في مَهْرجان الغدير الخالد
ألقيت في الاحتفال الرائع الكبير الذي أقيم في الكرّادة الشّرقية ببغداد في حسينية الزويّة بتاريخ 25/ 12/ 1384 هـ، بمناسبة الاحتفاء بذكرى عيد الغدير المبارك.
وفي القصيدة صورة صادقة لما كان عليه المناخ السياسي في العراق.
هَبْني البيان عَصُوفاً يبْعَثُ الهِمَما
فقد أفِضْتَ عليَّ الحُزْنَ والألما
***
وقد هَزَزْتَ الشُّعُورَ الحيَّ فانجذبَتْ
بكَ العَواطفُ تَغْلي ثَوْرَةً ودَما
***
مَدَتني بانْطلاقاتٍ مُقدَّسَةٍ
إنْ لَمْ تَسَلْ ضَرَماً ألْهَبْتُها حمما
***
مِنْ مَنْبعِ الدِّينِ والإسْلامِ مَنْبَعُها
زاكٍ، ومِنْكَ نَدَاها المُسْتَفيضُ هَمَا
***
تُواكِبُ الجيلَ عِمْلاقاً بفكْرَتِهِ
وتَدْعَمُ العَصْرَ خَلَّاقاً بما اتَّسَما
***
وتَسْتَمِدُّ مِنَ الفُرْقانِ حِكْمَتَها
وتَسْتَمِدُّ من القُرْآنِ ما حَكَما
***
وتَسْتَشِفُّ عُهُودَ الدينِ زاهيةً
بما أشادَ رسُولُ اللهِ والْتَزما
***
وما أبانَ عليٌّ في رَوائعِهِ
بكُلِّ ما جَلَّ بُرْهاناً، وما عَظما
***
أنَّى بَدا وضحُ الإسْلامِ مُؤْتَلِقاً؟
وكَيْفَ ضمَّ شُعُوبَ الأرْضِ والأُمما؟
***
أنَّى أقَرَّ حُقُوقَ الشَّعْبِ أجْمَعُها؟
أَنَّى اصْطَفى غُرَرَ الأفْكار والحِكَما؟
***
أنَّى أقامَ على الإصْلاحِ دَوْلَتَهُ
أنَّى ابْتَنى سُنَنَ التَّشْريعِ والنُظُما؟
***
آمَنْتُ أنَّ صَدَى الإسْلامِ مُنْطلِقٌ
سَيُسْمعَ الدَّهْرَ مهما أظْهَرَ الصَّمَما
***
يا سَيِّدي أيُّ إيحاءٍ يُساعِدُني
في الشِّعْرِ أنْظمُهُ يَبْتَزُّ مَنْ نَظَما
***
حَيَّرْتَ عَقْلاً طَمُوحاً أنْتَ رائِدُهُ
فكُلُّ مَعْنًى ولُودٍ خِلْتُهُ عقما
***
عَفْواً إذا قُلْتُ إعْياءً، فرُبَّ فتًى
لهُ تمثَّلْتَ تياراً فما اقْتَحَما
***
يا خالقاً مِنْ نتاجِ الفِكْرِ جَوْهَرةً
ثمارُها العِلْمُ والعِرْفانُ والعُلمَا
***
ويا مُريقاً على التاريخِ فِكْرَتَهُ
ويا مُعيداً على الإنسان ما اهْتُضِما
***
ويا عَصُوفاً على الطُّغْيانِ مُنْدلِعاً
ويا نَميراً مِنَ الإحْسانِ مُنْسَجِما
***
ويا قَديراً على الإبْداعِ تُفْرِغُهُ
بالابْتكارِ شُمُوسٌ تُمْحِقُ الظُلَمَا
***
وأمَّةً جَمَعَتْ آثارها وزهَتْ
بنابغٍ عَبْقَريِّ صاعدٍ أُمَما
***
هذا (عَليٌّ) وذي دُنْياهُ تُنْبئنا
بأنَّ ألْفَ عَظيمٍ حَوْلَهُ وجَما
***
وهذه هيَ عُقباهُ تُخْبرُنا
بأنَّ مَنْ بَدأ الإسْلامَ قد خَتما
***
(عيدُ الغديرِ) وأكْرِمْ فيكَ مَفْخرةً
تعيدُ أمْجادَنا العَصْماءَ والقِيَما
***
ذكَّرتْنا بعُهُودٍ طالما اتَّسَقَتْ
بها الحياةُ، وثَغْرُ الدَّهْرِ قدْ بَسَما
***
ذكَّرتْنا برسُولِ اللهِ يُوقِفُها
مَواكِباً بغديرٍ فائضٍ نَغَما
***
ذكَّرتْنا بعليٍّ في بطُولَتِهِ
كالليْثِ يَزْأرُ في المَيْدانِ مُحْتَدِما
***
ذكَّرتْنا مُحْكَمَ القُرْآنِ تنزلُهُ
لنا مَلائكةُ الرَّحمانِ مُعْتَصَما
***
كتابُ أحْمَدَ قادَ العُرْبَ قاطبةً
والمُسْلمينَ فعادَ الشَّمْلُ مُلْتئما
***
سِفْرٌ لإعْجازِهِ تَعْنُو العُقُولُ فما
يَدْنُو لَهُ الشَّكُّ في ريْبٍ إذا اصْطدَما
***
سَيَكْشِفُ الدَّهْرَ عَمَّا كَنَّ محكمه
ويُنْبيءُ الغَيْبُ عمَّا ضَمَّ وانْتَضما
***
دُسْتُور رَبِّكَ لا آراءُ مُنْحَرفٍ
باغٍ، ولا فَلْسفات تَعْبُدُ الصَّنَما
***
لا يُصْلحُ النّاسَ فَوْضى لا نِظامَ لَهُمْ
ولا نِظامَ سوى الإسْلامِ إنْ حَكَما
***
يا رَبَّ (بَدْرٍ) لِواءُ الحَمْدِ يَقْدِمُهُ
وكانَ بَدْراً على آفاقِها نَجما
***
ورَبَّ (أحدٍ) وسِرَّ (الفتحِ) في يَدِهِ
و(النَّهْرَوانانِ) إذ فاضا دَماً سَجِما
***
يا فالِقَ الهامِ عَنْ وعيٍ، وعنْ عِظَةٍ
وشاهِرَ السَّيْفِ للإسْلامِ مُنْتَقما
***
جارَ الزَّمانُ عَلَيْنا في نَوائِبِهِ
والجُرْحُ أثْخَنُ ما لَمْ يُسْتَطِعْ كَلَما
***
ما أحْوَجَ الدِّينَ في عَصْرٍ بِهِ فُقِدَتْ
حَتَّى المقاييس لا نَقْضاً، ولا بَرَما
***
لقائدٍ عَبْقَريٍّ في مَوَاقِفِهِ
يَغْزُو، ويَكْشِفُ عَنْ أرْواحِنا القِمَما
***
مُضَحِيًّا لا لأطْماعٍ كَمَنْ حَكَمُوا
لكنْ لِيُنْقِذَ هذا العالم الأثما
***
فرُبَّ تَضْحِيَةٍ في اللهِ خالِصةٍ
يُصافحُ المَرْء فيها الصارِمَ الخَذما
***
وهَبْتَ نَفْسَكَ للإسْلامِ تَحْرُسُهُ
لمّا تَبَيَّنْتَ حَقّاً فيهِ قد وُسِما
***
والحقُّ يَعْلُو، ولا يُعْلَى عَلَيْهِ، فما
يُضيرُهُ الكُفْرُ والإلحادُ لَوْ هَجَما
***
والدينُ باقٍ مَعَ الأجْيالِ يُسْرِجُها
فَراقِداً تَسْتبيحُ الليلِ إنْ دَهَمَأ
***
زَهَتْ أشِعَّتُهُ الزَّهْراءُ وازْدَهَرَتْ
أنْوارُهُ، ومَشَى في سَيْرِهِ قُدُما
***
وثَوْرَةُ الدِّينِ والإسْلامِ جارفةٌ
تَجْتاحُ مُنْحرفاً عَنَّا ومُنْهَزِما
***
ورايةُ اللهِ علْيا في مَواكِبِها
للعَدْلِ تَنْشُرُ في آفاقِنا عَلَما
***
اللهُ أكَبْرُ!، والإسْلامُ رائدُنا
والنَّصْرُ للدينِ لا نَوْماً، ولا حُلُما
***
هَيْهاتَ نُخْدَعُ عَنْ دينٍ قَواعِدُهُ
بالطَّيِّباتِ تُشيدُ الأُسَّ والهَرَما
***
فإنَّنا أُمَّةٌ في الدينِ واجدةٌ
تَهُدُّ مَنْ زَيَّفَ الإسْلامَ أوْ رَجَما
***
وإنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ الإله غَداً
أتْقاكُمُ، فأزيلُوا الدَّسَ والتُّهَما
***
حَقيقةٌ بفمِ القُرْآنِ ناطقةٌ
قد وحدَّتْ عَرَب الإسْلامِ والعَجَما
***
أشْكُو إليكَ أميرَ المُؤمنينَ يَداً
للأجْنَبيِّ بنا تَسْتَهْدِفُ القِمَما
***
أشْكُو إليكَ مِنْ الحُكَّامِ فَرْعَنَةً
كما تَفَرْعنَ ذُؤْبانٌ رَعَتْ غَنَما
***
أشْكُو إليكَ مِنْ الأقوامِ فلْسَفةً
تُسَخِّرُ النَّاسَ في غاياتِها خَدَما
***
تُناقِضُ الدِّينَ تَشْريعاً ومُصْطلحاً
وتُلْبِسُ الشَّعْبَ مِنْ كابُوسِها نِقَما
***
فالاقتصاد قد انْهارَتْ قَواعِدُهُ
والوضْعُ في حالةٍ يُرْثَى لَها ألما
***
سياسةٌ سَقَطت قَدْراً، وقد مُلِئتْ
جَوْراً، وقد أمْطَرَتْ مِنْ غَيِّها دِيَمَا
***
وساسة بكراسي الحُكْمِ قد شُغِلُوا
لَلشَّعْبِ لا قَدَماً جَلُّوا، ولا قِدَما
***
فموْطِنٌ هَدَّمُوا في طائِفِيَّتِهِمْ
وشَتَّتُوا الشَّمْلَ عَنْ حِقْدٍ قد اضْطَرَما
***
يَنْعى الجَنُوبُ شمالاً فيهِ مِنْ جَزَعٍ
ويَنْدُبُ السَّهْلُ فيهِ البيدَ والأكما
***
والشَّعْبُ مُضْطَربٌ ممّا يُرادُ بِهِ
وعادَ مُصْطدِماً بالحَيْفِ مُرْتَطِما
***
ومِنْهُ حُريَّةُ التَّعْبيرِ قد سُلِبَتْ
وكُلُّ صَوْتٍ بليغٍ فيهِ قد لُجما
***
أمَّا (الإذاعةُ) فالإسفاف دَيْدَنُها
تُكيلُ مَدْحاً لهذا، أو لذا تُهَمَا
***
وفي (الصَّحافةِ) ما يُغْنيكَ قَوْلُهُم:
(تُعْطي وتَمْنَعُ لا بُخْلاً، ولا كَرَما)
***
لا تَعْجَبَنَّ لحُكْمٍ أنْتَ ناظِرُهُ
أنَّى اسْتطالَ، وأنَّى بالصَّميمِ رَمَى
***
بنُوا أميَّةَ ما زالَتْ جَرائرُهُمْ
تنالُ مِنْ مَجْدِ أهْلِ البَيْتِ ما احْتَشَما
***
في كُلِّ عَصْرٍ (عليٍّ) أوْ (مُعاويةٌ)
فسائِلْ اللهَ والتاريخَ والأُمَمَا
***
يا قادَةَ الفِكْرِ، ما هذا السُّكُوتُ وفي
أوْطانِكُمْ قد تَمادَى الحُكْمُ واحْتَدَما؟
***
يا لَلْرجالِ!! أما في الشَّعْبِ مِنْ رجُلٍ
يُناشِدُ الثأرَ، أو يَسْتَنْجِدُ الشَّمَمَا
***
يا لَرْجالِ!! أما في الشَّعْبِ مِنْ بَطَلٍ
يُدْمي مِنَ الباطلِ الهامات والَّلَمَما
***
لا عُذْرَ للمُسْلمينَ اليومَ إنْ جَبُنُوا
فذاكَ عارٌ بوجْهِ الأمَّةِ ارْتَسَما
***
فأقْحِمُوا المُثُلَ العُلْيا ضمائِرَكُمْ
وجَرِّدُوا للجهادِ السَّيْفِ والقَلَما