في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام)

{ محمد هارون الزنكَي بوري }

للدهر حالان سراء وضراء

وخطتان نعيم ثم بأسماء

***

لا يستقيم له حال على أحد

فقد يسر وقد يغشاه لأواء

***

أمّا ترى الشمس عند الصبح طالعة

بيضاء وهي لدى الامساء حمراء

***

الا ترى البدر يمسي في محاسنه

على كمال له نور واضواء

***

فلا تزال به الساعات تهزله

حتّى المحاق واذ يعروه غماء

***

وربما غاله بالخسف من جسدٍ

من عنده فيغطي النور ظلماء

***

له المعاهد عند الناس واثقة

ولا يرى لعهود منه ايفاء

***

يقدم اللكع العبد اللئيم وقد

يؤخر السمح كفاً وهي دأماء

***

كأنه الرجل المكفوف باصره

او ناقة في سواها الخبط عشواء

***

بل قد اصيبت له احداهما فغدا

يرى بعين واخرى منه عمياء

***

وليس في رائد ذنباً ولا ذللاً

مدح العبيد وبالاحرار ازراء

***

والحرُّ حرُّ وإن مسته نائبة

والعبد عبدٌ وان نالته علياء

***

والجهل جهل وان يخطر بزهوته

والعلم علم وان اعياه انضاء

***

وربّ فقر يرى في ثوب مسكنة

وقد اصاب الغنى منه الالباء

***

وقد يعاف الغنى اذ خالطته هوى

من نفسه ومن الشيطان اغواء

***

يغاص للدر في لج البحار ولا

يدني إلى خزف ابدته غبراء

***

يهيم من همه الدنيا وزبرجها

كأنها عنده غيداء هيفاء

***

لم يدركوا انها فتاكة وبها

خداع ذيب وتمويهٌ واغراء

***

احبها الناس من جهل من سفه

وربما حرمت منها الاحياء

***

سعلاة بيد فان ابدت نواجذها

تصدعت منه أكباد واحشاء

***

وان بدت في ثياب الحسن زاهيةً

لكنها عند أهل اللب شوهاء

***

اقامت الاوكع الاجفى الملوم على

سرير عز بما عمّته اسواء

***

واقعدت عنه عدلاً واهباً سمحا

وتلك داهية في الدهر دهياء

***

قد انزوى من سما فوق السما شرفا

لما توافقت الدنيا واهواء

***

يا سوأة الدهر ما اجفاه من حَكَم

سيان في دائه موتى واحياء

***

هذى جناية دهر خائن ملق

في الحلق منها شج في العين اقذاء

***

لولا التصبر منه الوصية من

خير الورى صال كفا وهي جذّاء

***

يابن الخناياغليط القلب زلت عن

النهج السوى إذ أغرتك شحناء

***

قد اجترحت عظيم الذنب مجتريا

على الذي لم يجد قصواه اراء

***

جاهرت بالفسق في غصب الحقوق وإذا

تزينت لك بيضاء وصفراء

***

على الذي نفسه نفس النبي ولحمه

لحمه والعرس زهراء

***

بنوه ابناء خير الرسل خاتمهم

فهل يوازنهم في الخلق ابناء

***

اتمه الله نورا وهو يطفئه

فهل يفيد لنور الله اطفاء

***

لا تعذلوه على جهل تسربله

فلن يهدّى الذي في عقله داء

***

ان ابن عم النبي الخير مشهده

هو الذي منه الاحكام امضاء

***

منها استقام عمود الدين وانتشرت

من الشريعة في الاقطار انباء

***

من ضاق ذرعا من البلوى فليس الى

سواه من نكبات الدهر الجاء

***

ان امطرت في الورى يوماً سحائبه

تخجلت ديمة في الجو وطفاء

***

ما خاب راجيه يوما في مسائله

بل حفه منه ايلاء واعطاء

***

وعنده علم سر الغيب علمه

النبي ثم من الرحمان القاء

***

امات قوماً واحيا دونهم زمراً

ولم يزل منه افناء وابقاء

***

فمن مهنده الاقدام نالهم

ومن هدايته قد بان احياء

***

لمبغضيه من الاغلال انكلها

وللمحبين جَنَّاتٌ وحوراء

***

لا يدرك العقل قصوى نعته ابداً

فكيف يحصيه انشاء واملاء

***

حر له قدم في المجد راسخة

وعزة في صدور الناس قعساء

***

وبابه منتهى جود ومكرمة

فكم لديه على الجدوى الحّاء

***

اذ قام والحرب قد ابدت نواجذها

لم يبق غير هجا الهيجاء هيجاء

***

اقيالهم عافت الاقبال خشيته

على الحروب فنالوا غير ما شاءوا

***

وادبروا عنه كالحمر التي نفرت

عن الليوث والخسران قد باءوا

***

يا عمروا ما افضح الاقدام منك اذن

وعنده صعدة في الكهف سمراء

***

لم تدر ان الذي ناضلته بطل

ما قام الا وضاقت منه بيداء

***

فقد اراك الذي ما خلت وقعته

اذ لم يغشك رديني وعداء

***

اراك خزيا وذلا لست تزعم ان

تراه ما دام اصباح وامساء

***

حتّى اكبك فوق الترب فارتعدت

لروعة منك اشلاء واحناء

***

وجز راسك لا روعاً ولا رهباً

والرأس عند رسول الله اهداء

***

بضعف بنيته قد قام مجتهداً

وما اعتراه لدين الله اعياء

***

اذ جاء يهدى صراط الله مستويا

ضاءت لطلعته البيضاء بطحاء

***

ويل لمن عاندوه وافتدوا لكعاً

جلفا ظلوماً اذا ما نحوه فاءوا

***

عموا وصموا عن الحق الصريح اذا

غطت بصائرهم حقد وبغضاء

***

تأولوا اذْ رأوه في سما شرف

كما تلون عند الشمس حرباء

***

قد كاشفوا الله في تغيير سنته

فهم لما سنه الرحمان اعداء

***

يصغون قول ضلال طيب انفسهم

إذ انهم عن كلام الحق صماء

***

افديك نفسي ومالي يا حليف تقى

يا خير من ولدته الام حواء

***

لولاك ما انبتت ارض وما بخست

سحب ولا مطرت في الأرض انواء

***

لولاك لم يجر في الاجواء غادية

بصوبها المزن بل لم تأت اجواء

***

ان الورى جسد مثل الجماد بلا

روح وانت له روح وحوباء

***

ان البرية قلب لا ذكاء به

وانت فيه ذكاء والسويداء

***

اذ قمت تخطب بين الناس ترشدهم

حارت لمنطقك المأثور جوزاء

***

واذ تكلمت في نادى مصاقعهم

فألْسُنُ العرب الاقحاح خرساء

***

صلى عليك مليك العرش ما سجعت

اسجاعها في غضون الروض ورقاء

***

صلى عليك اله العالمين الى

مادام في العين غبراء وخضراء

***

صلى عليك بديع الخلق ما اتصلت

بخلقه منه نعماء وسراء

***

صلى عليك صلوة غير نافذة

ما هزت الغصن سجواء ونكباء