أماكن الدراسة في حوزة النجف
أين تُعقد الدروس الحوزوية؟ ربما تبادر للذهن، أن هناك قاعات للدرس، وكليات للمحاضرات، مع أنه لا شيء من ذلك في حوزة النجف؛ فمكان الدرس غير محدّد، فربما كان في بيت الأستاذ نفسه، على أنّه كثيراً ما يكون في المساجد الرحبة البعيدة عن الضجيج، فيجلس الطلاب على الأرض، متحلقين حول الأستاذ، فإذا كثر عددهم اتسعت صفوفهم غير نظيمة، واضطر الأستاذ لأن يجلس على المنبر، ليُسمِع صوتَه إلى أقصى الحضور.
ولعل التجديد الوحيد الذي دخل على هذا التدريس، هو أن الأساتذة صاروا يستعملون مكبرات الصوت، ليوصلوا أصواتهم إلى أبعد طالب بلا جهد ولا عناء.
لم تتقيد جامعة النجف بمحل واحد للدراسة، انما نراها تتخذ من الجوامع والمدارس(الأقسام الداخلية) والصحن الشريف مكاناً للتدريس. ومن أجل تنوير الباحث نعطي صورة موجزة عن هذه المرافق الرئيسية:
آ ـ الصحن الشريف:
لم يكن اتخاذ الصحن الشريف الحيدري مكاناً للتدريس حديثاً، انما يرجع تأريخه إلى العهد البويهي، حينما بناه عضد الدولة البويهي فبنى غرفاً للصحن.
ولقد اعتاد طلاب العلم أن يعقدوا في هذه الغرف والايوانا الحلقات التدريسية، وربما تعدى إلى ساحة الصحن نفسه, الطابق العلوي ويضم (44) غرفة في آخر عمارة له.
ب ـ الجوامع (المساجد):
في النجف جوامع كثيرة قديمة العهد، منتثرة هنا وهناك، ولقد اتخذ طلاب العلوم الدينية من بعضها مركزاً للتدريس والبحث، ونأتي على ذكر أهمها:
1 ـ مسجد عمران:
وهو المسجد المنسوب إلى عمران بن شاهين[1]، وهو من أقدم المساجد النجفية، وأبعدها صيتاً، ويمكن أن ندعي انه كان من قديم الزمان مركزاً للتدريس فهو يقع في مدخل الصحن الحيدري من جانب باب الطوسي، ويرجع عهده إلى أواسط القرن الرابع الهجري. ويعقد الآن فيه بحث الإمام السيد محسن الحكيم.
2 ـ مسجد الخضراء:
وينسبه البراقي إلى عليّ بن المظفر، وهو من المساجد القديمة البعيدة العهد، وموقعه شرقي الصحن بالقرب من الجهة الشمالية، وله باب من الصحن الحيدري، كما له باب من الشارع العام.
وقد اتخذ مقراً للتدريس والبحث، ويعقد فيه الآن بحث الإمام السيد أبي القاسم الخوئي.
3 ـ مسجد الشيخ الطوسي:
وهو من المساجد القديمة، كان داراً لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي، وبعد وفاته عام 460 أوصى أن يجعل مسجداً من بعده، ويعتبر هذا الجامع مركزاً للعلم والتحصيل في كل أدواره، ويقع في محلة المشراق من الجهة الشمالية من الصحن في أول شارع الطوسي اليوم، وبازائه مقبرة السيد محمّد مهدي بحر العلوم.
4 ـ مسجد الهندي[2]:
وأسس هذا المسجد في أوائل القرن الثالث عشر الهجري في عصر الشيخ حسين نجف الكبير، ومن حين تأسيسه اتخذه طلاب العلوم الدينية مركزاً للدرس، يجتمع فيه أكثر أهل العلم، وتعقد فيه عشرات الحلقات لفضلاء العصر. بالاضافة إلى بحث الإمام السيد محمود الشاهرودي ويقع في آخر سوق البزازين الواقع قبلة الصحن الشريف، وله باب اليوم على شارع الرسول.
5 ـ مسجد الشيخ مرتضى:
ولم يكن هذا المسجد بالمرتبة الاُولى غير انه من حين تعميره حتى الآن اتخذ محلا للتدريس والتحصيل، فلقد اسس بايعاز من الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى سنة 1281 هـ، وقد اتخذه الإمام السيد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي مركزاً لدرسه، ثم اتخذه الإمام السيد عبدالهادي الشيرازي مقراً لبحثه، واليوم يلقي فيه الإمام الخميني درسه.
هذه هي المساجد التي كانت، وما زالت مركزاً للتدريس، والأبحاث الخارجية المهمة، وهناك عدد من المساجد غير رئيسية قد اتخذت للبحوث الصغيرة، كمسجد الرأس الذي يقع في الصحن الحيدري تحت الطاق، ومسجد الصاغة والذي يقع في آخر سوق الصاغة من السوق الكبير، كذلك مسجد آل الجواهري، والذي يقع في محلة العمارة وكذلك مسجد العلاّمة الشيرازي المتوفى سنة 1312 هـ، وكان محلا لدرس الزعيم الروحاني السيد ميرزا محمّد حسن الشيرازي قبل هجرته إلى سامراء، إلى غير ذلك من المساجد الكثيرة التي تعقد فيها الحلقات الخاصة للدرس.
جـ ـ المدارس:
وهذا مرفق ثالث، اتخذ منه المدرسون مقراً لحلقاتهم الدراسية، وإن كثيراً من هذه المدرسة اليوم تعتبر بمثابة قاعات للمحاضرات والتدريسات إلى جانب كونها أقساماً داخلية ومنازل للطلاب من الغرباء أو الذين لم تتوفر لهم في بيوتهم غرف للمطالعة والدرس.
- مدرسة الصدر، أسسها محمّد حسين خان الأصفهاني حوالي سنة (1140) هـ وتشمل على (30) غرفة، وأضيف لها ملحق يشمل على (14) غرفة، وتقع في السوق الكبير.
- مدرسة كاشف الغطاء، وكانت تعرف بـ (مدرسة المعتمد ) أسسها معتمد الدولة عبّاس قلي خان حدود سنة (1250) هـ، وتشمل على (20) غرفة قام بتعميرها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء، وأقام فيها ملحقا لمكتبته الشهيرة فنسبت المدرسة إلية، وتقع في محلة العمارة.
- المدرسة المهدية، أسسها الشيخ مهدي كاشف الغطاء حدود سنة (1291)هـ وتشتمل على(22) غرفة ، وتقع جوار جامع الشيخ الطوسي.
- مدرسة القوام، أسسها فتح علي خان الشيرازي حوالي سنة (1300) هـ، وتشتمل على (26) غرفة ، وتقع ملاصقة للمدرسة المهدية.
- المدرسة السليمية، أسسها المقداد السوري (صاحب كنـز العرفان) سنة 828 وكانت تعرف باسمه، وجددها سليم خان الشيرازي حوالي سنة (1205)هـ، وتشتمل على(12) غرفة، وتقع في سوق المشراق.
- مدرسة الايرواني، أسسها الحاج مهدي الايرواني سنة(1305)هـ، وتشتمل على(19) غرفة، وتقع في محلة الحويش.
- مدرسة الخليلي الكبرى، أسسها الميرزا حسين الخليلي سنة (1316)هـ ، وتشتمل على(46) غرفة ، وتقع في محلة العمارة ، وكانت مربعة تتألف من طابقين جميع جدرانها مكسوة بالقاشاني المنقوش بصورة غاية في الجمال والإبداع. هدمها الطاغية صدام حسين مع ما هدم من المدارس وجوامع وحسينيات ما بين الصحن الشريف ومرقد العبد الصالح (صافي الصفا) ووزعها مشاريع سياحية.
- مدرسة الشربياني، أسسها الشيخ محمد الشر بياني سنة (1320) هـ ، وتشتمل على (40) غرفة، وتقع في محلة الحويش.
- مدرسة الاخوند الكبرى، أسسها الشيخ محمد كاظم الخراساني سنة(1321)هـ، وتشتمل على(40) غرفة ، وتقع في محلة الحويش.
- مدرسة الخليلي الصغرى، أسسها الميرزا حسين الخليلي سنة (1322) هـ ، وتشتمل على (18) غرفة ، وتقع في محلة العمارة ، وعرفت بعدئذٍ بـ (مدرسة الجزائري الأحمدية) ، هدمت من قبل الطاغية صدام حسين بنفس الطريقة التي هدمت بها مدرسة الخليلي الكبرى.
- مدرسة القزويني ، أسسها الحاج محمد أغا الأمين القزويني سنة (1324)هـ ، وتشتمل على (30) غرفة ، وتقع على ما يعرف بالطمة.
- مدرسة البادكوبي، أسسها الحاج علي البادكوبي سنة (1325) هـ ، وتشتمل على (30) غرفة ، وتقع في شارع الإمام زين العابدين (عليه السلام).
- مدرسة الهندي ، اسسها ناصر علي خان اللاهوري سنة(1328) هـ ، وتشتمل على (20) غرفة ، وتقع في محلة العمارة.
- مدرسة الأخوند الوسطى ، أسسها الشيخ محمد كاظم الخراساني سنة (1326)هـ ، وتشتمل على (12) غرفة ، وتقع في شارع الإمام الصادق (عليه السلام).
- مدرسة الأخوند الصغرى ، أسسها الشيخ كاظم الخراساني سنة(1328)هـ ، وتشتمل على (12) غرفة ، وتقع في محلة البراق.
- مدرسة البخارائي ، أسسها محمد يوسف البخارائي سنة (1329)هـ ، وتشتمل على (16) غرفة ، وتقع مجاور مدرسة الأخند الكبرى.
- مدرسة السيد محمد كاظم اليزدي ، أسسها سنة (1329)هـ ، وتشتمل على (80) غرفة ، وتقع في محلة الحويش في أحد الفروع الخارجة من شارع الرسول (صلى الله عليه وآله).
- المدرسة الباكستانية البلتستانية ، تأسست عام (1370).
- مدرسة البروجردي الكبرى ، أسسها السيد حسين البروجردي سنة (1373) هـ ، وتشتمل على (64) غرفة ، وتقع قرب دورة الصحن.
- مدرسة الشيرازي الكبرى، أسسها السيد عبد الله الشيرازي سنة (1373)هـ، وتشتمل على (22) غرفة ، وتقع في محلة الجديدة.
- مدرسة الشيرازي الصغرى ، أسسها السيد عبد الله الشيرازي سنة (1377)هـ، وتشتمل على (8) غرفة ، وتقع في محلة الجديدة.
- مدرسة الرحباوي ، أسسها الحاج عباس الحاج محسن ناجي سنة (1378) هـ، وتشتمل على (18) غرفة ، وتقع في شارع المدينة.
- مدرسة البروجردي الصغرى، أسسها السيد حسين البروجردي سنة (1378) هـ، وتشتمل على(12) غرفة ، وتقع في سوق العمارة.
- مدرسة الجوهرجي ، أسسها الحاج محمد صالح الجوهرجي سنة (1383) هـ، وتشتمل على (54) غرفة وفي طابقها الأرضي مسجد واسع ، وتقع في شارع المدينة.
- المدرسة العاملية، أسست بسعي الشيخ محمد تقي الفقية، وتشمل على(40) غرفة، وتقع في شارع مسلم بن عقيل.
- مدرسة غديريان، وتشتمل على دار صغيرة لسكني الطلبة مع عوائلهم ولانعرف تأريخ إنشائها، وتقع في محلة العمارة.
- مدرسة البغدادي، أسسها الحاج عبد العزيز البغدادي سنة (1383)هـ، وتشتمل على(99) غرفة، وتقع في ساحة الإمام الحسين (عليه السلام).
- المدرسة الشبرية، والتي سميت فيما بعد مدرسة (الامام الصادق "عليه السلام") أسسها السيد علي شبر الحسيني عام (1384) هـ ، وتقع في محلة البراق.
- مدرسة اليزدي الصغرى، أسسها السيد أسد اليزدي سنة(1385)هـ ، وتشتمل على(40) غرفة ، وتقع في محلة العمارة هدمت بالطريقة التي هدمت بها مدرسة الخليلي الكبرى من قبل الطاغية صدام حسين.
- مدرسة السيد هاشم البهبهاني، أسسها عام(1385) هـ .
- مدرسة الأزري،أسسها المرحوم الحاج عبد الامير الأزري عام(1385).
- مدرسة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، أسسها الحاج عبد أبوطبرة عام (1388)هـ.
- مدرسة دار الحكمة ، أسسها السيد محسن الحكيم عام(1390) هـ فجرها الطاغية بعد انتفاضة شعبان.
- مدرسة دار العلم ، أسسها السيد أبو القاسم الخؤئي ، وكانت تقع في دورة الصحن الشريف مقابل باب الصحن المعروف بباب العمارة فهدمها الطاغية صدام بالصورة التي ذكرتها في مدرسة الخليلي الكبرى.
- المدرسة المهدية ، أسسها الحاج مهدي مرزة سمّيت بعد ذلك بجامعة الصدر في شارع أبي صخير مقابل البلدية.
- مدرسة الباكستانين ، في شارع ابي صخير مقابل البلدية .
- مدرسة الشيخ محمد علي المدرس الأفغاني .
- مدرسة السيد عوض الأفغاني.
- مدرسة جامعة النجف الدينية ، أسسها الحاج محمد تقي إتفاق بسعي العلامة السيد محمد كلانتر على مساحة خمسة آلاف متر مربع في حي السعد على الشارع الرئيسي الذي يربط النجف بالكوفة ، أسست عام (1370)هـ وافتتحت عام(1382)هـ هي اكبر مدارس النجف على الإطلاق تضم(208) غرفة والطابق الأول يضم(62) غرفة والطابق الثاني(54) غرفة والطابق الثالث(92) غرفة وتضم على جانبي المدخل في الجهة اليمنى مكتبة مؤلفة من طابقين على مساحة(225) متر مربع وعلى الجانب الأيسر مسجدا بنفس المساحة إلى جانب كل منهما غرفة إحداهما للعميد السيد الكلانتر رحمه الله من حين الافتتاح إلى عام (1421)هـ والأخرى مقبرة له وللمؤسس وساعد هذا التصميم على تشكيل قوس يقع باب الجامعة في منـتصفه.
--------------------------------------------------------------------
[1] عمران بن شاهين: رأس الامارة الشاهينية بالبطحية، ومؤسسها أصله من الجامدة ـ من أعمال واسط (ينتسب إلى بني سليم، كان عليه دم وهرب إلى البطائح، فاحتمى بالآجام يتصيد السمك والطير. ورافقه الصيادون، والتف عليه اللصوص، ولم يتمكنوا منه، ثم كثر جمعه واستفحل أمره، فأنشأ معاقل وتمكن أمره وعجزت عنه حكومة واسط، واستولى على الجامدة، وامتد سلطانه في نواحي البطائح، فجهز له معز الدولة جيشاً من بغداد سنة 338 هـ، فهزمه عمران، ونشبت بينه وبين معز الدولة معارك انتهت بالصلح على أن تكون إمارة البطحية لعمران. وحاول معز الدولة وابنه بعده أن يخضعاه فضعفا، واستمر أميراً منبع الجانب، مدة أربعين سنة. من بدء خروجه، ومات على فراشه، عام 369 هـ وتوارث بنوه الامارة من بعده، ولم تطل مدتها قال السيد ابن طاووس: وبنى الرواق المعروف برواق عمران في المشهدين الغروي والحايري على مشرفيهما السلام له موقف مع عضد الدولة راجع قصته في (فرحة الغري: 126 ـ 128 وترجمته في الأعلام: 233 ـ 5).
[2] جاء في هامش صفحة 117 ـ 1 من ماضي النجف وحاضرها في سبب تسمية هذا المسجد الهندي بأنه كان والسوق المجاور له لعائلة ثرية هندية تقطن النجف عرف منها ميرزا عليّ أنور الملقب بالفاضل الهندي.