عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف المعروف بـأبي طالب، والد الإمام علي وعمّ النبي ومن وجهاء مكة ورؤساء قريش عامة وبني هاشم خاصة ، تولى منصب «سقاية الحاج» قبل بعثة النبي محمد (ص)، وتكفّل بعد وفاة أبيه عبد المطلب رعاية النبي محمد، فكفله صغيراً، وحماه كبيراً، ومنعه من مشركي قريش. توفي في 26 رجب في عام الحزن ودفن في مقبرة الحجون.
الولادة والنسب
اسمه عبد مناف، واشتهر بأبي طالب.(1) وقال ابن عنبة: وسمي في رواية ضعيفة بعمران.(2)ولد أبو طالب قبل ولادة النبي بـخمسة وثلاثين عاماً. أبوه عبد المطلب سيد قومه والمبرز ومن رؤساء قريش الذين ترجع إليهم في أمورها، وتتحاكم في منافراتها، ومواريثها، ومياهها، ودمائها، وكان على الشريعة الإبراهيمية الحنيفية. أمّه فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية.(3)
زوجته وأولاده
أبناؤه هم:
طالب
عقيل
جعفر
علي بن أبي طالب،
أم هانئ بنت أبي طالب، واسمها فاخِتة أو هند،
وجُمانة ورَيطة
وقال بعضهم: وأسماء بنت أبي طالب.
وأمهم جميعاً فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
وقيل له ولد اسمه «طليق» بن أبي طالب. وأمّه علة.(4)
مكانته وخصائصه ومناصبه
كان أبو طالب – كما ذكر المؤرخون - سيداً شريفاً مطاعاً مهيباً مع إملاقه. وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال – كما في الرواية-: ساد أبي فقيراً، وما ساد فقير قبله.(5)
وقيل في سخائه وكرمه أن قريشاً كانت تطعم، فإذا أطعم (أبو طالب) لم يطعم يومئذٍ أحد غيره.(6) وكان أَوَّلَ من سن القَسَامَةٍ – على أولياء المقتول- في الجاهليَّة في دم عمرو بن علقمة، ثم أثبتتها السنة في الإسلام.(7) ووصفه الحلبي قائلاً: كان أبو طالب ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية كأبيه عبدالمطلب.(8)
تقلد أبو طالب قبل البعثة وفي مكة، منصبي الرفادة (ضيافة الحجيج) والسقاية (إيصال الماء إلى الحجيج).(9) وكان إلى جانب ذلك يحترف التجارة أيضاً، فقد كان يشتري العطور والقمح، ويبيعهما.(10)
رعاية النبي وكفالته
تولى أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب كفالة النبي الأكرم الذي كان عمره حينئذٍ ثماني سنوات.(11) وقد أشار ابن شهر آشوب إلى هذه القضية بقوله: لما حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب، فقال له:
يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد ووجدي به، انظر كيف تحفظني فيه. قال أبو طالب: يا أبتي لا توصني بمحمد، فإنه ابني وابن أخي.
فلما توفي عبد المطلب كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله.(12) وكتب ابن هشام في ذلك: كان أبو طالب هو الّذي يلي أمر رسول الله بعد جدّه، فكان إليه ومعه... ولما خرج أبو طالب تاجراً إلى الشام، وتهيّأ للرحيل، وأجمع المسير صبّ به رسول الله فرقّ له (أبو طالب)، وقال: والله لأخرجن به معي، ولا يفارقني، ولا أفارقه أبدا(13) وكان أبو طالب إذا أراد أن يعشي أولاده أو يغديهم يقول: كما أنتم – أي امسكوا- حتى يحضر ابني فيأتي رسول الله فيأكل معهم.(14)
الحامي والداعم للنبي
تؤكد جميع الوثائق التاريخية على حماية أبي طالب المستمرة للرسول والتصدي لقريش رغم كبر سنّه حيث ناهز إبان البعثة الخامسة والسبعين، فوقف منافحاً ومدافعاً عنه بلا أدنى تردد، بل جهر بذلك أمام قريش.(15) ولما عرفت قريش أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله ، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له:
يا أبا طالب! هذا عمارة فتى في قريش، فخذه، فلك عقله ونصره، واتّخذه ولداً، فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك فنقتله. فقال: والله لبئس ما تسومونني! أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا والله ما لا يكون أبداً.(16)
وتحدث النبي عن ذلك العطف والحنان الذي حظي به في بيت عمه، وعندما توفيت فاطمة بنت أسد: اليوم ماتت أمي. وكفّنها بقميصه، ونزل في قبرها، واضطجع في لحدها. فقيل له: يا رسول الله! لقد اشتد جزعك على فاطمة.
قال: إنها كانت أمي، إن كانت لتجيع صبيانها وتشبعني، وتشعثهم وتدهنني(17) وقال النبي بعد وفاة عمه أبي طالب:
ما نالتني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب.(18)
ولم يزل رسول الله عزيزاً، ممنوعاً من الأذى، ومعصوماً من كل اعتداء، حتى توفى الله أبا طالب، وعندها جاء نداء ربّه يحمله جبرائيل: «أخرج من مكة فقد مات ناصرك».(19)
إيمان أبي طالب
مقالة مفصلة: إيمان أبي طالب (ع)
لا يشك باحث، ولم يتردد مؤرخ في حماية أبي طالب للنبي ورعايته له والدفاع عنه طيلة حياته، بل من المؤكد أنه كان من أشد المدافعين عنه في أشد الظروف وأصعب المواقع منذ الأيام الأولى للرسالة وحتى رحيله عن هذه الدنيا، ولكن وقع البحث في إيمانه، وهل أنه نطق بالشهادتين أم لا؟
فذهب أهل السنة إلى القول بأنّه مات كافراً مستندين في ذلك على رواية تشير إلى إصراره حتى اللحظات الأخيرة على البقاء على دين أجداده، وذهب الشيعة بإجماع علمائهم إلى القول بأنه كان مؤمناً، ومات كذلك، مستندين في ذلك إلى روايات أهل البيت، وإلى مجموعة من الأدلة التي تثبت بما لا ريب فيه إيمانه ومفندين بذلك دعوى موته مشركاً.(20)
أشعار أبي طالب
ترك أبو طالب من الشعر ما يناهز الألف بيت جمعت في ديوان أبي طالب، جلّها في دعم النبي وتصديق رسالته، ومن أشهرها القصيدة اللامية التي يقول فيها:
خليليّ ما أُذني لأوّل عاذلٍ
بصغواءَ في حقٍّ ولا عند باطل(21)
وفاته:
اختلف المؤرخون في اليوم والشهر الذي توفي فيه أبو طالب، فذهبت بعض المصادر الشيعية إلى القول بانّه توفي في السادس والعشرين من رجب من السنة العاشرة للبعثة بعد ثلاث أيام من وفاة أم المؤمنين خديجة، عن عمر ناهز الخامسة والثمانين.(22) ومنهم من جعل وفاته في الأول من ذي القعدة، ومنهم من أرخ لها في النصف من شوال. وقد أطلق النبي على ذلك العام أسم عام الحزن.(23)
ولَمَّا مات جاء عليٌّ إِلى النبي (ص) فأخبره بموته، فتوجَّعَ عظيماً وحزن شديداً، ثمَّ قال: امضِ فتولَّ غُسلَهُ فإِذا رفَعتهُ علَى سريره، فأَعلمني ففعل،(24) فاعترضهُ وهو محمولٌ، فقال لهُ: وصلتكَ رحمٌ يا عمِّ! وجزِيتَ خيراً، فلقَدْ رَبَّيْتَ، وكفلْتَ صغيراً، ونصرْتَ وآزرْتَ كبِيراً، ثُمَّ تَبِعَهُ إِلَى حُفرتهِ، فوقف عليه، فقال: أَمَ واللَّهِ لأَستغفرنَّ لَكَ ولأَشْفَعَنَّ فيكَ شفاعةً يعجبُ لها الثَّقَلان.(25) ودفن بمكة في الحجون بجنب قبر أبيه عبد المطلب.(26)