أمير الزهد
يا زاهد ملك الدنيا وما قنعا
بالزهد يفترش الاضلاع مضطجعا
***
واختار رمضاءها جمرا وكان له
ان يصطفى زهوها قاعا ومرتفعا
***
وان يكون بها المحمول في سرر
خضر تكون له جند ومدرعا
***
وان يضم الامالي وهي مترعة
بما تفجر من صفو وما سطعا
***
لكنه جعل الدنيا محدقة
في زهده وهو ياوى الزهد مجتمعا
***
مذهولة عجبا ممّا ترى فلقد
اعطته ما حملت ارثا ومبتدعا
***
وقد تبرج فيها السحر مرتديا
نضارة تدهش الاعجاب والبدعا
***
واقبلت نحوه مدفوعة بهوى
طاغ تسابق فيه الشوق مندفعا
***
فما اقر لها قربا وما وجدت
في خطوها اثرا من خطوه انطبعا
***
فحيدر مولد للزهد منطلق
فيه إلى ازل بالخالدات سعى
***
ولن يبادل اغراء الزوال بما
يبقى ولن يترك الايمان منقطعا
***
فقد توحد فيه زاهدا وحوى
اسراره وهي تمشي حوله تبعا
***
فقد اضاء لها تاريخها فرأت
ما لا ترى واطمأنت فيه مطلعا
***
وكان اذ تقبل الاوطار صاغرة
وينهك الجشع المحموم ما صنعا
***
يعلو بسيمائه الحرمان مبتهجا
بما يرى وبما اعطى وما جمعا
***
وكل منحدر بالطامعين ومن
توسلوا السحت احلاماً ومنتجعا
***
لم يلتمس من علي غير مرتفع
للزهد فوق ذرى الامجاد قد رفعا
***
فكل من ملكوا في الأرض ما ملكوا
في الزهد ما زرع الكرار او وضعا
***
يا زاهدا ملك الدنيا باجمعها
وما استطاب بها ملكا ومرتبعا
***
وما استكان إلى زهد تحف به
الاوهام ناضحة من يائسه جزعا
***
وما اطمأن إلى زهد يروم به
يوما يعيد به ما فات وانقطعا
***
وما توخى قناعا يستعير له
وجها يراد له أن يهجس الجشعا
***
وما ارتضى الزهد غير العمر يحمله
نورا بكل امتداد الدهر متسعا
***
نأى بصورته عن كل شائبة
وفاض في كفه عذبا بما نبعا
***
اني لاسمعه اني لابصره
بما اباح وما اغنى وما زرعا
***
يدق يوقظ يرمي كل غاوية
للوهم يسقط ما اغوى وما خدعا
***
يقول: ان الذين استوطنوا صور
الاغراء واستوطنوا اشباحها متعا
***
كانوا سرابا وظل الرابضون على
الاحقاب من زهدوا واستوطنوا الورعا