في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام)
ما مرَّ يومُكَ حينَ مِتَّ شهيدا
إلا وجدّدَ حزنَنا تجديدا
***
يا من تَنَزّلَ مِن يمينِ العرشِ للـ
ـــدّنيا وغادَرها إليهِ حميدا
***
يا راعي الأيتام في عهدٍ به
كانَ اليتيمُ بعيشِهِ محسودا
***
ما كنتُ أحسبُ أن يكونَ اليتمُ منْ
بعضِ الأماني المستهلّةِ عيدا
***
حتّى بُعثتَ أباً لكلِّ مميزٍ
باليتمِ تمنحُهُ الأبَ المفقودا
***
أمِنَ التعقّلِ أن تجفَّ دموعُنا
ونبثَّ للسلوى إليك قصيدا
***
أو لا نُزينُ بالجراح صدورَنا
ونطيلُ فيكَ النَوحَ والتعديدا
***
أنت الأبُ المفقودُ للدينِ الذي
غُيِّبتَ عنه وكانَ بعدُ وليدا
***
يبكي وجبريلٌ بكى لبكائهِ
لما رآهُ وركنَهُ مهدودا
***
يا صولةَ الباري على من أفسَدوا
قوّمْتَ من دينِ الإله حُدودا
***
يا فيصلاً للآن يُفضَحُ فيه مَنْ
عَبدَ الحياةَ وخالفَ المعبودا
***
هيهاتَ أنْ نحيا بظلٍّ وارفٍ
مذْ صِرتَ في لحدٍ بهِ ممدودا
***
هذا لمن عجب الأمور بأنْ ترى
نبعاً يجفُّ وكانَ قَبلُ بَرودا
***
أو أن ترى الجوزاءَ من عليائها
تهوى لتسكنَ تربةً وصعيدا
***
هذي وحقِّ اللهِ ضيزى قسمةٍ
لو كنتَ تسألُ عادِلاً ورشيدا
***
وضعوا القبابَ على أضالعَ قد حَوَتْ
سبعَ القبابِ وحشدَها المحشودا
***
وتخيروا صَدَفاً لها فتحسرت
خجلاً وقد حوت اللآليالسودا
***
العدلُ بعدك صارَ نُهزةَ طامِعٍ
ولَكَم تحمَّلتَ الأذى ليسودا
***
قمْ وانظرِ الفقراءَ في الدنيا رأوا
حلمَ الرّغادةِ لا يزالُ بعيدا
***
فَهَووا لتحصيل القناعةِ بعدما
عَلِموا بفقدِكَ قد أضاعوا الجودا
***
من بعد يومِك ما تنفّسَ صبحُنا
حتّى الليالي البيض صارتْ سودا
***
يا من هويتَ إلى السجود مضرجا
بِدَمٍ وقد جُلِّلتَ منه لُبودا
***
ظَنّوا بقتلِكَ أن تبيدَ وتختفي
هيهاتَ لنْ يَضعوا عليكَ قيودا
***
نهجُ البلاغة لا يزالُ يذيقُهُمْ
يأساً ويتركُ دربَهم مسدودا
***
خُطبٌ بمحكَمِها تمنهجُ فكرَنا الـ
ـمتشابِهَ السّامي إليكَ صُعودا
***
علّمتنا أنّ الحياة حقيرةٌ
لنمجَّ عيشاً عندها محدودا
***
ولِكَيْ نشذِّبَ كالسّهام طماحَنا
نرمي بها عيشاً لنا مَنْشودا
***
بالقائم المهديّ آخرِ حيدرٍ
يَهَبُ الحياةَ رغادَةً وسُعودا
***
فنعافُ كلّ الأمنياتِ لأنه
أقصى الأماني أن تعيشَ سعيدا
***
ويعيدُ كلّ فضيلةٍ مسلوبةٍ
يُمسي لحيدرَ حقُّها مردودا
***
صلى عليه اللهُ مِن متغيبٍ
قد حانَ وقتُ خروجِهِ ليعودا