في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام)
للدهر حالان سراء وضراء
وخطتان نعيم ثم بأسماء
***
لا يستقيم له حال على أحد
فقد يسر وقد يغشاه لأواء
***
أمّا ترى الشمس عند الصبح طالعة
بيضاء وهي لدى الامساء حمراء
***
الا ترى البدر يمسي في محاسنه
على كمال له نور واضواء
***
فلا تزال به الساعات تهزله
حتّى المحاق واذ يعروه غماء
***
وربما غاله بالخسف من جسدٍ
من عنده فيغطي النور ظلماء
***
له المعاهد عند الناس واثقة
ولا يرى لعهود منه ايفاء
***
يقدم اللكع العبد اللئيم وقد
يؤخر السمح كفاً وهي دأماء
***
كأنه الرجل المكفوف باصره
او ناقة في سواها الخبط عشواء
***
بل قد اصيبت له احداهما فغدا
يرى بعين واخرى منه عمياء
***
وليس في رائد ذنباً ولا ذللاً
مدح العبيد وبالاحرار ازراء
***
والحرُّ حرُّ وإن مسته نائبة
والعبد عبدٌ وان نالته علياء
***
والجهل جهل وان يخطر بزهوته
والعلم علم وان اعياه انضاء
***
وربّ فقر يرى في ثوب مسكنة
وقد اصاب الغنى منه الالباء
***
وقد يعاف الغنى اذ خالطته هوى
من نفسه ومن الشيطان اغواء
***
يغاص للدر في لج البحار ولا
يدني إلى خزف ابدته غبراء
***
يهيم من همه الدنيا وزبرجها
كأنها عنده غيداء هيفاء
***
لم يدركوا انها فتاكة وبها
خداع ذيب وتمويهٌ واغراء
***
احبها الناس من جهل من سفه
وربما حرمت منها الاحياء
***
سعلاة بيد فان ابدت نواجذها
تصدعت منه أكباد واحشاء
***
وان بدت في ثياب الحسن زاهيةً
لكنها عند أهل اللب شوهاء
***
اقامت الاوكع الاجفى الملوم على
سرير عز بما عمّته اسواء
***
واقعدت عنه عدلاً واهباً سمحا
وتلك داهية في الدهر دهياء
***
قد انزوى من سما فوق السما شرفا
لما توافقت الدنيا واهواء
***
يا سوأة الدهر ما اجفاه من حَكَم
سيان في دائه موتى واحياء
***
هذى جناية دهر خائن ملق
في الحلق منها شج في العين اقذاء
***
لولا التصبر منه الوصية من
خير الورى صال كفا وهي جذّاء
***
يابن الخناياغليط القلب زلت عن
النهج السوى إذ أغرتك شحناء
***
قد اجترحت عظيم الذنب مجتريا
على الذي لم يجد قصواه اراء
***
جاهرت بالفسق في غصب الحقوق وإذا
تزينت لك بيضاء وصفراء
***
على الذي نفسه نفس النبي ولحمه
لحمه والعرس زهراء
***
بنوه ابناء خير الرسل خاتمهم
فهل يوازنهم في الخلق ابناء
***
اتمه الله نورا وهو يطفئه
فهل يفيد لنور الله اطفاء
***
لا تعذلوه على جهل تسربله
فلن يهدّى الذي في عقله داء
***
ان ابن عم النبي الخير مشهده
هو الذي منه الاحكام امضاء
***
منها استقام عمود الدين وانتشرت
من الشريعة في الاقطار انباء
***
من ضاق ذرعا من البلوى فليس الى
سواه من نكبات الدهر الجاء
***
ان امطرت في الورى يوماً سحائبه
تخجلت ديمة في الجو وطفاء
***
ما خاب راجيه يوما في مسائله
بل حفه منه ايلاء واعطاء
***
وعنده علم سر الغيب علمه
النبي ثم من الرحمان القاء
***
امات قوماً واحيا دونهم زمراً
ولم يزل منه افناء وابقاء
***
فمن مهنده الاقدام نالهم
ومن هدايته قد بان احياء
***
لمبغضيه من الاغلال انكلها
وللمحبين جَنَّاتٌ وحوراء
***
لا يدرك العقل قصوى نعته ابداً
فكيف يحصيه انشاء واملاء
***
حر له قدم في المجد راسخة
وعزة في صدور الناس قعساء
***
وبابه منتهى جود ومكرمة
فكم لديه على الجدوى الحّاء
***
اذ قام والحرب قد ابدت نواجذها
لم يبق غير هجا الهيجاء هيجاء
***
اقيالهم عافت الاقبال خشيته
على الحروب فنالوا غير ما شاءوا
***
وادبروا عنه كالحمر التي نفرت
عن الليوث والخسران قد باءوا
***
يا عمروا ما افضح الاقدام منك اذن
وعنده صعدة في الكهف سمراء
***
لم تدر ان الذي ناضلته بطل
ما قام الا وضاقت منه بيداء
***
فقد اراك الذي ما خلت وقعته
اذ لم يغشك رديني وعداء
***
اراك خزيا وذلا لست تزعم ان
تراه ما دام اصباح وامساء
***
حتّى اكبك فوق الترب فارتعدت
لروعة منك اشلاء واحناء
***
وجز راسك لا روعاً ولا رهباً
والرأس عند رسول الله اهداء
***
بضعف بنيته قد قام مجتهداً
وما اعتراه لدين الله اعياء
***
اذ جاء يهدى صراط الله مستويا
ضاءت لطلعته البيضاء بطحاء
***
ويل لمن عاندوه وافتدوا لكعاً
جلفا ظلوماً اذا ما نحوه فاءوا
***
عموا وصموا عن الحق الصريح اذا
غطت بصائرهم حقد وبغضاء
***
تأولوا اذْ رأوه في سما شرف
كما تلون عند الشمس حرباء
***
قد كاشفوا الله في تغيير سنته
فهم لما سنه الرحمان اعداء
***
يصغون قول ضلال طيب انفسهم
إذ انهم عن كلام الحق صماء
***
افديك نفسي ومالي يا حليف تقى
يا خير من ولدته الام حواء
***
لولاك ما انبتت ارض وما بخست
سحب ولا مطرت في الأرض انواء
***
لولاك لم يجر في الاجواء غادية
بصوبها المزن بل لم تأت اجواء
***
ان الورى جسد مثل الجماد بلا
روح وانت له روح وحوباء
***
ان البرية قلب لا ذكاء به
وانت فيه ذكاء والسويداء
***
اذ قمت تخطب بين الناس ترشدهم
حارت لمنطقك المأثور جوزاء
***
واذ تكلمت في نادى مصاقعهم
فألْسُنُ العرب الاقحاح خرساء
***
صلى عليك مليك العرش ما سجعت
اسجاعها في غضون الروض ورقاء
***
صلى عليك اله العالمين الى
مادام في العين غبراء وخضراء
***
صلى عليك بديع الخلق ما اتصلت
بخلقه منه نعماء وسراء
***
صلى عليك صلوة غير نافذة
ما هزت الغصن سجواء ونكباء