13)وذكر أنّ عنوانها: (كتاب مستخرج من كتاب الإختصاص، تصنيف أبي عليّ أحمد ابن الحسين بن أحمد بن عمران(رحمه الله)) ولم يذكر شيء عن خاتمتها وتاريخها وكاتبها في الفهرست المذكور.

سادسها: نسخة بخطّ محمّد بن عليّ بن الحر ولم يؤرّخها، وهي في ملك الفاضل الشريف المحترم السيّد محمود الزرندي المحرمي.

سابعها: نسخة في ملك العالم البارع الحاج شيخ حسن المصطفوي التبريزي نزيل طهران، وهي بخطّ عليّ بن الشيخ محمّد عليّ الشهير بشالي القزويني مسكناً، الجبل عاملي أصلا، تاريخها شهر رجب سنة 1307، وهاتان النسختان السادسة والسابعة هما الأصل في مطبوع الكتاب بطهران سنة 1379 وقد ذكر في مقدّمة الكتاب(14) وصف هاتين النسختين، ولكن لم يذكر عن عناوين النسختين ولا عن خاتمتهما ما يفيدنا في المقام، والّذي يظهر من صورتي الصفحة الاُولى والصفحة الأخيرة للنسخة السابعة خلوهما عن ذلك.

هذه هي النسخ المعروفة لدينا فعلا من هذا الكتاب، وقد تحصّل من هذا العرض أنّ هذا الكتاب هو مستخرج من كتاب الإختصاص لأبي عليّ أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران كما في النسخ 1 ـ 2 ـ 3 ـ 5 وبهذه النتيجة فقد حصل الجواب على السؤال عن اسم الكتاب الحقيقي، بتقريب أنّ الكتاب وهو يضم مستخرج الإختصاص مع مستخرج من كتب اُخرى للأكابر، وكان أوّلها جميعاً هو مستخرج الإختصاص، غلب اسمه على المجموع، ولا مشاحة في تسمية الجميع باسم (الإختصاص) من باب تسمية الكلّ باسم الجزء.

أمّا الجواب عن سؤال من هو مؤلّف الكتاب؟ وهو السؤال الأوّل ومن أجله سلكنا هذا السبيل وغيره، فقد حصل لنا ظن بأ نّه للشيخ المفيد(رحمه الله) ومنشأ الظن ما ورد على ظهر النسخة الثانية، والّتي ملكها عدّة من الأعلام أوّلهم شيخ المحدّثين الحر العاملي وتسعة آخرين ذكرناهم آنفاً، وكلّهم وضعوا خطوطهم بالتملّك تحت عنوان الكتاب ونسبته إلى المفيد دون إشعار منهم بالشك أو الترديد في نسبة الكتاب إلى مؤلّفه.

وهذا وإن لم يكن في نفسه سنداً قوياً لإثبات النسبة إلاّ أ نّه يوحي بشيء من الإطمئنان إلى أنّ اُولئك الأعلام الّذين ملكوا الكتاب تقضي العادة باطلاعهم على ما فيه ومن ذلك عنوان الكتاب، ولو كانوا في شك من نسبته إلى الشيخ المفيد(رحمه الله)لجلب انتباههم نفس العنوان المذكور، ولأشاروا إلى ذلك من قريب أو بعيد(15).

وجاء في رياض العلماء قوله: (ونقل المفيد في كتاب الإختصاص انّه ـ أبو إسحاق السبيعي ـ صلّى أربعين سنة صلاة الغداة بصلاة العتمة...)(16).

الطريق الثالث: استجواب الكتاب عن مؤلّفه، وهو طريق جرّبناه وحمدنا نتائجه في كثير من البحوث الشائقة الشائكة، وذلك يتم في النظر في متونه وأسانيده، أمّا المتون فانّه يبتدىء فيه مؤلّفه بعد خطبة الحمد والثناء والصلاة والتسليم ببيان منهجه في تأليفه فيقول:

(هذا كتاب ألّفته، وصنّفته، وألعجت(17) في جمعه وإسباغه، وأقحمته فنوناً من الأحاديث، وعيوناً من الأخبار، ومحاسن من الآثار والحكايات، في معان كثيرة: من مدح الرجال وفضلهم، وأقدار العلماء ومراتبهم وفقههم.

قال محمّد بن محمّد بن النعمان: حدّثني أبو غالب الزراري، وجعفر بن محمّد ابن قولويه، عن محمّد بن يعقوب عن الحسين بن الحسن، عن محمّد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة البصري رفعه أنّ أميرالمؤمنين صلوات الله عليه قال في بعض خطبه:

أيّها الناس اعلموا أ نّه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون، وقدر كلّ امرىء ما يحسن، فتكلّموا في العلم تبين أقداركم.

وحدّثني جعفر بن محمّد بن قولويه، عن الحسين بن محمّد بن عامر الأشعري، عن المعلّى بن محمّد البصري، عن محمّد بن جمهور العمي، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاً بعثه الله يوم القيامة عالماً فقيهاً»(18)، وبعد هذا يرد حديث مرسل وآخر مسند عن شرطة الخميس.

وبعد الانتهاء من قراءة الكتاب، والإمعان في متون أحاديثه تبين لنا بوضوح أ نّه مجموعة وحدات مستخرجة من كتب الأكابر، كما وصف في النسخة الرضوية فراجع الطريق الثاني، ويؤكد ذلك ما سنقرأه عن تلك الوحدات وما فيها.

وظنّي أنّ الحديثين الآنفي الذكر اللذين رواهما الشيخ المفيد(رحمه الله) وذكرا في أوّل المجموعة ذات الوحدات المتعددة، لم يكن وضعهما عفوياً إذ هما ليسا من مستخرج الإختصاص فيما أظن، بل هما ممّا رواه الشيخ المفيد(رحمه الله) وصدّر بهما كتابه رعاية للمناسبة الّتي جمعت بين عدّة مستخرجات من كتب غيره، وأحاديث مبثوثة بينها من مروياته، بينما نرى أنّ ما جاء بعدهما حديث مرسل وآخر مسند في شرطة الخميس، وهكذا وبعد حديث عنهم يرد ذكر حديثين آخرين في العلم والعلماء وأخبارهم، فجعلها في مفتتح الكتاب، ممّا دلّ على قصد للمؤلّف فيما أظن، وذلك هو تصدير مجموعته الّتي استخرجها من كتب الأكابر، كما دلّ على حسن الإختيار وسلامة الذوق في نفس الوقت.

أمّا تفصيل تلك الوحدات المستخرجة فقد أحصيتها في اثنتي عشر وحدة، بقرائن تشعر بالإبتداء والإنتهاء وإليكم بيانها(19):

1 ـ مستخرج من كتاب الإختصاص، ويشمل طائفة من الحديث في الصحابة والتابعين، وأحوال الرواة، ورسائل ونكت تاريخية، وقد حشر بينها سهواً نتيجة جهل الورّاق للنسخة الاُم في تقديم بعض الأوراق على بعض ـ كما هو واضح في نسخة الشيخ الحر العاملي حيث اُشير إلى ذلك في متنها وهوامشها ـ فحشرت مسائل اليهود الّتي سألوا بها النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومسائل عبدالله بن سلام بين أحوال الصحابة والرواة، وبعض الأحاديث عن آداب المؤمن وبين ما ورد في حقّ محمّد بن مسلم.

والّذي يدلّ على حشرها عنوانهما وبدؤهما بالبسملة، ففصلت الوحدة الموضوعية لمستخرج الإختصاص بفاصل أجنبي كما يقولون، ويزيد ذلك ايضاحاً ختم مسائل اليهود بالصلاة على النبيّ وآله، ممّا دلّ على أ نّها وحدة منفصلة(20)، وكذلك ختم مسائل ابن سلام بكلمة (مختصر)(21).

2 ـ (جزء فيه أخبار من روايات أصحابنا وغيرهم)(22).

3 ـ (حديث المباهلة)، وأحاديث اُخرى، ورسائل تاريخية، وحال جمع من الرواة أيضاً، وقد بدىء بالبسملة ممّا دلّ على انّه ابتداء مستخرج غير ما سبقه(23)، وختم بـ (الحمد لله وحده، والصلاة على محمّد وآله أجمعين وسلّم تسليماً كثيراً)(24).

4 ـ (وصايا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ(عليه السلام)) بدأت بالبسملة(25) واُنهيت بقوله: (كمل الحديث بحمد الله ومنّه)(26).

5 ـ (حديث منطق بعض الحيوانات) بدىء بالبسملة(27).

6 ـ (المسوخ وسبب تسميتها) وقد بدىء الحديث عنها بالبسملة(28)، وشمل أحاديث اُخرى ورسائل تاريخية.

7 ـ (من كتاب ابن دأب(29) في فضل أميرالمؤمنين(عليه السلام)) بدىء بالبسملة(30)وجاء في آخره:

(هذا آخر كتاب ابن دأب، والحمد لله والمنّة وصلّى الله على محمّد وآله).

8 ـ (آفة العلامات في السنّة) جاء في آخره: (قوبل ونسخ من خطّ الحسن بن شاذان(رحمه الله))(31).

9 ـ (كتاب محنة أميرالمؤمنين(عليه السلام)) بدىء بالبسملة(32) وهو يشمل أحاديث متفرقة، وطائفة من المناظرات، وقصيدة الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين(عليه السلام) وسببها، وقد ورد في نهاية بعض الأحاديث جملة (تمّ الخبر)(33)، وجملة (تم الخبر وكمل)(34)، وأنهاه جامعه بقوله:

(والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين).

10 ـ مجموعة أحاديث وأخبار منثورة في الحكم والآداب والمواعظ والأحكام والخطب، وفيها المرسل والمسند، ولم تبدأ بالبسملة، ولم تختم بما يشعر بنهايتها، وإنّما أفردناها لوقوعها بين نهاية الوحدة التاسعة والحادية عشر المبدوءة بالبسملة.

11 ـ (بعض وصايا لقمان الحكيم لابنه(عليهما السلام)) بدأت بالبسملة(35) وهي مرسلة عن الأوزاعي، ويليها أحاديث في سلمان، وخطبة للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في نوادر اُخرى(36).

12 ـ (كتاب صفة الجنّة والنار) بدىء بالبسملة(37)، واُنهي ما ورد في الجنّة بقوله: (نسأل الله الجنّة برحمته انّه على كلّ شيء قدير)(38) ثمّ باب في صفة النار(39)وفي تمام الباب (فنعوذ بالله العظيم الغفور الرحمن الرحيم من النار وما فيها، ومن كلّ عمل يقرّب من النار، إنّه غفور رحيم جواد كريم)(40).

ثمّ بياض بعده متن حديث عمّن أعتق عبده عشيّة عرفة، وأحاديث اُخرى اُنهيت بقول الشاعر:

أمحض مودّتك الكريم فإنّما *** يرعى ذوي الإحسان كلّ كريم

وآخ أشراف الرجال مروءة *** والموت خير من أخ ] كذا [ لئيم

ولعلّ الصواب (والموت خير من إخاء لئيم) وبهذا ينتهي الكتاب.

وقد أفادنا النظر في متونه أ نّه مجموعة مستخرجة من كتب الأكابر، جمعها المؤلّف في سفر واحد، ويقوي الظن بأ نّه من تآليف الشيخ المفيد(رحمه الله) ما ورد في أوله: (قال محمّد بن محمّد بن النعمان... الخ)، كما هي عادة القدامى إذ يذكرون أسماءهم في أوائل تآليفهم، واحتمال أن يكون ذلك من غيره يبعدّه وروده مجردّاً عن أي صفة تشعر بالتعظيم، ونحن بين يدينا بعض رسائل الشيخ المفيد(رحمه الله)، والّتي ذكر اسمه في أوّلها، ولكن مع صفة دلت على أنّ وضع الاسم كان من غيره، كما في أوّل رسالة التفضيل ورسالة تحقيق خبر إنّا معاشر الأنبياء، حيث ورد في أوّلهما قال الشيخ المفيد، ومعلوم أنّ ذلك من رواة كتابيه أو الناسخين.

أمّا قوله: قال محمّد بن محمّد بن النعمان مجرّداً، فهو يدلّ على أ نّه قائل ذلك، ويؤيّده وقوعه في أوّل الكتاب ولم يتكرر ثانية لا باسمه ولا باسم غيره من رواة الأحاديث المبدوءة بهم الأسانيد.

فخلوّ جميع الأحاديث بعد ذلك في الكتاب عن لفظ (قال) مع تعدد وحدات الكتاب وأحاديثه، يدلّ على أنّ جامع الكتاب ومؤلّفه هو الشيخ المفيد(رحمه الله).

أمّا النظر في أسانيده لاستشفاف ذاتية المؤلّف من زاوية أوائل الأسانيد على أ نّهم شيوخ المؤلّف، فهو غير مجد بنتيجة مثمرة، ولا يمكن الاعتماد عليه نظراً إلى أنّ تلك الزاوية منفرجة وأضلاعها متفاوتة لا يمكن جعلها من الركائز في أدلّة الاثبات.

إذ أنّ الشيوخ المبدوءة بهم الأسانيد يختلفون في طبقاتهم، فمنهم من شيوخ المفيد(رحمه الله) كأبي غالب الزراري وابن قولويه والصدوق وأضرابهم، ومنهم من طبقة شيوخ هؤلاء المشايخ كمحمّد بن موسى بن المتوكّل، ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وأحمد بن هارون الفامي وأمثالهم، ومنهم من هو أعلى طبقة وأبعد زمناً.

وهذا في نظري أمر طبيعي بالنسبة لكتابنا، بعد أن عرفنا أ نّه مستخرج من كتب الأكابر، واُولئكم الأكابر لابدّ من تفاوت شيوخهم لتفاوت طبقاتهم، ومؤلّف كتابنا(رحمه الله) إنّما استخرج من كتبهم أحاديث كما هي سنداً ومتناً، ولا يلزمه أن يكون كلّ رجال أوائل الإسناد من شيوخه، بل يمكن أن يكون فيهم من شيوخه ومن غيرهم ممّن هو أعلى وأقدم بطبقة أو أكثر، بحسب طبقات أصحاب الكتب الأصلية.

نعم أفادنا النظر في هذه الزاوية تحديد عصر المؤلّف، وأ نّه لابدّ أن يكون من طبقة الشيخ المفيد(رحمه الله) أو من هو دونه طبقة، ولا يعقل أن يكون الكتاب لمن تقدم عليه زمناً كطبقة شيوخه وشيوخهم، للأحاديث المروية عن شيوخ المفيد، فلابدّ أن يكون الراوي عنهم أمّا هو ـ كما أراه ـ أو آخر من طبقته فمن دونهم، ونظراً للقرائن الآنفة الذكر فقد دلّت على أنّ المفيد(رحمه الله) هو مؤلّف الكتاب، ولم تقم قرينة على صرفه عنه.

كما أفادنا النظر أيضاً أنّ تلك الأحاديث المرويّة عن شيوخ المفيد، والّتي نجدها مبثوثة في ثنايا الكتاب، هي ممّا رواها الشيخ(رحمه الله)، وأثبتها بروايته في مجموعته الّتي استخرجها من كتب الأكابر، ولا ينافي ذلك أنّ الكتاب مستخرج من كتب اُخرى، لأنّ الاستخراج هو الغالب عليها.

وبهذا ينتهي ما استفدناه من استجواب الكتاب عن مؤلّفه، وقد كان الظن أن يلحق بالعلم في المقام.

الطريق الرابع: المقارنة البيانية بين هذا الكتاب وبين بعض كتب المفيد الاُخرى الّتي تشترك موضوعاً مع كتابنا هذا.

ولا شكّ أنّ اُسلوب كتابنا ونهج مؤلّفه فيه يختلف عن باقي كتب الشيخ المفيد(رحمه الله) كنتيجة طبيعية لمجموعة مستخرجة من كتب الآخرين، ليس يحق لمؤلّفها أن يتصرّف في ترتيب متونها، ولا ايصال روايته برجال أسانيدها، بل عليه أن يثبت ما استخرجه كما هو سنداً ومتناً وترتيباً، لوحظت في الترتيب المناسبة أم لا.

بخلاف كتب الشيخ المفيد(رحمه الله) الاُخرى، والّتي تلتقي موضوعاً مع كتابنا هذا مثل كتاب الأمالي وكتاب الإرشاد، فإنّ له الحقّ وحده فيهما في تنسيقهما وتنميقهما، وله الحقّ وحده كيف شاء تصنيفهما وترصيفهما، فهما من ابداع فكره، وهو الّذي رسم نهجهما التأليفي.

وهذا وحده كاف في الفرق بين كتابنا هذا وبين كتب المفيد الاُخرى، كما أ نّه سيحول دون متابعة الإستمرار في المقارنة في نواح اُخرى.

على أ نّا وجدنا بعد الفحص أحاديث وردت في كتابنا هذا روى نحوها الشيخ المفيد(رحمه الله) في كتابيه الأمالي والإرشاد، ولا نقول أ نّها هي هي للتفاوت اليسير في السند أو المتن أو فيهما معاً، من الخير أن ندل القارئ على بعضها، تاركين له متابعة نهج المقارنة وهي:

1 ـ في ص 7 من الكتاب حديث صفوان عن الصادق في حب الأربعة روى نحوه المفيد في الأمالي ص 73.

2 ـ في ص 63 من الكتاب حديث في عيسى بن عبدالله القمي روى نحوه المفيد في الأمالي ص 83.

3 ـ في ص 104 من الكتاب حديث قضاء الإمام(عليه السلام) في الأرغفة روى نحوه المفيد في الإرشاد ص 117.

4 ـ في ص 223 من الكتاب حديث أبي حمزة الثمالي عن الباقر(عليه السلام) روى نحوه المفيد في الأمالي ص 41.

5 ـ في ص 264 من الكتاب حديث محمّد بن عيسى بن عبيد عن السبيكة روى نحوه المفيد في الإرشاد ص 309.

6 ـ في ص 273 من الكتاب حديث أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى بسر من رأى، روى نحوه المفيد في الإرشاد ص 173.

7 ـ في ص 314 من الكتاب حديث محمّد بن حسّان الرازي عن السجين روى نحوه المفيد في الإرشاد ص 320(41).

هذه سبعة مواطن يمكن للقارئ والباحث متابعة المقارنة بينها في كلّ من كتابنا هذا وكتابي الأمالي والإرشاد ليقف على مدى التفاوت الّذي أشرنا إليه آنفاً إمّا في السند أو في المتن أو فيهما معاً.

على أنّ التفاوت لا يدلّ على تغاير المؤلّف، إذ أنّ هذه الأحاديث السبعة هي ضمن الوحدات المستخرجة من كتب الأكابر، ولابدّ من اثباتها كما هي في تلك الكتب.

وبالتالي وأخيراً لقد توصّلنا في النهاية إلى أنّ هذا الكتاب هو: للشيخ المفيد(رحمه الله) بنتائج الطرق السابقة وتتلخص في:

1 ـ معرفة الكتاب معرفة تكاد أن تكون تفصيلية.

2 ـ وجود اسم الشيخ المفيد(رحمه الله) في أوّله بعد الخطبة مجرّداً عن أي لقب كعادة قدامى المؤلّفين ممّا دل على أ نّه مثبت ذلك في صدر كتابه.

3 ـ نسبة الكتاب إلى الشيخ المفيد في عنوان النسخة الثانية وفي ختامها بخطّ يشبه أن يكون هو خطّ الشيخ الحر العاملي المحدّث الخبير.

4 ـ امضاء عشرة من الأعلام لما في عنوان الكتاب في تلك النسخة المذكورة.

كلّ ذلك وغيره كان سبباً لحصول القناعة بصحّة نسبة الكتاب إلى الشيخ المفيد(رحمه الله).

وبعد هذا كلّه نعود إلى ردّ تلك النقاط الّتي كانت مبعث الشك في النسبة، وهي:

1 ـ خلو فهارس القدامى عن ذكر هذا الكتاب بين مؤلّفات الشيخ المفيد(رحمه الله)، وهذا ليس بشيء بعد أن نعرف أ نّهم لم يذكروا كلّ ما للشيخ من مؤلّفات وتصانيف، بل فاتهم ذكر كثير من كتبه ورسائله وقد صرّح ببعضها في بعض تآليفه.

وقد أحصى المرحوم الشيخ فضل الله الزنجاني في مقدّمة أوائل المقالات أربعة عشر كتاباً ورسالة فات الشيخان النجاشي والطوسي وحتّى ابن شهرآشوب أن يذكروها في فهارسهم، وذكر منها:

المسائل السروية والمسائل العكبرية، وشرح عقائد الإمامية للصدوق، ومسألة مفردة في معنى الإسلام، وكتاب عقود الدين، وقد ذكر الأخيرين المؤلّف نفسه في شرح العقائد المذكورة، وكتاب الوعد والوعيد ذكره المؤلّف في آخر المسائل السروية، وكتابنا الإختصاص إلى غير ذلك، فمن أراد التفصيل والإستزادة فليرجع إلى المقدّمة المذكورة.

2 ـ حكاية بعض الأعلام نسبة الكتاب إلى غير الشيخ المفيد(رحمه الله)، وهذه الحكاية ذكرها السيّد اعجاز حسين في كتابه الحجب والأستار عن أسماء الكتب والأسفار(42) قال: الإختصاص للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان... وقيل: إنّ المؤلّف إنّما هو جعفر بن الحسين المؤمن، الّذي تكرّر في أوائل أسانيد هذا الكتاب، لكن الظاهر من سياق الكتاب أنّ مصنّفه هو الشيخ المفيد، وجعفر بن الحسين راويه... الخ.

وحكاية السيّد هذا ونسبته إلى القيل مشعر بتمريض ذلك، على أ نّه ليس معقولا في نفسه، إذ أنّ تكرر اسم شخص في أوائل الأسانيد لا يستلزم نسبة الكتاب إليه، وإلاّ فهناك أشخاص آخرين غير جعفر بن الحسين المؤمن تكرر ذكرهم في أوائل الأسانيد، كالشيخ الصدوق، وأحمد بن هارون الفامي، ومحمّد ابن الحسن بن أحمد بن الوليد وغيرهم، فلماذا لم ينسب إليهم الكتاب؟

ثمّ انّ جعفر بن الحسين المؤمن ترجمه النجاشي في رجاله(43)، وذكر أ نّه مات بالكوفة سنة (340 هـ) ـ أي بعد ولادة الشيخ المفيد بسنتين أو أربع سنين(44) ـ فكيف يعقل استظهار السيّد أنّ الشيخ المفيد هو مصنّف الكتاب، وجعفر بن الحسين راويه.

نعم يمكن أن تكون روايات جعفر بن الحسين في الكتاب استلها الشيخ المفيد من أحد كتابي جعفر ـ المزار أو النوادر ـ وقد ذكرهما النجاشي.

أمّا النقاط الثلاثة الباقية فقد ظهر جوابها ممّا سبق.

مضافاً إلى ذلك كلّه تصريح المحدّثين الجليلين الشيخ الحر العاملي (ت 1104 هـ) فقد ذكر في خاتمة كتابه الوسائل(45) من الكتب الّتي اعتمد عليها في تأليف موسوعته الحديثية الخالدة (وسائل الشيعة) كتب الشيخ المفيد فقال:

كتاب الإرشاد للمفيد، كتاب المجالس له، كتاب المقنعة له، كتاب مسار الشيعة له، كتاب الإختصاص له.

والشيخ المجلسي (ت 1110 هـ) فقد ذكر في مصادر دائرة معارفه الإسلامية الكبرى بحار الأنوار (46) فقال:

وكتاب الإرشاد وكتاب المجالس وكتاب النصوص وكتاب الإختصاص والرسالة الكافية... كلّها للشيخ الجليل المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان وقال(47):

وأمّا كتاب الإختصاص فهو كتاب لطيف مشتمل على أحوال أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة(عليهم السلام)، وفيه أخبار غريبة، ونقلته من نسخة عتيقة، وكان مكتوباً على عنوانه كتاب مستخرج من كتاب الإختصاص تصنيف أبي عليّ أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران، لكن بعد الخطبة هكذا: قال محمّد بن محمّد بن النعمان: حدّثني أبو غالب الزراري وجعفر بن محمّد بن قولويه ـ إلى آخر السند ـ وكذا إلى آخر الكتاب يبتدئ من مشايخ الشيخ المفيد(48) فالظاهر أ نّه من مؤلّفات الشيخ المفيد(رحمه الله).

وقد تبعهما غير واحد من الأعلام الباحثين كالسيّد الأمين في الأعيان، حيث ترجم الشيخ أبا عليّ صاحب الاختصاص(49) وقال:

وقد استخرج منه الشيخ المفيد كتابه المعروف بالإختصاص، وأدرجه في كتابه العيون والمحاسن الخ.

وكالشيخ الرازي في الذريعة(50) ذكر كتابنا هذا وقال للشيخ... المفيد استخرجه من الإختصاص المذكور ـ ويعني اختصاص أبي عليّ ـ وأدرجه في كتابه الموسوم بالعيون والمحاسن؟ وقال(51) بعد وصف بعض نسخه وذكر مقدّمته: والظاهر منه أ نّه عين خطبة العيون والمحاسن للمفيد، وقد بدأ فيه بما استخرجه من كتاب الإختصاص لأبي عليّ المذكور فسمّي المجموع به، وإلاّ فهو عين كتابه العيون والمحاسن الّذي ذكر اسمه وفهرس مطالبه في خطبة الكتاب.

وقال أيضاً(52): فهذا الكتاب الموجود هو عين العيون والمحاسن المصرّح به في النجاشي وغيره، واشتهر بالإختصاص باعتبار أوّل أجزائه.

وكالشيخ السماوي فقد كتب بخطّه على نسخته إنّ العيون والمحاسن للمفيد المسمّى بالإختصاص.

وهؤلاء الأعلام الثلاثة أصحاب أعيان الشيعة والذريعة والطليعة كلّهم توهموا أمراً من البعد في الغاية، وذلك تخيل أنّ كتاب الإختصاص هو نفس كتاب العيون والمحاسن.

ومبعث الوهم فيما أظن هو ما قرأوه في خطبة الكتاب من قوله: (وأقحمته... وعيوناً من الأخبار ومحاسن من الآثار) فظنوا أنّ هذا الكتاب هو العيون والمحاسن المذكور في قائمة كتب المفيد في رجال النجاشي وغيره، وفاتهم التنبه إلى أنّ كتاب العيون والمحاسن انتخب منه الشيخ المفيد نفسه كتابه (الفصول المنتخبة) وقد ذكره النجاشي، واختار منه ومن كتاب المجالس للمفيد أيضاً الشريف المرتضى كتابه (الفصول المختارة) ونسخته الخطّية شائعة، ونسخته المطبوعة منتشرة أيضاً، وبمقارنة بسيطة بين كتابنا هذا وكتاب (الفصول المختارة) تظهر جلية الحال وأ نّه لا نسبة بين الكتابين بل بينهما بون شاسع في النهج والأسلوب، لكلّ كتاب ميزته الخاصة في أسلوبه البياني ونهجه في التأليف والتصنيف.

وقد أخرج ابن إدريس في مستطرفات السرائر(53) عدّة أحاديث انتخبها من العيون والمحاسن، وهي موجودة بعينها أيضاً في آخر الفصول المختارة، وليس في كتابنا هذا منها إلاّ الحديث الأوّل وهو وصية الصادق(عليه السلام) لخيثمة، وبالمقارنة بينهما نجد التفاوت واضحاً.

ولو كان ما ظنوه حقّاً لرأينا شيئاً من كتابنا في (الفصول المختارة) وهي فرعه ومختارة منه كما يقولون، لكن خلو الفصول المختارة عن أي حديث من أحاديث كتابنا، وتفاوت أسلوبي الكتابين وتغاير مضامينهما يشهد بتعدد الإختصاص والعيون والمحاسن.

هذا ما تيسّر لي تحقيقه حول اسم الكتاب، وثبوت نسبته إلى مؤلّفه الشيخ المفيد(رحمه الله)، وعسى أن يكشف لنا الزمن أكثر من ذلك بفضل جهود إخواني الباحثين، وكم أكون مسروراً لمن يتفضّل بزيادة إيضاح في التحقيق.

 

مؤلّف الكتاب: الشيخ المفيد(54):

هو محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبدالسلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير، وينتهي نسبه إلى الحارث(55) بن مالك بن ربيعة حيث يرتفع نسبه إلى يعرب بن قحطان.

يكنّى بأبي عبدالله، ويعرف بابن المعلّم ـ نسبة إلى والده حيث كان معلّماً بواسط ـ ويلقّب بالمفيد، واُختلف في أوّل من لقبه بذلك، قال الحافظ السروي: ولقبّه بالشيخ المفيد صاحب الزمان صلوات الله عليه، وقد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب.

وورد في مستطرفات السرائر لابن إدريس العجلي ومجموعة الشيخ ورّام الحلي، وسفينة البحار: إنّ الشيخ عليّ بن عيسى الرمّاني (ت 384 هـ) هو الّذي لقبه بذلك.

وورد في منتهى المقال ومجالس المؤمنين نقلا عن مصابيح القلوب: إن الّذي لقبه بذلك هو القاضي عبدالجبّار المعتزلي (ت 415 هـ) بعد محاورة كلامية جرت بينهما دون أن يعرفه القاضي، ولمّا استعلمه عن نفسه فأخبره، قام وأجلسه في مجلسه على مسنده وقال له: أنت المفيد حقّاً.

ولد شيخنا(رحمه الله) في اليوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة 336 أو سنة 338 هـ في سويقة ابن البصري بعكبرا ـ بالمدّ وتقصر ـ على عشرة فراسخ من بغداد من ناحية الدجيل ـ حيث كان أبوه قد استوطنها بعد انتقاله من واسط.

وذكر ابن حجر في لسان الميزان أنّ مولده بواسط، وهو منفرد بذلك فيما أعلم.

(إنتهت إليه رياسة الإمامية في وقته، وكان مقدّماً في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيهاً متقدّماً فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب)(56) (جليل القدر)(57) (فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم)(58).

(ما كان ينام من الليل إلاّ هجعة، ثمّ يقوم يصلّي أو يطالع أو يدرس أو يتلو القرآن)(59).

قال ابن النديم: في عصرنا إنتهت رياسة متكلّمي الشيعة إليه، مقدّم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعاً)(60)، وقال: (في زماننا إليه إنتهت رياسة أصحابه من الشيعة الإمامية في الفقه والآثار)(61).

وفي عصره إنتهت رئاسة الملوك وأرباب المذاهب إلى عشرة رجال، برع كلّ منهم في فنّه.

فكان كلّ واحد رأس طائفته، فكان الشيخ المفيد رأس الطائفة الشيعية.

ورأس الملوك السلطان محمود بن سبكتكين.

ورأس المعتزلة القاضي عبدالجبّار المعتزلي.

ورأس الأشاعرة أبو إسحاق الاسفرايني.

ورأس الكرامية محمّد بن الهيصم الكرامي.

ورأس الصوفية أبو عبدالرحمن السُلمي.

ورأس الشعراء أبو عمر ابن درّاج القسطلي.

ورأس المحدّثين الحافظ عبدالغني.

ورأس الكتاب المجودين الكاتب ابن هلال المعروف بابن البواب.

ورأس القرّاء أبو الحسن الحمامي(62).

وقال الذهبي: (كان ذا عظمة وجلالة في الدولة البويهية(63)، وله صولة عظيمة بسبب عضد الدولة)(64) ووصفه اليافعي بأ نّه (عالم الشيعة وإمام الرافضة، صاحب التصانيف الكثيرة، شيخهم المعروف بالمفيد وبابن المعلّم أيضاً، البارع في الكلام والجدل والفقه، وكان يناظر أهل كلّ عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية...)(65).

كما وصفه ابن كثير بقوله: شيخ الإمامية الروافض، والمصنّف لهم والمحامي عن حوزتهم، كانت له وجاهة عند ملوك الأطراف، لميل كثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيّع، وكان مجلسه يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف، وكان من جملة تلاميذه الشريف المرتضى، وقد رثاه بقصيدة بعد وفاته(66).

ويصفه أبو حيان التوحيدي وهو يستعرض جماعة من الأعلام بقوله: (وأمّا ابن المعلّم فحسن اللسان والجدل، صبور على الخصم، كثير، ظنين السرّ، جميل العلانية)(67).

وذكره ابن حجر بقوله: (عالم الرافضة، صاحب التصانيف... له صولة عظيمة بسبب عضد الدولة، كان كثير التقشف، والخشوع، والإكباب على العلم، تخرج به جماعة، وبرع في المقالة الإمامية حتّى يقال له: على كلّ إمامي منّة...

ويقال: إنّ عضد الدولة كان يزوره في داره، ويعوده إذا مرض)(68).

وقال ابن الجوزي عنه: (شيخ الإمامية وعالمها، صنّف على مذهبهم، من أصحابه المرتضى...

وكان لابن المعلّم مجلس نظر بداره ـ بدرب رباح ـ يحضره كافّة العلماء، وكانت له منزلة عند اُمراء الأطراف بميلهم إلى مذهبه)(69).

ذكر المؤرّخون: (له قريب من مائتي مصنّف كبار وصغار، وفهرست كتبه معروف)(70).

وقد استوفى السيّد الوالد دام ظلّه في مقدّمة التهذيب ذكر 194 كتاباً ورسالة، ولم يذكر كتابنا هذا (الإختصاص) منها تبعاً لفهرستي الشيخ والنجاشي ومعالم العلماء وغيرها(71).

كما استوفى ذكر ستّين شخصاً من شيوخه الّذين أخذ عنهم العلم والحديث من أهل الفضل وأفذاذ العلماء ممّن كانت تشدّ إليهم الرحال للتحمّل والرواية من مختلف الحواضر العلمية(72).

وذكر من أعيان تلاميذه ستّة عشر شخصاً أضراب الشريفين الرضي والمرتضى والشيخين النجاشي والطوسي، وأنهاهم بالسلطان عضد الدولة البويهي حيث أخذ عنه الفقه على مذهب الإمامية(73).

توفّى(رحمه الله) ليلة الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان المبارك سنة (413 هـ)، وعمره الشريف 75 سنة، أو 77 سنة، (وكان يوم وفاته مشهوداً لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والموافق).

وقد ذكر المؤرّخون أنّ جنازته وضعت بميدان الأشنان للصلاة عليها، وقد شيّعه ثمانون ألفاً من الشيعة وغيرهم، وتقدّم الشريف المرتضى فصلّى عليه والناس خلفه وضاق الميدان على سعته بالناس، ثمّ حمل جثمانه الطاهر إلى داره فدفن بها، وبقي بها سنين، ثمّ نقل إلى مقابر قريش فدفن إلى جانب قبر شيخه أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه(رضي الله عنه) عند رجلي الإمامين الكاظمين(عليهما السلام)، وقبره اليوم معروف في الرواق الكاظمي من جهة الشرق.

وقد رثاه الشعراء الفحول أمثال الشريف المرتضى، ومهيار الديلمي، وعبدالمحسن الصوري بقصائد تعدّ من غرر الشعر وعيونه، ذكرت في دواوينهم، فلتراجع.

ونكتفي بهذه السطور عن الإفاضة والإطناب في الحديث عن شيخنا أبي عبدالله المفيد(رحمه الله) ومن شاء الإستزادة فليرجع إلى مقدّمة التهذيب حيث يجد ترجمة الشيخ(رحمه الله) ترجمة مفصّلة.

(وَآخِرُ دَعْوَانا أنِ الحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)

محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان

النجف الأشرف

(1) مقدّمة الكتاب: 1.

(2) ذكره الحاج خليفة في كشف الظنون 1: 31.

(3) الصواب أ نّه للشيخ محمّد بن الحسن المعروف بالأقارضي القزويني تلميذ الخليل القزويني ومن أعلام القرن الحادي عشر إذ كان معاصراً للمجلسي الثاني المتوفّى سنة 1110، وللشيخ الحر العاملي المتوفّى 1104، وكتابه هذا هو المعروف بلسان الخواص، وتوجد نسخة منه خطية من بقيّة موقوفات المرحوم العلاّمة السيّد عباس الخرسان في مكتبة الاُسرة الخاصة.

(4) كما في ايضاح المكنون 1: 47.

(5) الذريعة 1: 358.

(6) الذريعة 1: 358.

(7) اُنظر الذريعة 1: 360 و15: 46.

(8) هكذا في الذريعة 1: 358.

(9) فهرست المكتبة الرضوية 5: 9.

(10) الإختصاص: 164 من النسخة.

(11) فهرست مكتبة سبهسالار1: 197 برقم (94).

(12) نفس المصدر 1: 199 برقم (261).

(13) فهرس مكتبة جامعة طهران 3: ق 3 المجلد الخامس ص 1060 برقم (1114).

(14) مقدّمة الكتاب: 7.

(15) وهذا نص نجده في ص 79 من مطبوع كتابنا هذا فراجع.

(16) رياض العلماء 3: 158.

(17) من هوى لا عج لحرقة الفؤاد من الحب. ولعل تصحيفاً جرى على الكلمة فهي (ألهجت) واللهج بالشيء الولوع به. (صحاح الجوهري).

(18) مقدّمة الكتاب: 1.

(19) أرقام الصفحات الّتي ترد في الوحدات هي حسب الطبعة الحيدرية.

(20) اُنظر ص 35.

(21) اُنظر ص 47.

(22) اُنظر ص 108.

(23) اُنظر ص 109.

(24) اُنظر ص 125.

(25) اُنظر ص 126.

(26) اُنظر ص 129.

(27) اُنظر ص 130.

(28) اُنظر ص 132.

(29) هو عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب، من بني كنانة، ثمّ من بني ليث، ثمّ من بني الشداخ.

قال الجاحظ: هو الّذي يعرف في العامّة بابن دأب، وكان من أحسن الناس حديثاً وبياناً، وكان شاعراً راوية، وكان صاحب رسائل وخطب، وكان يجيدهما جدّاً.

وقال أيضاً: ومن الخطباء الشعراء، ومن يؤلّف الكلام الجيّد، ويصنع المناقلات الحسان، ويؤلّف الشعر والقصائد الشريفة، مع بيان عجيب، ورواية كثيرة، وحسن دل وإشارة، عيسى بن يزيد بن دأب، أحد بني ليث بن بكر، وكنيته أبو الوليد.

راجع ترجمته في تاريخ بغداد 11: 148، ولسان الميزان 4: 408، وتجد بعض أخباره في كتابي الجاحظ: الحيوان والبيان والتبيين.

(30) اُنظر ص 154.

(31) اُنظر ص 156.

(32) كما في ص 157.

(33) كما في ص 181 و195 و196.

(34) كما في ص 195 و213.

(35) كما في ص 331 وتنتهي في ص 337.

(36) انتهت في ص 341.

(37) كما في ص 341 .

(38) اُنظر ص 357.

(39) اُنظر ص 357.

(40) اُنظر ص 364.

(41) ليعلم انّا راجعنا في مقارنة الأحاديث المذكورة في الكتابين الأمالي والإرشاد، طبعة المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.

(42) كشف الحجب والأستار: 30 طبع الهند سنة 1330 هـ.

(43) رجال النجاشي: 89 .

(44) ذكر ابن حجر في لسان الميزان 2: 114 نقلا عن النجاشي أيضاً أنّ جعفر المؤمن توفّي سنة 345 هـ.

(45) الوسائل 20: 44.

(46) بحار الأنوار 1: 5.

(47) المصدر السابق: 11.

(48) لعلّ الوجه فيما ذكره هو ما رآه من الأحاديث المبثوثة في ثنايا الكتاب، والّتي تبدأ بشيخ من مشايخ المفيد(رحمه الله)، ولم يلتفت إلى جمهرة أحاديث الكتاب الّتي تبدأ بشيوخ أعلى من طبقة الشيخ المفيد، وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك في الطريق الثالث فراجع، ستجد أ نّه ليس كلّ الأحاديث مبدوءة بشيخ من مشايخ المفيد، بل كثير منها مبدوءة بشيخ أعلى طبقة وأبعد زمناً.

(49) أعيان الشيعة 8: 40.

(50) الذريعة 1: 358.

(51) المصدر السابق 1: 359.

(52) المصدر السابق 1: 360.

(53) المستطرفات: 500.

(54) رجعنا في كتابة هذه السطور إلى ترجمة الشيخ المفيد(رحمه الله) المبسوطة في مقدّمة (تهذيب الأحكام).

(55) وكان ينسب إليه فيقال له الحارثي كما انتسب شيخنا نفسه إليه حين سأله القاضي عبدالجبّار عن نفسه فقال له: من أنت؟ قال متأدّباً: محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي.

(56) فهرست الطوسي: 186.

(57) رجال الطوسي: 514.

(58) رجال النجاشي: 284.

(59) لسان الميزان 5: 368.

(60) فهرست ابن النديم: 266 طبعة الاستقامة بمصر.

(61) فهرست ابن النديم: 293.

(62) أخذنا ذلك ممّا ذكره الصفدي في الوافي بالوفيات 5: 171 في ترجمة ابن الهيصم الكرامي.

(63) ميزان الاعتدال 3: 129.

(64) نفس المصدر: 131.

(65) مرآة الجنان 3: 28.

(66) البداية والنهاية 12: 15.

(67) الامتاع والمؤانسة 1: 141.

(68) لسان الميزان 5: 368.

(69) المنتظم 8: 11.

(70) فهرست الطوسي: 186 الطبعة الثانية بالحيدرية.

(71) راجع مقدّمة التهذيب: 22 ـ 30.

(72) نفس المصدر: 11 ـ 14.

(73) نفس المصدر: 15 ـ 16.