يوسف هرمز (سنة 1935 م)

يوسف هرمز (سنة 1935 م)

الكاتب والصحفي يوسف هرمز من اهل الموصل، صاحب جريدة صوت الشعب اليومية السياسية ، دخل النجف سنة 1935 وقضى فيها يومين ودوّن ملاحضاتَه الصحفية ، وقد نُشرت هذه الرحلة على حلقات في جريدة الشعب البغدادية بدءاً بالعدد 366 الصادر في 3 شهر رمضان 1354 هـ / 29 تشرين الثاني 1935 م يقول فيما يخص المرقد الشريف :

مرقدُ الامام علي (عليه السلام)

إنّ الشيء الذي تُفاخرُ بهِ النجفُ المدن الاخرى هي وجودُ هذا المرقد الكريم فيها ( مرقدُ الامام علي (عليه السلام) ومن هذا المرقد تستمد تربتها الشرف ، ورُفع اسمُها بين المدن الاسلامية الاخرى. 

فرأينا من الواجب وصف هذا المرقد الذي يؤمّه المسلمون من اقطارِ الدّنيا للتشرف بزيارته، وذلك كما سمحت لنا الظروف من مشاهدة بعض المظاهر منه وعرفنا قليلا من السؤال من هذا وذاك. 

 

القبةُ الذهبيةُ : 

يُشاهدُ القادمُ الى النجف القبةَ الذهبيةَ وهو على بعد عشر الكيلوا مترات، تتلألأُ في الجو معَ منارتينِ - الواحدة من هنا والثانية هناك على جانبي القبة - ويبلغ قطر القبةِ لعين الرائي على بعد نحو خمسة مترات في مثل هذا الارتفاع او اكثر من القاعدة التي يبتدئ بها العقد الى القمة، فكل هذه المسافة مطلية بالذهب الخالص، بشكل الآجر الكاشي ولكن من ذهب لا من الاسمنت وتحت احدى المنارتين الخزانة... وما تحويه من المجوهرات التي لا تُثمّن 

 

الابواب والمنائر :

وللمرقد اربعةُ ابوابٍ وأروقةٌ داخلَ الصّحن، وغرفةٌ ومحل للضريح ، فكلُ هذه الجدران مع سقوفِها وواجهاتِها لا مثيلَ لها بالزّخرفة والنّقش البديع، وإن كانت القبةُ و المئذنتين نفسية بالذّهب فان النّقوش لا تقلّ نفاسةً وروعةً وجلالاً وبهاءاً وتنميقاً وزخرفةً عنها فهي كلُّها آية في الفنّ والجمالِ ، وبجانب المنائر والقبة تقومُ ساعة بديعة يسمع منها اهل المدينة الدقات ويعرفون الوقت بواسطتها 

 

التدريسُ في المرقد :

ويبتدي التدريس في الجامعِ مِن اول الليلِ فيقومُ الفقيهُ أو العالمُ بإلقاءِ محاضراتٍ او تلقينُ الطالب الدروس الدينية ، ولمّا كان المرقدُ الشريفُ هذا ينتهي في نهايةِ السوقِ الذي يشتمل على أهم الحوانيت والمخازن فإنّ العابرَ مِن اهل المدينة وغيرهم يمرُّ فيه الى الطرف الثاني ومن ابواب المرقد يذهب الى الجهة التي يقصدها من المحلات أو الاسواق الاخرى ،ولايجوز لغير المسلمين الدخول الى صحن هذا المرقد او المرور منه. 

 

الكنز الثمين :

سمعتُ من سائحٍ أمريكي زارَ متحفَ مصر قال : ( اني لم أرَ في حياتي ذهباً بقدرِ ما رأيتُ في امريكا واوربا ) 

فأما من حيث الرؤايا والمشاهدة فأظن أنّ طلاء المنارتين والقبة في النجف بالذهب يزيد على كل مجموعةٍ من الذهب يوجد منها في مكان واحد، ولكن كل هذا الذهب الذي يراه الزائرُ لايساوي شيئاً بالنسبة الى الموجود في الخزانة التي تحتَ احدى المنارتين في هذا المرقد على ما روى الذين شاهدوها عندما فُتحت منذ اسابيعَ قليلة، فإنّ السّيوف والخناجرَ المرصّعة وقناديل وثريات ومجوهرات ثمينة من ياقوت وزمرد ولؤلؤ الماس وفصوص من حجارة كريمة لاتحصى  ولاتثمن، وهناك بعضُ الدرر قال احدُ الحاضرين : أنّ بعضها بحجم بيضة الحمام، وقد دخل جواهريٌّ مع الهيئة التي أُنيطَ بها فتح هذه الخزانة قال : إنّ بين المجوهرات جواهرٌ لاتُثمن لنفاستِها.

قال آخرُ : إنّ قطعة واحدةً من القطع الثمينةِ في هذه الخُزانة يكفي ثمنُها أن يفتح شارع بين النجف وكربلاء يبلط ويقير ويشجر باشجار على جانبيهِ وتُسقى هذه الاشجارُ بفتح ساقيتينِ من الماء على طول هذا الطريق. 

ونفاسةُ هذا الكنز كائنةٌ من الجهةِ التأريخية علاوةً لثمنِ الجواهر فيه ، فهناك ( بازبند  ) يقال أنّه لنادرشاه مَلكُ العَجم فيه ماسةٌ بقَدر البندقيةِ كان الشاهُ  يربطهُ على يدهِ كما كانت عادةَ بعضُ الملوكِ في ذلك الزمن ، ويتفكر البعضُ أن في النيةِ بناءَ متحفٍ بجانبِ المرقد توضعُ هذه المجوهراتُ فيه وتكونُ عرضةً لمشاهدة الزائرين وذلك قصدَ الانتفاع مِنها بهذه الطريقة .