ولده وأحفاده:

أمّا ولده فهو الشيخ فخر الدين (المحققين) أبو طالب محمّد بن الحسن ولد ليلة الإثنين عشرين جمادى الاُولى سنة 682 هو أشهر من أن يذكر، ترجم له أصحاب المعاجم وأثنوا عليه ثناءاً بالغاً، ونحيل القرّاء إلى ثناء أبيه عليه في مقدّمة كتابنا هذا ـ الألفين ـ فقد أطراه وأثنى عليه.

يروي عن الشيخ الإمام والده عن جمع كثير، وقد قال هو عن نفسه: إنّ لي إلى الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) طرقاً تزيد على المائة(1).

قرأ على أبيه الإمام كتاب تهذيب الأحكام قال: فإنّي قرأت على والدي درساً بعد درس وتمت في جرجان سنة 712(2)، وكذا قرأ على أبيه كتاب النهاية والجمل درساً بعد درس، وقرأ عليه كتاب من لا يحضره الفقيه من أوّله إلى آخر كتاب الصلاة، وباقي الكتاب إلى آخره سماعاً عليه، كما قرأ عليه كتاب الرجال للنجاشي في نسخة بخطّ السيّد ابن معد وهي مصححة مضبوطة، وسمع كتاب الكشّي إلى غير ذلك من كتب الحديث والفقه والرجال وغير ذلك.

حتّى في اللغة فقد كان من شيوخها المعتمدين، ومراجعها الموثوقين على وتيرة أبيه، وقد ذكر الفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط في إجازته لبعض أصحابه وقد كتبها على ظهر كتاب (التكملة والذيل والصلة كتاب تاج اللغة) لمحمّد بن الحسن الصاغاني مايلي: (عن شيخي ومولاي علاّمة الدنيا، بحر العلوم وطه العلى فخر الدين أبي طالب محمّد بن الشيخ الإمام الأعظم، برهان علماء الاُمم جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلي، بحقّ روايته عن والده، بحقّ روايته عن مؤلّفه الحجة... الحسن بن محمّد الصغاني) وتاريخه سنة 757(3).

ويظهر من وصية والده شيخنا ابن المطهّر إليه المذكورة في آخر كتاب القواعد مدى إعتقاد الشيخ الوالد بكمال ولده(رحمهما الله)، كما يظهر مدى حرص الشيخ على ولده في ترغيبه على العلم وتهذيب الأخلاق والصبر على مصائب الدنيا من وصيته الشعرية الّتي ذكرها الحجة الشيخ محمّد الشويهي والّتي ستأتي في شعره.

وله مؤلّفات كثيرة ذكرت في ترجمته في المعاجم الرجالية.

توفي في ليلة الجمعة 25 جمادى الثانية سنة 771 هـ. وله ولدان وهما الشيخ ظهيرالدين محمّد بن فخر الدين محمّد من مشايخ تاج الدين ابن معيّة (ت 776 هـ) والشيخ أبو المظفر يحيى بن فخر الدين محمّد، وكتب جملة من تصانيف جدّه منها (خلاصة الأقوال) فكتب له أبوه عليها إجازة وصورتها في مستدرك الاجازات(4)وكلاهما من مشايخ الإجازة.

 

شعره:

لم يذكره شاعراً من جمع أخبار شعراء الحلة، كما لم أقف له على ذكر بين شعراء الحلة عند المتقدمين، ولعلّ سبب ذلك يرجع إلى بروز العلاّمة الحلي كفقيه عظيم ومتكلّم حكيم مشارك في شتى فنون المعرفة الّتي برزت آثاره فيها كلّ ذلك صرف النظر عن كونه شاعراً وإن كان قد قرض الشعر ومارسه.

لقد ذكر المرحوم الحجّة الشيخ محمّد بن يونس بن الحاج راضي الشويهي الربيعي الحميدي الأصل والحسكي المنشأ والمسقط والمولد والنجفي الاشتغال والوطن والدار والمدفن في خاتمة المجلد الأوّل من كتابه براهين العقول، قصيدة للعلاّمة الحلي (قال الشويهي): وعليك بالنظرة في القصيدة الّتي وعظ العلاّمة بها ولده فخر المحققين في الترغيب على العلم والصبر على مصائب الدنيا وتهذيب الأخلاق وأخاويف الآخرة واعمل بها، وهي هذه:

أيا ولدي دعوتك لو أجبتا *** إلى ما فيه نفعك لو عقلتا

إلى علم تكون به إماماً *** مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا

ويجلو ماء عينك من عماها *** ويهديك السبيل إذا ظللتا

وتحمل منه في ناديك تاجاً *** ويكسوك الجمال إذا اغتربتا

ينالك رفعة ما دمت حياً *** ويبقى فخره لك إن ذهبتا

هو العضب المهنّد ليس ينبو *** تصيب به مطاعاً إن ضربتا

وكنز لا تخاف عليه لصاً *** خفيف الحمل يؤخذ أين كنتا

يزيد بكثرة الإنفاق منه *** وينقص إن به كفّاً شددتا

فلو قد ذقت من حلواه طعماً *** لأكثرت التعلم واجتهدتا

ولا يلهيك عنه أنيق روض *** ولاخدن بزينتها كلفتا

ولا يشغلك عنه هوى مطاعٌ *** ولا دنيا بزبرجها فتنتا

ولا تحفل بمال زال عنكا *** فليس المال إلاّ ما علمتا

وليس بجاهل في الناس مُغن *** ولو مُلك العراق له تأتّا

وما يغنيك تشييد المباني *** إذا بالجهل نفسك قد هدمتا

جعلت المال فوق العلم جهلا *** لعمرك في القضية ما عدلتا

وبينهما بنصّ الوحي فرق *** ستعلمه إذا طاها قرأتا

فإن رفع الغنيُ لواء مال *** فأنت لواء علمك قد رفعتا

وإن جلس الغني على الحشايا *** فأنت على الكواكب قد جلستا

وإن ركب الخيول مسوّمات *** فأنت مناهج التقوى ركبتا

ومهما افتض أبكار الغواني *** فكم حكم من العلم افتضضتا

وليس يضرك الإقتار شيئاً *** إذا ما أنت ربّك قد عرفتا

وماذا عنده لك من جميل *** إذا بفناء طاعته أنختا

فقابل بالقبول صحيح نصحي *** وإن أعرضت عنه فقد خسرتا

وإن باديته قولا وفعلا *** وتاجرت الإله فقد ربحتا

فرأس العلم تقوى الله فيه *** وليس بأن يقال لقد رؤستا

وإن اُوتيت فيه طول باع *** وقال الناس انّك قد سبقتا

فلا تأمن سؤال الله عنه *** بتوبيخ علمت وما عملتا

فواظبه وخذ بالجدّ فيه *** وإن اعطاكه الله أخذتا

فقوت الروح أرواح المعاني *** وليس بأن أكلتا أو شربتا

ستُفقد إن جهلت وأنت باق *** وتوجد إن علمت وقد فقدتا

وإن ألقاك فهمك في مهاد *** فليتك ثمّ ليتك لا فهمتا

إذا ما لم يفدك العلم خيراً *** فخير منه أن لو قد جهلتا

ستجني من ثمار العجز جهلا *** وتصغر في العيون إذا كبرتا

وتذكر مقولي لك بعد حين *** إذا يوم القيامة قد سئلتا

وقد أبصرت صحبك في مقام *** قد ارتفعوا عليك وقد سفلتا

تفتّ فؤادك الأيام فتاً *** وتنحت جسمك الساعات نحتا

وتدعوك المنون دعاء صدق *** ألا يا صاح أنت اُريد أنتا

أراك تحب عرساً ذات غدر *** أبتّ طلاقها الأكياس بتّا

تنام الدهر ويحك في عضيض(5) *** بها حتّى إذا مت انتبهتا

وكم ذا أنت مخدوع وحتّى *** متى لا ترعوي عنها وحتّى

ولا تضجر من الدنيا لشيء *** تسرك مدّة وتسيئ وقتا

وغايتها إذا فكّرت فيها *** كظنك أو كحلمك إذ حلمتا

سجنت بها وأنت لها محبٌ *** فكيف تحبّ ما فيه سجنتا

وتطعمك الطعام وعن قريب *** ستطعم منك مامنها طعمتا

وتعرى إن لبست بها ثياباً *** وتكسى إن ملابسها خلعتا

وتشهد كلّ يوم دفن خلٍّ *** كأ نّك ما تراه لما شهدتا

ولم تخلق لتعمرها ولكن *** لتعبرها فجدّ لما خُلقتا

ولا تحزن على ما فات منها *** إذا ما أنت في اُخراك فُزتا

فإن هُدمِت فزدها أنت هدماً *** وحصّن أمر دينك ما استطعتا

وليس بنافع ما نلت منها *** من الفاني إذا الباقي حرمتا

ولا تضحك مع السفهاء جهلا *** فإنّك سوف تبكي إن ضحكتا

ولا تقل الصِبا فيه مجال *** ففكّر كم صغير قد دفنتا

وسل من ربّك التوفيق فيها *** وأخلص في الدعاء إذا سألتا

ولازم بابه قرعاً عنيفاً *** ستفتح بابه لك إن قرعتا

وأكثر ذكره في الأرض دأباً *** لتذكر في السماء إذا ذكرتا

ونادي إذ سجدت له اعترافاً *** بما ناداه ذا النون بن متى

فنفسك ذم لا تذمم سواها *** بعيب فهي أجدر من ذممتا

ولا ترضى المعايب فهي عارٌ *** عظيم تورث الإنسان مقتا

وتهوي بالوجيه من الثريا *** وتبدله مكان الفوق تحتا

ولا تلبث بحيّ فيه ضيم *** تميت القلب إلاّ إن كلفتا

وغرّب فالغريب له نفاق *** وشرّق إن بريقك قد شرقتا

فليس الزهد في الدنيا خمول *** لأنت بها الأمير إذا زهدتا

ولو فوق الأمير يكون فيها *** نمواً وافتخاراً كنت أنتا

وإن فارقتها وخرجت منها *** إلى دار البقاء فقد سلمتا

وإن أكرمتها ونظرت فيها *** باجلال فنفسك قد أهنتا

فبالطاعات تبلغ للذراري *** وتجعلك القريب وإن بعدتا

وتنشر عنك في الدنيا جميلا *** وتلقي البرّ فيها حيث سرتا

فأنت الآن لم تعرف بعار *** ولا دنّست عرضك مذ نشئتا

ولا سابقت في ميدان زين *** ولا أوضعت فيه ولا حللتا

وتدنس ما تطهّر منك حتّى *** كأ نّك قبل ذلك ما طهرتا

فصرت أسير ذنبك في وثاق *** ومن لك بالخلاص وقد وثقتا

فلو بكت الدما عيناك خوفاً *** لذنبك لم أقل لك قد أمنتا

ومن لك بالأمان وأنت عبد *** أُمرت فما ائتمرت ولا أطعتا

رجعت القهقرى وخبطت عشواً *** لعمرك لو وصلت لما رجعتا

ثقلت من الذنوب فليس تخشى *** لذنبك أن تخاف إذا وردتا

وتشفق للمصرّ على المعاصي *** وترحمه ونفسك ما رحمتا

فلا تكذب فإنّ الأمر جدٌّ *** وليس كما حسبت ولا ظننتا

فلو قد جئت يوم الحشر فرداً *** وأبصرت المهاول فيه شتى

لأعظمت الندامة فيه لهفاً *** على ما في حياتك قد أضعتا

تفرّ من الهجير وتتقيه *** فهلاّ من جهنم قد فررتا

وخف أبناء جنسك واخش منهم *** كما تخشى الضراغم والسبرتا

وخالطهم وزاولهم حذاراً *** وكن كالسامري إذا لممتا

وإن جهلوا عليك فقل سلام *** لعلك سوف تسلم ان فعلتا

ومن لك بالسلامة في زمان *** تنال العصم إلاّ ان عصمتا

وقل لي يا نصيح لأنت أولى *** بنصحك لو بعقلك قد نظرتا

تقطعني على التفريط لوماً *** وبالتفريط دهرك قد قطعتا

وفي صغري تخوفني المنايا *** وما يجري ببالك إذ شييختا

وكنت مع الصبا أهدى سبيلا *** فما لك بعد شيبك قد نكصتا

وها أنا لم أخض بحر الخطايا *** كما قد خضت حتّى أن غرقتا

ولم أشرب حميّاً أم دفينا *** وأنت شربتها حتّى سكرتا

ولم أحلل بواد فيه ضيم *** وأنت حللت فيه وانهمكتا

ولم آنس بعصر فيه نفع *** وأنت به نشأت وما انتفعتا

وقد صاحبت أعلاماً كباراً *** فلم أرك اقتديت بمن صحبتا

وناداك الكتاب فلم تجبه *** ونبّهك المشيب فما انتبهتا

ليقبح بالفتى فعل التصابي *** وأقبح فيه شيخ قد تفتى

جمعتُ لك النصايح فامتثلها *** وحياتك فهي أفضل ماامتثلتا

وطوّلت العتاب وزدت فيه *** لأ نّك بالبطالة قد ظللتا

ولا تأخذ بتقصيري ولهوي *** وخذ بوصيتي لك إن رشدتا

تمّت القصيدة البالغة 118 بيتاً نقلا عن نسخة براهين العقول المجلد الأوّل في الخاتمة، والنسخة بخطّ المؤلّف الشيخ محمّد بن يونس الشويهي، وعليها تقاريظ بخطوط أبناء اُخته المشايخ أبناء الشيخ الكبير الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء، وهي اليوم بمكتبة المرحوم المغفور له الحجّة الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمهم الله جميعاً.

أقول: لقد ورد في نشرة تراثنا السنة الثانية، العددان الثاني والثالث ص 328 عنوان وصية العلاّمة الحلي لولده فخر المحققين وبعد تعريف بالموصي والموصى ثمّ ذكر الوصية وهي موجودة في مجموع مخطوط في مكتبة الإمام الرضا(عليه السلام)بمشهد رقم (6196) وهي 21 بيتاً من القصيدة المذكورة آنفاً بتفاوت في بعض ألفاظها.

ولمّا كانت القصيدة وعظية شأنها شأن غيرها من أمثالها كانت من النمط الأوسط من حيث السبك والجزالة، ولم يكن العلاّمة(رحمه الله) بعيداً كلّ البعد عن قول الشعر ومعرفته، وتقييم شاعره ومكانته، فثمة تقريض له على كتاب (شرف المزيّة في المدايح العربية) لشمس الدين بن نعيم الحلي، المشتمل على جميع حروف القافية، وكلها في مدائح (المولى الصاحب الصدر الكبير عز الدين أبي محمّد الحسن بن الحسين بن نجم الدين مظفّر بن أبي المعالي ابن العدوي بن قيصر الأسدي الحلي...).

والّذي تمّ نظمه في أواخر رمضان سنة 695 وجاء وصف الناظم ومدحه ما يلي:

(لقد أحسنت أيّها الشيخ العالم الفاضل البارع النحرير اللقن الفصيح العلاّمة المحقق ملك العلماء شمس الملّة والدين فيما نظمته... وقد انضم صرد مقالك إلى صدقك في مدح المولى الصاحب الصدر الكبير العالم المعظّم المرتضى كهف الفقراء وملاذ المؤمنين، عز الملّة والحقّ والدين، أعز الله ببقائه الإسلام والمسلمين... وكتب الفقير... حسن بن مطهّر حامداً...) ونسخة الكتاب في مكتبة الحاج محمّد حسن كبة ببغداد(6).

وذكر المرحوم المغفور له شيخنا الرازي في كتابه الذريعة بعنوان: (مرثية الحسين(عليه السلام)) لجمال الدين بن المطهّر، وهي قصيدة طويلة في رثائه(عليه السلام) في مجموعة عند مولانا الميرزا محمّد الطهراني بسامراء(7).

أقول: انّ مكتبة المرحوم المذكور نقلت من سامراء بانتقال ولده المرحوم الشيخ نجم الدين العسكري إلى بغداد، وبعد وفاته لم أعرف ما حلّ بها وأين استقرت بها النوى؟! فانّا لله وانّا إليه راجعون.

كما ذكر المرحوم الحجة الشيخ عليّ كاشف الغطاء في كتابه الحصون المنيعة قال العلاّمة الحلي طاب ثراه(8):

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة *** ونيفاً كما قد جاء في واضح النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة *** فميّز لنا ياذا الفصاحة والعقل

ففي الفرقة الهلاك آل محمّد *** أم الفرقة الناجين أيّهما قل لي

فإن قلت هلاكاً كفرت وإن تقل *** نجاة فلم ذا قُدّم الغير في الفعل

نصبت عليّاً لي إماماً وهادياً *** وأنت مع الباقين في أوسع الحل(9)

 

حجّه، وفاته، مدفنه:

تذكر بعض المصادر غير الشيعية انّه حجّ في آخر عمره، ولمّا رجع من الحجّ انزوى ولم يزل بالحلة إلى أن توفّى في 21 شهر المحرم سنة 726 وقد ناهز الثمانين(10).

وإذا ما رجعنا إلى بعض مصنّفاته نجده منذ عام 716 وهو العام الّذي توفّي فيه السلطان خدابنده، كان بالحلة وقد فرغ منها فيها، وهذا ممّا يدلّنا على انّ شيخنا جمال الدين ابن المطهّر(رحمه الله) بعد وفاة السلطان المذكور رجع إلى الحلة ولم يخرج إلاّ إلى الحجّ والبلاد الّتي في طريقه، أمّا إلى ايران وخصوصاً بلد السلطانية فلم أعثر على ما يدلّ على سفره إليها بعد سنة 716.

وكان معه في سفره إلى الحجّ ولده فخر المحققين، وقد قرأ على والده في سفره ذلك كتاب تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة الطوسي، وأجازه أبوه بكتاب الإستبصار وكتاب الرجال للشيخ الطوسي أيضاً.

قال الفخر: قرأت تهذيب الأحكام على والدي بالمشهد الغروي على مشرّفه السلام، ومرّة اُخرى في طريق الحجاز وحصل الفراغ منه وختمه في مسجد الله الحرام، وكتاب الإستبصار وكتاب الرجال إجازة لي من والدي(11).

ويروى إنّه لمّا حجّ اجتمع بابن تيمية في المسجد الحرام فتذاكرا فأعجب ابن تيمية كلامه، فقال له: من تكون يا هذا؟ قال: الّذي تسميه ابن المنجس ـ يريد بذلك التعريض بابن تيمية حيث سمّاه في منهاج السنّة بابن المنجس ـ فحصل بينهما اُنس ومباسطة(12).

كما يروى أنّ ابن تيمية لمّا كتب منهاج السنّة ردّاً على كتاب شيخنا منهاج الكرامة ووصل إلى شيخنا ابن المطهّر(رحمه الله) كتب إليه أبياتاً أوّلها:

لو كنت تعلم كلّ ما علم الورى *** طراً لصرت صديق كلّ العالم

لكن جهلت فقلت إنّ جميع من *** يهوى خلاف هواك ليس بعالم(13)

وأقام شيخنا(رحمه الله) بعد رجوعه من الحجّ في الحلة ولم أقف على خروجه منها، مجاهداً في التصنيف والتأليف وتربية العلماء إلى أن وافاه الأجل في شهر الله المحرم يوم السبت 21 منه سنة 726 هـ ونقل إلى النجف الأشرف فدفن في حجرة عن يمين الداخل إلى الحضرة الشريفة من جهة الشمال، وقبره ظاهر معروف مزور إلى اليوم.

هذه سطور عن حياة شيخنا الإمام ابن المطهّر أرجو أن أكون خدمت بها المؤلِّف والمؤلَّف، كما أرجو أن أكون موفقاً في إعطاء القرّاء صورة صادقة عن ذلك الحبر المجاهد الإمام(رحمه الله)، وختاماً أسأل الله تعالى أن يوفق الناشر لأمثال هذه الخدمة الدينية، ويتقبّل منه ومنّا هذا العمل انّه سميع مجيب.

محمّد مهدي السيّد حسن

الموسوي الخرسان

1388

 

 

 

جواهر الأدب

في معرفة كلام العرب

 

تأليف

الإمام علاء الدين بن علي ابن الإمام

بدر الدين بن محمد (الاربلي)

 

قدم له

العلامة الجليل السيد محمد مهدي السيد حسن

الموسوي الخرسان

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ترجمة المؤلّف والتعريف بالكتاب:

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.

وبعد، فهذا كتاب (جواهر الأدب في معرفة كلام العرب) كتاب هو كإسمه جواهر منضدة، أجاد مؤلّفه تنضيدها وخصّ بحثه في الحرف الّذي هو ثالث أقسام الكلمة عند النحويين، صنّفه تقرباً إلى (المقام العالي والمقر المتعالي المولوي الأكملي الأعدلي الأحكمي الأعلمي الملكي المالكي السلطاني الظاهري)(14)صاحب بلدة ماردين، وإذا ما أردنا معرفة مؤلّفه معرفة تفصيلية لنعرفه للقرّاء على الطريقة التقليدية في التقديم، ضنت المصادر المعنية بتعيينه، وشحت المعاجم الكفيلة ببيانه، بالرغم من ان الكتاب مطبوع منتشر منذ سنة 1294 هـ، وكأن أصحاب تلك المراجع لم يطلعوا عليه، ومن اطلع عليه منهم كان كحاطب ليل، فنسبه جزافاً إلى من ليس له، وهذا أمر من الغرابة بمكان.

وقد عانيت في سبيل معرفة مؤلّفه وتحقيق ما قاله بعض الباحثين المحدثين في نسبته عناءاً كبيراً، وبذلت جهداً متواصلا، وراجعت كثيراً من المراجع ذات الاختصاص، بل وحتّى غيرها ممّا كان فيه مظنة الحصول على ما يلقي ولو بصيصاً من النور على هذا المؤلّف المجهول الهوية والشخصية.

ولكن كلّ ذلك دون جدوى، ولم أشأ أن أكتم القرّاء ذلك، بل أحببت أن أطلعهم على مختلف السبل الّتي انتهجتها في مواصلة البحث لمعرفة هوية المؤلّف، وانّي وإن لم أخرج منها بالنتيجة المطلوبة، ولكن يكفي انّي تمكنت من تحديد عصر المؤلّف وتصوير شخصيته ومذاهبه تصويراً قد يكون قريباً من الواقع، عسى أن يكون بين القرّاء الباحثين من يدلّنا على أكثر من ذلك لمعرفة المؤلّف المجهول الشخصية.

كتب على ظهر كتابه ما يلي:

ان هذا الكتاب طبع في القاهرة سنة 1294 هـ في 214 صفحة

كتاب جواهر الأدب في معرفة كلام العرب

للإمام الهمام المشهور بالصلاح والدين

الإمام علاء الدين بن عليّ ابن الإمام

بدر الدين بن محمّد الاربلي

رحمة الله عليهم

وجميع المسلمين

آمين

وجاء في خاتمته ص 214 ما ملخصه: انّه طبع بمطبعة وادي النيل.

وانّه باشر تصحيحه وتهذيبه وتنقيحه الشيخ عليّ نائل ومعونة حسن بن الشيخ أبو زيد.

ونظراً إلى انّ الكتاب مطبوع فمن الخير مراجعة معاجم المطبوعات وفي مقدّمتها معجم المطبوعات العربية ليوسف البان سركيس فراجعته فجاء فيه:

الاربلي (صلاح الدين).

الإمام علاء الدين بن عليّ بن الإمام بدر الدين بن محمّد الاربلي.

جواهر الأدب في معرفة كلام العرب.

يشتمل على القسم الثالث من أقسام الكلمة الثلاثة وهو قسم الحروف، ألّفه تقرّباً من الملك الظاهر بن الظاهر، طبع بتصحيح الشيخ عليّ نائل بمطبعة وادي النيل 1294 هـ 214 صفحة... اهـ (15).

وما ذكره هذا البحاثة في معجمه لا يخلو من نظر:

1 ـ عدم ذكره المصدر الّذي استند إليه في تعيين اسم المؤلّف وانّه صلاح الدين ـ علاء الدين... الخ وأكبر الظن انّه استند إلى ما جاء مطبوعاً على ظهر الكتاب.

2 ـ عدم معرفة ملك من ملوك ماردين يسمّى الظاهر بن الظاهر، والّذي يبدو لي في تعيين هذا الاسم انّه استند إلى ما جاء في مقدّمة الكتاب من أبيات أربعة كان أوّلها:

الظاهر بن الظاهر بن الظاهر بن الظاهر *** زاكي الأعمال طاهر الأعراق والسرائر

وهذا لا يدلّ على انّ الملك المذكور كان اسمه هو وآباؤه الثلاثة كل منهم يسمّى بالظاهر، لمّا ورد في مقطوعة ثالثة في المقدّمة من انّ اسمه الظاهر واسم أبيه الكامل، ولو صحّ ما ذكره البحّاثة كان عليه أن يسوق النسب كما هو مذكور في الشعر أوّلاً، ان لم يتنبه لما ورد في الشعر أخيراً.

3 ـ انّ الكتاب لم يطبع بتصحيح الشيخ عليّ نائل وحده، بل بمساعدة حسن ابن الشيخ أبو زيد كما في ص 214 خاتمة الكتاب.

وإذ لم نجد الصحيح في هذا المعجم راجعت اكتفاء القنوع بما هو مطبوع للمستشرق فانديك فجاء فيه ما يلي:

(صلاح الدين الاربلي):

له رسالة في أحكام حروف الجر؟ سمّاها جواهر الأدب في معرفة كلام العرب طبعت في القاهرة سنة 1294 هـ في 214 صفحة(16).

وهذا المستشرق لم يسلم من المؤاخذة أيضاً، فمن أين له انّ المؤلّف هو صلاح الدين الاربلي؟ وهو يذكر الكتاب المطبوع، والمكتوب على ظهره انّه علاءالدين، وقد ذكرنا ما هو مثبت على ظهره آنفاً، ثمّ من أين استفاد انّ الكتاب ـ وقد سمّاه رسالة ـ في أحكام حروف الجر؟ وهو في مطلق الحرف الّذي هو القسم الثالث من أقسام الكلمة.

فهذا المستشرق كسابقه لم يأتنا بطائل.

فراجعت كتاب (فهرست كتب چابي) لمؤلّفه خانبابا مشار وهو بالفارسية، فلم أجد فيه ذكراً لهذا الكتاب، فعدت أطلبه في كتب الفهرسة وفي مقدّمتها الذريعة وكشف الظنون وذيله وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان وأضرابها.

أمّا الذريعة وكشف الظنون وتاريخ بروكلمان ـ الأصل الألماني والمترجم العربي ـ فلم أجد فيها ذكراً لهذا الكتاب، فراجعت ايضاح المكنون لإسماعيل باشا فجاء فيه:

جواهر الأدب في معرفة كلام العرب، لصلاح الدين الاربلي أحمد صاحب الديوان اهـ... (17).

ولمعرفة من هو صلاح الدين الاربلي أحمد صاحب الديوان راجعت كتاب إسماعيل باشا الآخر الّذي خصّه بالمؤلّفين والمصنّفين وهو: هدية العارفين فوجدته يقول فيه:

الاربلي: أحمد بن عبدالسيّد بن شعبان بن محمّد بن جابر بن قحطان الشاعر أبو العبّاس صلاح الدين ولد سنة 572 وتوفّى سنة 631 له جواهر الأدب، في معرفة كلام العرب. ديوان دو بيت. ديوان غزليات وأشعار... اهـ(18).

وكدت أطير فرحاً حين قرأت ذلك، وظننت أن البحاثة البغدادي أوقفنا على معالم الطريق الّذي حسبناه مسدوداً حتّى وصلنا إليه، فشكرته على ذلك، وصرت أبحث عن هذا الاربلي الّذي ذكره وعيّن سنة ولادته وسنة وفاته.

ولا أكتم القارئ القلق الّذي كان يساورني للشكّ فيما ذكره من أن لقبه صلاح الدين فمن أين للبحاثة ذلك؟ فان كان مصدره ماهو على ظهر الكتاب فهو علاءالدين لا صلاح الدين، ولكن مع ذلك القلق النفسي كنت أُعلل النفس بعسى ولعلّ وتوجهت صوب بقية المراجع من معاجم التراجم وغيرها أستزيدها ايضاحاً عن المؤلّف المذكور ـ صلاح الدين ـ لأجمع منها ما يزودني في رسم الخطوط العامة لتعريف المؤلّف وترجمته ترجمة شافية على الطريقة التقليدية في تعريف المؤلّف.

وكان في مقدّمة تلك المعاجم معجم المؤلّفين للبحاثة كحالة، والأعلام للزركلي وهذان من الموسوعات العربية الجامعة، فبحثت فيهما عن صلاح الدين أحمد الاربلي فذكرا الرجل بنحو ما ذكره البغدادي، ولم يذكرا من آثاره جواهر الأدب ـ كتابنا هذا ـ وترجماه كلّ بما تيسر له، واعتمد كلّ منهما على مصدر غير ما اعتمد عليه الآخر.

فانّ كحالة ذكر ترجمة الرجل في معجمه(19) وذكر في آخرها المصادر فكانت الوافي للصفدي وكشف الظنون(20) وهنا رجعت إلى الكشف مدهوشاً وعاتباً على نفسي في سرعة البحث، وحين فتحت ص 797 فإذا ليس فيها سوى (ديوان صلاح الدين أبي العبّاس أحمد بن عبدالسيّد الاربلي (ت 631 هـ) وله ديوان دوبيت) وهذا لم يكشف لنا عن مؤلّف الجواهر شيئاً.

أمّا الزركلي في الأعلام فقد ذكر الصلاح المذكور(21) واعتمد في ترجمته على وفيات الأعيان لابن خلكان(22).

واحتملت ضعيفاً انّ في الوفيات والوافي ما يفتح علينا في المقام خصوصاً وقد ورد في ترجمة صلاح الدين أحمد المذكور انّه كان حاجباً للملك المعظم صاحب اربل وتغير عليه فاعتقله مدّة، ثمّ أفرج عنه فانتقل إلى بلاد الشام ومنها إلى مصر، فاتصل بالملك الكامل، وعظمت منزلته عنده.

وإذا أضفنا إلى هذا ما يذكره القفطي في أنباه الرواة(23) في ترجمة طاهر بن أحمد بن باب شاذ ـ أحد الأعلام المنقولة أقوالهم في هذا الكتاب ـ انّ الملك الكامل محمّد بن العادل الأيوبي، كان يرغب في النحو وغريب ما صنّف فيه، كان جميع ذلك محفزاً على الرجوع إلى كتابي الوفيات والوافي فانّهما أكثر تفصيلا من المعجم والأعلام وعسى أن نجد فيهما ما يجدينا في المقام.

وراجعت الوفيات وهي مطبوعة مكرراً ومتداولة، ووجدت نسخة مصورّة من الوافي عن نسخة الظاهرية بمكتبة الإمام أميرالمؤمنين العامة في النجف.

فلم أجد في الكتابين سوى تاريخ الرجل بشيء من التفصيل مع ذكر نماذج من شعره وفيهما انّ وفاته كانت سنة 631، ولم يذكر فيهما انّه كان نحوياً، كما لم يذكر له كتاب جواهر الأدب ـ كتابنا هذا ـ وبدأ اليأس يدبّ فيَّ من مراجعة المصادر المذكورة عن صلاح الدين، فعدت أبحث فيها عن صاحبنا باسم علاء الدين وهو الاسم المثبت على ظهر الكتاب، فلم أجد له ذكراً فيها على كثرة من ذكر باسم علاء الدين.

وعدت أُنحي بأشد اللائمة على أصحاب المعاجم المتقدّمين وهم يوسف اليان سركيس والمستشرق فانديك وإسماعيل باشا البغدادي في إسنادهم الكتاب إلى صلاح الدين، فتسببوا في تصرم الليالي في البحث عنه في المصادر دون جدوى، ولا أدري من أين جاؤوا باسم صلاح الدين مع انّ المطبوع على ظهر الكتاب هو اسم علاءالدين، ولم يكن الكتاب مخطوطاً حتّى نحتمل فيهم وجه الصحة فنحمل الناسخين تبعة تصحيف ونحوه، إذن من أين حدث اسم صلاح الدين حتّى زاحم علاءالدين في معجم المطبوعات، ثمّ دحره وانفرد بالمكانة في اكتفاء القنوع وايضاح المكنون وهدية العارفين؟

وقد يكون من الطرافة بمكان وربّما يضحك القارئ إذا ما كشفنا له السبب في خطأهم وتتابعهم في ذلك، فانّ منشأ الوهم هو ما أثبت على ظهر الكتاب من بعض ألقاب تقدّمت الاسم إذ جاء في العنوان كما مرّت صورته هكذا:

للإمام الهمام المشهور بالصلاح والدين، الإمام علاء الدين بن عليّ ابن الإمام بدر الدين بن محمّد الاربلي.

فظن الأفاضل الثلاثة أصحاب الموسوعات المتقدّمة من عبارة: المشهور بالصلاح والدين، انّ لقب المؤلّف المشهور به هو صلاح الدين، ولذلك احتاط الأوّل منهم يوسف سركيس فذكر الاسمين معاً، ولكن فانديك والبغدادي ذكرا صلاح الدين فقط، بل انّ البغدادي أعجب من أخويه فأغرب إذ نسب الكتاب في ايضاحه لصلاح الدين أحمد وميّزه بأ نّه صاحب الديوان، وبذلك ارتطم في وهم جديد سبب له أن يخبط خبط عشواء في هدية العارفين، وأتعبنا ذلك كثيراً.

ومع ذلك كلّه لم أصب بخيبة أمل من مواصلة البحث، فيممت وجهي شطر كتب التاريخ العام أبحث فيها عن صلاح الدين المذكور أو علاء الدين الاسم المثبت على ظهر الكتاب، فكان نتيجة ذلك أن كتب الحوادث كتاريخ أبي الفداء وذيله لابن الوردي وأضرابهما ذكرت وفاة صلاح الدين أحمد الاربلي في سنة 631 ولم تذكر انّه كان نحوياً فضلا عن كونه مؤلّف هذا الكتاب، فطويت كشحاً عن صلاح الدين أحمد هذا، وصرت أبحث عن صلاح الدين إربلي آخر له كتاب اسمه جواهر الأدب، فلم أجد في كتب الأنساب ولا كتب اللقب ما يمكن التشبث به والسعي وراءه.

إذن نعود إلى الاسم المثبت على ظهر الكتاب فلنبحث عنه من جديد في كتب التراجم وخاصة ما تضمن تراجم النحاة منها، وكان محط النظر وغاية الأمل الكتب التالية: طبقات اللغويين والنحويين للزبيدي، ومراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي، وأنباه الرواة للقفطي، وبغية الوعاة للسيوطي، ولكن بمراجعة عابرة لكتابنا هذا واستعراض أسماء الأعلام الّذين نقلت أقوالهم فيه، اتضح جلياً أنّ المؤلّف له لا يمكن أن نجده في المصادر الثلاثة الاُولى لأ نّها قبل عصره لتقدّم مؤلّفيها زمناً على زمانه.

إذن فليس لنا في سوى البغية من بغية على انّها جمعت ما في تلك الكتب الثلاثة، فراجعت فهرس الأعلام أوّلا فلم أجد ما يمكن أن يكون حجّة واضحة في المقام، فعدت استقرئ تراجمها ترجمة ترجمة عسى أن أعثر على شيء ولو إشارة بسيطة يمكن أن تنير لنا الدرب، وكم كانت دهشتي كبيرة حين انتهيت من استقرائها بعد عناء طويل وسهر دائم، وأنا لم أقف على ما يعين المؤلّف لهذا الكتاب.

واشتد شوقي إلى معرفة المؤلّف فتابعت السير ولكن بتغيير اتجاهي في البحث فتركت اسم الكتاب جانباً فلا أبحث عنه بعد، وتركت اسم المؤلّف الموضوع على ظهر الكتاب، والاسم الثاني المنحول له فلا اُفتش عنهما في كتب الطبقات الخاصة وكتب التراجم العامة، بل عدت إلى نفس الكتاب أقراه بامعان لأستجوبه عن مؤلّفه عسى أن أعثر على ما يعينه لنا، وهذه طريقة استفدت منها كثيراً قبل هذا في بعض الكتب الّتي اكتنف الغموض تاريخ مؤلّفيها، وأوّل تجربة لي كانت هي في ترجمة الحافظ الكنجي الشافعي يوم كلفت بتقديم كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان(عليه السلام)).

ومن انتفع من طريق لزمها وواظب عليها، وعلى هذه الطريقة استجوبت الكتاب عن الأعلام الّذين ذكرت أقوالهم فيه أو حكيت آراؤهم، فكان من ذلك قائمة ضمت أسماء الأعلام من لغويين ونحاة ومفسّرين وقرّاء وغيرهم وإلى القارئ تلك القائمة.

 

أعلام الرأي في الكتاب:

لقد حكى المؤلّف كثيراً من آراء أئمّة اللغة والنحاة والمفسّرين وغيرهم، ونقل أقوالهم، ولا يسعني فعلا معرفة مدى صحة نقله إذ لم اُقارن بين ما نقله وبين المصادر المنقول عنها، لكن الأمر الّذي لاشكّ فيه أنّ المؤلّف كان على جانب كبير من الاحاطة بأقوال اُولئك الأعلام، كما كان على جانب كبير من المعرفة بغثها وسمينها، فهو حين يحكي رأياً أو قولا في مسألة لا يتركه غالباً دون تمحيص، بل يردفه بما تحقق لديه، واستقر رأيه عليه، وإلى القارئ قائمة بأسماء اُولئك الأعلام مع ذكر وفيات بعضهم لنستفيد منها معرفة عصر المؤلّف كما قد تفيدنا في معرفة جوانبه العلمية، وهم:

الأحمر ص 236 وقد توفّي سنة 186 أو 188 هـ.

الأخفش المتوفّى سنة 315 ص 33 ـ 66 ـ 67 ـ 72 ـ 82 ـ 183.

الفاضل الاسفراييني المتوفّى سنة 418 ص 10 ـ 17 ـ 18 ـ 19 ـ 154 وعبّر عنه من المتأخّرين.

ابن أياز المتوفّى سنة 681 ص 24 ـ 36 ـ 227 ـ 248.

ابن باب شاذ ص 56 ـ 63 ـ 184 وقد توفّي سنة 454 أو 469 كما في البغية ج 2 ص 17.

ابن برهان المتوّفى سنة 520 ص 243.

ابن جني المتوّفى سنة 292 ص 21 ـ 40 ـ 44 في سر الصناعة ويأتي باسم أبي الفتح أيضاً.

ابن الحاجب ص 23 ـ 119 ـ 152 في شرحه للمفصل وص 154 وقد توفّي سنة 646(24) .

ابن الخبّاز المتوّفى سنة 637 ص 58 في شرح الإيضاح وترحّم عليه وص 156 ـ 157.

ابن الدهان المتوفّى سنة 581 ص 208 ـ 216.

ابن السراج المتوفّى سنة 316 ص 175.

ابن السكّيت المستشهد سنة 244 ص 102 ـ 197.

ابن الشجري المتوفّى سنة 542 ص 152 ص 232.

ابن القواص ص 118 ـ 210 ـ 220 ـ 226.

ابن كثير (الظاهر انّه المتوفّى سنة 120 وهو غير ابن كثير المؤرّخ المتوفّى سنة 774) ص 148.

ابن كيسان المتوفّى سنة 299 ص 137.

ابن مالك المتوفّى سنة 672 ص 34 ـ 67 ـ 82 وسمّاه الشيخ جمال الدين ابن مالك في ص 180 ـ 181.

ابن النحاس المتوفّى سنة 698 ص 33.

ابن يعيش الحلبي(رحمه الله) ص 76 ـ 138 ـ 253 وقد توفّي سنة 643(25).

أبو البقاء العكبري في اللباب ص 63 ـ 77 ـ 109 ـ 140 ـ 150 ـ 201 ـ 228 ـ 239 ـ وقد توفّي سنة 616(26).

أبو حاتم المتوفّى سنة 248 ص 743.

أبو حيان الأندلسي ص 17 ـ 30 ـ 75 ـ 138 وقد توفّي سنة 745 أو 746.

أبو صاعد الغزنوي في كتابه المسمّى بالتفسير في التفسير ص 96.

أبو العبّاس ص 76 ويحتمل أن يكون المبرد أو هو ثعلب حيث نقل عنهما المؤلّف في كتابه.

أبو عبيدة المتوفّى سنة 209 أو 211 ص 144 ـ 236.

أبو عيسى(27) الجزولي المتوفّى سنة 607 أو سنة 610 ص 36 ـ 65 ـ 128 ـ 242.

أبو الفتح (هو ابن جني) ص 17 ـ 130 ـ 108 ـ 196 في الخصائص، وقد توفّي سنة 392(28).

أبو الفوارس ص 149.

بعض المتأخّرين أدام الله فضائله ص 155.

بعض المغاربة ص 108.

بعضهم ص 245.

البكري ص 135 وانّه من أصحابنا.

التبريزي في معاني الحروف ص 125 ـ 130 ـ 151 ـ 170 ـ 217 والظاهر انّه الخطيب التبريزي المتوفّى سنة 502 (29).

ثعلب المتوفّى سنة 291 ص 136.

الثعلبي المتوفّى سنة 427 أو سنة 437 في شرح الجرجانية ص 126.

الجرمي المتوفّى سنة 225 ص 94.

الجوهري المتوفّى سنة 393 على الأشهر ص 130 ـ 197.

الحريري المتوفّى سنة 516 ص 218 ـ 255 ـ وميّزه فيها بقوله صاحب شرح الملحة.

الخليل ص 30 ـ 97 ـ 103 ـ 150 ـ 151.

الربعي المتوفّى سنة 420 ص 95 ـ 226.

الرضي ص 22 ـ 67 ـ 110 ـ 129 ـ 154 ـ 155 ـ 198 ـ 199 ـ 210 ـ 215 ـ وقد توفّي سنة 686، كما في أمل الآمل.

الرماني ص 232 المتوفّى سنة 382 أو 384.

الزجاج المتوفّى سنة 311 ص 136 ـ 174 ـ 228.

الزجاجي المتوفّى سنة 339 ص 36.

الزعفراني المتوفّى سنة 260 ـ 249 في تعليقة على المازني.

الزمخشري المتوفّى سنة 538 ص 51 ـ 119 ـ 125، وذكره باسم جار الله ص 135 ـ 137 ـ 156 ـ 199.

سيبويه المتوفّى سنة 194 ص 3 ـ 132 في كتابه 34 ـ 61 وغيرها كثير.

السيرافي المتوفّى سنة 368 ص 86 ـ 153 ـ 191.

الشلوبين المتوفّى سنة 645 ص 232.

صاحب الاُصول ص 10.

صاحب التسهيل ص 20 ـ 24 ـ 25 ـ 40 وغيرها كثير (هو ابن مالك النحوي الشهير) صاحب شرح التسهيل ص 64 ـ 68.

عبدالقاهر الجرجاني(رحمه الله) ص 73 ـ 100 ـ 159، وقد توفّي سنة 471 أو سنة 474(30).

عليّ بن سليمان ص 151 هو أبو الحسن الأخفش الأصغر المتوفّى سنة 315.

الفارسي المتوفّى سنة 377 ص 20 ـ 23 ـ 132.

الفرّاء ص 21 ـ 36 ـ 84 ـ 157 ـ 196 وقد توفّي سنة 207(31).

القالي المتوفّى سنة 356 ص 18.

قطرب المستبين (بن المستنير ظ) ص 95 ـ 144 ـ 197 ـ 198 ـ 244 ـ وقد توفّي سنة 206.

الكسائي ص 37 ـ 136 وهو اُستاذ الفرّاء كما في ص 157 وقد توفّي سنة 179.

اللحياني ص 198.

من المتأخّرين الأندلسي وابن الحاجب وابن مالك ص 178.

من المتأخّرين ابن الحاجب والجزولي ص 114.

من المتقدّمين الرماني وابن السراج والفارسي ص 178.

المازني ص 52 ـ 89 ـ 113 ـ 142 ـ 175 ـ 178 وقد توفّي سنة 248 أو 249.

المالكي ص 149 وأظنّه المالقي النحوي المتوفّى سنة 652.

المبرد ص 52 ـ 64 ـ 65 ـ 73 ـ 137 ـ 181 وقد توفّي سنة 285.

والده وقد نقل عنه كثيراً.

يونس ص 233 ـ 236.

وغير هؤلاء جماعة من القرّاء ذكرهم واستشهد بقراءاتهم وهم:

ابن عامر ص 125 ـ 208 ـ 242.

ابن محيصن ص 104.

أبي عمر ص 242 وقد توفّي سنة 149 أو 150.

أبي بن كعب ص 126 ـ 222 ـ 242.

حفص ص 89 .

حمزة ص 89 .

عاصم ص 208.

عبدالله (وأظنه ابن مسعود) ص 126 ـ 159 ـ 238 ـ 242.

عيسى بن عمر شيخ الخليل ص 145.

قنبل ص 148.

نافع ص 208.

فهؤلاء أكثر من سبعين علماً وردت أقوالهم في هذا الكتاب، وقد ذكرنا سني وفيات الكثير منهم خصوصاً المتأخّرين، وكان من جملتهم أبو حيان الأندلسي (ت 746 هـ) فقد ورد اسمه في القائمة، فاذن المؤلّف من رجال ما بعد النصف من القرن الثامن، وبذلك اتضح جلياً صواب ما ذهبنا إليه من نفي ما قاله أصحاب معجم المطبوعات واكتفاء القنوع وايضاح المكنون وهدية العارفين من نسبة الكتاب إلى صلاح الدين أحمد بن عبدالسيّد الاربلي (ت 631 هـ)، وطمعت في هذه الطريقة إذ لمست ثمرتها فعدت ثالثاً إلى الكتاب أتصفحه على نحو النهج الأوّل، إلاّ أ نّي لا أطلب الأعلام الّذين وردت أسماؤهم فيه، بل أجمع قائمة بأسماء الكتب الّتي ورد النقل عنها، وهذه الطريقة وإن كانت أضعف نتيجة من سابقتها، لكنها لا تبعد كثيراً عن النجاح في الغاية المتوخاة وهي معرفة عصر المؤلّف وتحديده، فعسى أن نعثر على رأس خيط ـ كما يقولون ـ يوصلنا إلى النتيجة الحسنة، فوجدت المؤلّف المجهول الشخصية ينقل عن كتب تناهز الثلاثين عدداً وهي:

1 ـ الارتشاف ص 144.

2 ـ الاستعاذة ـ رسالة لوالده ـ ص 159 ـ 180 ـ 190.

3 ـ الاُصول ص 10.

4 ـ الاغراب ص 9 ـ 22 ـ 36 ـ 91، 147 ـ 204 ـ 227 ـ 228 ـ 248.

5 ـ التذكرة لأبي عليّ ـ الفارسي ـ ص 207 ـ 224.

6 ـ التسهيل ص 20 ـ 24 ـ 25 ـ 40 ـ 64 ـ 67 ـ 71 وغيرها كثير.

7 ـ التفسير في التفسير لأبي صاعد الغزنوي ص 96.

8 ـ التنويع ص 52 ـ 144.

9 ـ حاشية ـ كتاب ـ سيبويه ص 224 وهو لأبي عليّ الفارسي بدلالة نقله بعد ذلك عن كتابه التذكرة بقوله وقال في التذكرة.

10 ـ حاشية لأبيه ص 225.

11 ـ الخصائص لابن جني ص 44.

13 ـ شرح الإيضاح لابن الخبّاز الاربلي ص 58.

14 ـ شرح الجرجانية للثعلبي ص 126.

15 ـ شرح الكافية لأبيه ص 74 ـ 100.

16 ـ شرح الكتاب لأبي سعيد ص 224.

17 ـ شرح المفصل لابن الحاجب ص 152 ـ 230 ـ 235.

18 ـ شرح الملحة للحريري ص 225.

19 ـ عقد الجمان في قوله: (انّ الله يأمر بالعدل والإحسان) لنفس مؤلّف هذا الكتاب ص 188.

20 ـ الكشّاف للزمخشري ص 241.

22 ـ المخزون ص 90.

23 ـ المسائل ص 219.

24 ـ المطارحات ص 91.

25 ـ معاني الحروف للتبريزي ص 229.

26 ـ المفصل للزمخشري ص 26.

27 ـ نهاية الأغراب والترصيف في علمي الإعراب والتصريف لوالده ص 74 ومدحه كثيراً كما سيأتي.

28 ـ الينبوع ص 228.

والملاحظ أن بين هذه الكتب مجموعة لم يصرّح بأسماء مؤلّفيها، وإذا ما أردنا معرفتهم فلا مناص من الرجوع إلى كتب الفهرسة ومعاجم التراجم لمعرفة أصحاب تلك الكتب المجهولة المؤلّف. فكان منها:

1 ـ المفصّل: وهو للزمخشري (ت 538 هـ) وهو في النحو وقد كتب عليه ابن يعيش شرحاً مشهوراً مطبوعاً.

2 ـ التنويع: ولم أقف على كتاب في النحو أو الصرف أو اللغة والأدب أو التفسير اسمه التنويع، نعم ورد في كشف الظنون(32): كتاب (تنويع الاُصول) لفضيل ابن عليّ الجمالي الحنفي (ت 991 هـ) ولا أظنّه هو المقصود.

3 ـ المخزون: ولم أهتد إلى معرفة مؤلّفه.

4 ـ المطارحات: ورد في كشف الظنون(33): (المطارحة) لجمال الدين أبي محمّدحسين بن بدر بن أياز النحوي (ت 681 هـ)، والمظنون قوياً انّه هو المسمّى بالمطارحات عند المؤلّف بقرينة ما نقله مكرراً عن ابن أياز فقد نقل عنه في ص 24 و36 و227 و248.

5 ـ الارتشاف: ولم أقف على اسمه في كشف الظنون ولا غيره من الكتب المعنية، نعم ورد في البغية للسيوطي في ترجمة أبي حيان الأندلسي المتوفّى سنة 745 أو 746 ارتشاف الضرب في لسان العرب وأظنه هو الارتشاف الّذي نقل عنه المؤلّف لكثرة ما نقله عن أبي حيان.

6 ـ المسائل: كثير من الكتب يسمّى بالمسائل، ولكن الّذي يناسب أن يكون هو الّذي نقل عنه المؤلّف هو المسائل السفرية في النحو للشيخ جمال الدين عبدالله ابن يوسف المعروف بابن هاشم النحوي الحنبلي (ت 726 هـ)، وإذا صح ما احتملناه من انّ المسائل هي المسائل السفرية فانّ ذلك يؤكد ما ذهبنا إليه في المراجعة الاُولى للكتاب، والّتي كان خلاصتها قائمة أعلام الرأي حيث استنتجنا تحديد عصر المؤلّف بما بعد النصف الأوّل من القرن الثامن لنقله عن أبي حيان المتوفى سنة 745 أو 746، وهنا يمكن أن نؤكد ذلك ثانياً فيما إذا صحّ انّ المسائل هي المسائل السفرية لابن هشام (ت 762 هـ).

7 ـ الينبوع: ولم أقف عليه في كتب الفهرسة ولعلّه مصحف عن التنويع الوارد ذكره في القائمة وهو أيضاً مجهول المؤلّف لدينا.

8 ـ الكشّاف: هو تفسير الزمخشري المنقول عنه في هذا الكتاب مكرراً.

9 ـ الاُصول: ولم أهتد إلى معرفة مؤلّفه فإنّ الكتب المسمّاة بالاُصول كثيرة.

10 ـ التسهيل: هو من تأليف ابن مالك النحوي المتوفّى سنة 672 المشهور.

11 ـ اللباب الكبير: ولم أعرف مؤلّفه. وتوجد عدّة كتب باسم اللباب تناسب كتابنا موضوعاً لعلّ أهمها اللباب في النحو للفاضل الاسفرايني (ت 684 هـ) وعليه عدّة شروح منها شرح علاء الدين عليّ بن محمّد الشهير بمصنّفك وهو شرح كبير كثير الفوائد.

هذه هي الكتب الّتي وردت أسماؤها ولم نحصل من الاطلاع عليها ما كنا نتوخاه، نعم حصلنا على فائدة كبيرة جديرة بالعناية تلك هي معرفتنا أن لمؤلّف كتابنا هذا رسالة اسمها (عقد الجمان في تفسير انّ الله يأمر بالعدل والإحسان) فقد أحال إليها في ص 188 في البحث عن لفظ الجلالة (الله) وانّه مرتجل أو مشتق وذكر أدلّة القائلين بكلّ منهما فقال بعد ذلك:

وذكر ما بقي من أدلّة الفريقين وأجوبتها مفصّلا والخلاف في انّه عربي أم مستعرب موكول إلى رسالتنا الموسومة بعقد الجمان في تفسير: (انّ الله يأمر بالعدل والإحسان).

كما أوقفنا البحث في ثنايا الكتاب هذه المرة على عدّة كتب لأبيه المجهول الشخصية أيضاً وهي:

1 ـ جدول ذكر البسيط من الحرف والمركب المتمحض الحرفية، وقد وضعه لنفس السلطان ـ صاحب ماردين ـ الّذي ألّف ابنه كتابه هذا ـ جواهر الأدب ـ تقرباً إليه.

2 ـ (رسالة الاستعاذة) ذكرها في ص 159 وص 180 وص 190.

3 ـ شرح الكافية لابن الحاجب (ت 643 هـ) وقد أحال إليه كثيراً، فمن ذلك في ص 74 وص 100 وقد جاء فيها:

وقد ذكر ذلك كلّه ـ والكلام في حرف الياء ـ مفصّلا في شرح الكافية لوالدي(رحمه الله)، فعلى الطالب لتحقيق الحقائق وتدقيقها به، ليجد ما يفرح القلب ويفرج الكرب.

4 ـ نهاية الاغراب والترصيف في صناعتي الاعراب والتصريف، وأحال في عدّة أماكن منها في ص 74 ومدحه بقوله:

وقد بيّن والدي ـ قدّس الله سرّه ـ المذاهب واحتجاج أصحابها عليها، وما أورد على ذلك، وما أجيب عنه، وتصحيح ما غلب على ظنه ـ شكر الله سعيه ـ صحته، وإبطال ما ضعف منه، كلّ ذلك في كتاب نهاية الاغراب والترصيف في صناعتي الاعراب والتصريف، ولم نرد إطالة هذه المقدّمة بنقل جملة تلك الأقوال، فمن أراد الإطلاع فعليه به أو بشرحه للكافية، ليجد ما يبرد الغليل ويبرئ العليل، اهـ .

وقد يذكر هذا الكتاب باسم الاغراب اختصاراً واحتمال التعدد بعيد، وصرّح في ص 284 انّه لأبيه، وأثنى عليه في ص 228 بقوله:

ومن أراد الاطلاع على أقسام هذه المباحث وأحكامها فعليه بالاغراب، فانّه يظفر فيه بما خلت عند المطنبات من الدقائق اللطيفة والحقائق البديعة الشريفة، جزى الله مؤلّفه عن المسلمين خيراً.

ومن هذا اللون من الاستعراض استفدنا أمراً آخر قد يكون ذا أهمية عند بعضهم وهو وفاة والد المؤلّف عند تأليفه جواهر الأدب، إذ ترحم عليه ودعا له بتقديس السر ونحو ذلك ممّا يكشف عن وفاته فلاحظ.

وعند انتهائي بالبحث إلى هذا الحد بدأت أشعر بأمل ضعيف يخدعني ويدفعني على العود إلى كتب الفهرسة والمعاجم للبحث عن هذه المجموعة من تأليفات الوالد مضافاً إلى كتاب الولد الجديد (عقد الجمان) ولمّا بحثت عنها فإذا هي الاُخرى مجهولة لدى مؤلّفي المعاجم، فلم يذكروا أسماءها في فهارسهم، نعم ذكروا بين شرّاح الكافية من اسمه علاء الدين عليّ الفناري، وهذا لا ينطبق على والد المؤلّف لأ نّه لم يذكر في ترجمة كتبه الاُخرى، كما ذكر اسم غاية الاحسان في قوله: (انّ الله يأمر بالعدل والاحسان) في بغية الوعاة(34) ولكن مؤلّفه محمّد بن محمّد بن عبدالكريم بن رضوان بن عبدالعزيز البعلي المولد الشافعي الشيخ شمس الدين الموصلي المولود سنة 699 والمتوفّى بطرابلس سنة 747 عن 75 سنة، وله مؤلّفات اُخرى ولكن ليس منها جواهر الأدب فكيف يمكن أن يكون هو مؤلّفنا المجهول.

وذكر في البغية أيضاً(35) اسم كتاب (نهاية الأغراب في التصريف والاعراب) وليس هو كتاب الأدب قطعاً وإن تساهلنا في تصحيف الاسم، لأنّ الكتاب مذكور في عداد مؤلّفات أبي حيان الأندلسي المتوفّى سنة 745 أو 746 ولو كان أبو حيان والده لصرح المؤلّف ببنوته منه على كثرة ما نقله عن أبي حيان في كتابه هذا (جواهر الأدب).

وذكر في البغية أيضاً(36) اسم كتاب (شرح الاستعاذة والبسملة) لبدر الدين الحسن بن قاسم المصري (ت 849 هـ) فهل هو شرح لرسالة الاستعاذة لوالدالمؤلّف؟ ولو كان لأشار السيوطي إلى اسم الماتن أو الابن في كتابه إلى هذا الشرح، ومؤلّفها من معاصريه أو السابقين عليه.

وأعود بعد كلّ تلك الجهود إلى الكتاب نفسه لأستخرج منه ما يمكنني أن أعرف به المؤلّف تعريفاً حسب المستطاع وفي حدود المعلومات الّتي التقطتها من كتابه فقط، فهو وإن كان تعريفاً لم يستكمل جميع الخطوط العامة التقليدية في التقديم، لكن ذلك ما يمكنني أن اُقدّمه بين يدي القرّاء، تاركاً سد الفراغ لبحوث الباحثين في المستقبل ان شاء الله.

(1) اجازات البحار: 73.

(2) نفس المصدر: وفيه انّه قرأ التهذيب المذكور وكان عنده مجلد واحد بخطّ مصنّفه ـ الشيخ الطوسي ـ وقد قرأه عليه ولده الشيخ أبو عليّ المفيد الثاني، فقرأ الفخر هذا المجلد على أبيه شيخنا ابن المطهّر وباقي المجلدات في نسخة اُخرى.

(3) راجع الجاسوس على القاموس.

(4) كما في الحقائق الراهنة: 240.

(5) غطيط ـ ظ.

(6) الحقائق الراهنة: 184 ـ 185.

(7) الذريعة 20: 301.

(8) الحصون المنيعة 8: 598 مخطوط.

(9) أقول: وقد نسبت هذه الأبيات إلى غير العلاّمة الحلي، ففي كتاب لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت للشيخ محمّد مرعى الأمين الأنطاكي ص 25 ط الثالثة 1383 هـ نسبت إلى الإمام الشافعي بزيادة ثلاثة أبيات في أوّلها وبيتاً واحداً في آخرها مع تفاوت في ألفاظها، ونسبت في كتاب إلى منقذ بن قرداش.

(10) أعيان العصر والوافي بالوفيات.

(11) اجازات البحار: 73.

(12) الدرر الكامنة 2: 72 وورد في الهامش: هكذا وجد بخطّ السخاوي عن شيخه.

(13) الدرر الكامنة 2: 72.

(14) الكتاب: 3.

(15) معجم المطبوعات العربية 1: 480.

(16) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع: 310.

(17) ايضاح المكنون 1: 374.

(18) هدية العارفين لإسماعيل باشا 1: 92.

(19) معجم المؤلّفين 1: 274.

(20) كشف الظنون: 797.

(21) الأعلام 1: 146 طبعة ثانية.

(22) وفيات الأعيان 1: 59.

(23) أنباه الرواة 2: 96.

(24) كما في البغية 2: 646.

(25) كما في البغية 2: 352.

(26) كما في البغية 2: 39.

(27) كذا ورد في 36 والصواب أبو موسى عيسى بن عبدالعزيز كما في البغية وغيرها.

(28) كما في البغية 2: 132.

(29) كما في البغية 2: 338.

(30) كما في البغية 2: 106.

(31) كما في البغية 2: 333.

(32) كشف الظنون: 503.

(33) كشف الظنون: 1714.

(34) بغية الوعاة 1: 228.

(35) البغية 1: 283.

(36) البغية 1: 517.