أَقُطْبَ الرَّحى
أَقُطْبَ الرَّحى والعقلُ في الحكمِ حائرُ
أَحولَكَ دارتْ أَمْ عليكَ الدَّوائرُ
***
كفاكَ فَلا سَيْلٌ يُرى مُتَحَدِّراً
لغيركَ أوْ يَرقى لشأنِكَ طائرُ
***
وَحَسْبُكَ أَنَّ العالمينَ وما حَوَتْ
وَما انجبتْ فيها الهُداةُ العَباقرُ
***
لَتعجزُ أَنْ تأتي بمثلِكَ ثانياً
وَلسْتَ نبيّاً كَيْ تَعِزَّ النظائِرُ
***
وَها هِي ذِي الأيَّامُ في عُنْفِ سَيْرها
لَها وَقفةُ الإِجلالِ وَهي تُفاخِرُ
***
على لقطاتٍ منكَ لَمْ تَرَ مِثْلَها
وَلا أَخَبَرتْ عنها القُرونُ الغَوابِرُ
***
وَلَمْ يَعْهَدِ التَّاريخُ بالنّاسِ رَأْفَةً
وَإِنْ بلغوا ما لَمْ ينلهُ الأكاسِرُ
***
يُحطِّمُ مَنْ شادوا الكياناتِ زَيْفَةً
وَيكشفُ مَنْ باسمِ العقيدةِ تاجروا
***
وَيرفَعُ مَنْ خَاضوا الغِمارَ بعزَّةٍ
وفي رَفْعِ هذا الدِّينِ قاموا وَآزَروا
***
وَقادوا وما انقادوا إلى نَزَواتِهِمْ
وَقَد أنكروا ذاتاً لَهُمْ وَتَنَاصَروا
***
وَأنتَ كما قالَ الكتابُ مُخلَّدٌ
وَحَيٌّ بطيّاتِ القلوبِ وَظاهِرُ
***
أَقطبَ الرَّحى لمّا يَزالُ على النُّهى
غُبارٌ على الأصحابِ شَدّوا وَهاجَروا
***
وَلا ندري إِذْ جئنا نؤبِّنُ مَنْ لَهُ
سَنَبكي ومَنْ تُهدى إليه البشائِرُ
***
فَما مِحنةُ الزهراءِ أَوَّلُ محنَةٍ
وَقَتْلُكَ في سيفِ المُراديِّ آخِرُ
***
فَلا خَيْرَ ما آلَتْ إليهِ المصَائِرُ
إذا تاهَ مَعْذور وَأَسرَفَ عاذِرُ
***
وَلكنَّنا جِئنا نؤبّنُ أُمَّةً
حَيَتْ دُوْنَ أنْ تَحيا لديها الضَّمائِرُ
***
فَأنتَ عليٌ صُورَةُ الحقِّ تَنْجَلي
عَلى الدَّهْرِ مَهْما عاثَ في الخلقِ جائِرُ
***
وانَّكَ صوتُ العدلِ عالٍ مُجاهرٌ
بِملء فَمِ الدُّنيا مُدوٍّ وَهادِرُ
***
وأنت دَليلُ العالمينَ إلى الهُدى
وَإنْ ضَلَّ عَنْ دربِ الهدايةِ عَاثِرُ
***
فَدعنا نفيضُ الدَّمعَ حُزناً وحَسْرَةً
على حالةٍ آلتْ إليها المصائِرُ
***
كأنّي بذاكَ السَّيفِ جَرَّدتَ حَدَّهُ
تُلوِّحُ فيهِ والسُّيوفُ شَواهِرُ
***
وَأَنتَ بأُحدٍ صامِداً في جمُوعِهِمْ
وَتضْرِبُ أمثالاً وَأخرى تُبادِرُ
***
تَحدّاهُمُ فَرداً وَتحمي مُحمَّداً (ص)
وَقَدْ خَذَلَ الأصحابُ حِينَ تَنافَروا
***
وَتَهْزَأُ بالدُّنيا وَفي زَهَواتِها
وبالنّاسِ أَفواجاً عَلَيْها تَقَاطروا
***
تُشيرُ إلى البابِ العظيمِ قَلعَتَهُ
بِخيبرَ كيفَ اليومَ عَنْهُ تَنَاثَروا
***
إلى رأسِ عَمروٍ كيفَ رُحتَ تَجِذُّهُ
وَهُمْ دُونَ وَغدٍ أعْوَرِ قَدْ تَصاغَروا
***
فَوَاللهِ إِنْ نبكِ المُصابَ فإِنَّما
عَلى حالِنا إذْ داهَمَتْنا المخَاطِرُ
***
وَإنّا وَلا زِلْنا نَرى الحَقَّ جَهْرَةً
وَلمَّا تَزَلْ عَنهُ تُغَضُّ البصَائِرُ
***
وَنَرجوالإولى القبلتَينِ إسْتِعادةً
وَنأَنفُ باسمِ الدِّينِ حَرْباً نُبادِرُ