قال المقريزي في النـزاع والتخاصم(3): ولم يكن أمية في نفسه هناك، وإنما يرفعه أبوه وبنوه، وكان مضعوفاً، وكان صاحب عهار، يدل على ذلك قول نفيل بن عبد العزى جد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين تنافر حرب بن أمية وعبد المطلب بن هاشم، فنفر عبد المطلب، وتعجب من اقدامه عليه وقال:
أبوك معاهر وأبوه عفّ | وذاد الفيل عن بلد الحرام |
وذلك أنّ أمية كان تعرض لامرأة من بني زهرة، فضربه رجل منهم ضربة بالسيف، وأراد بنو أمية ومن تابعهم إخراج بني زهرة من مكة، فقام دونهم قيس بن عدي السهمي وكانوا أخواله، وكان منيع الجانب، شديد العارضة، حميّ الأنف، أبيّ النفس، فقام دونهم وقال: (أصبح ليل) فذهبت مثلاً، ونادى: (ألا إنّ الظاعن
____________
1- النـزاع والتخاصم: 22.
2- ذكر ذلك الجاحظ في رسالته الثانية من رسائله، وهي من كتاب فضل هاشم على عبد شمس راجع ص75، جمع وتحقيق حسن الهندوبي، ط: مصر سنة 1352 هـ.
3- النـزاع والتخاصم: 21.
مهلاً أميّ فإنّ البغي مهلكة | لا يكسبنّك يومٌ شرّه ذكر |
تبدو كواكبه والشمس طالعة | يصبّ في الكأس منه الصاب والمقر |
أقول: فهذا أمية والد حرب، وكان كأبيه فقد حسد عبد المطلب بن هاشم على مآثره، فنافره إلى نفيل بن عبد العزّى جد عمر بن الخطاب، فقال حين تنافرا إليه وقد عجب من اقدام حرب على منافرة عبد المطلب، فقال كما في النــزاع والتخاصم(1) كما مرّ:
أبوك معاهر وأبوه عفّ | وذاد الفيل عن بلد الحرام |
ثم قال له: يا أبا عمرو أتنافر رجلاً هو أطول منك قامة، وأعظم منك هامة، وأوسم منك وسامة، وأقلّ منك لامة، وأكثر منك ولداً، وأجزل منك صفداً _ عطاءً _. وحديث هذه المنافرة في المحبّر والمنمّق وغيرهما فليرجع إليهما طالبها(2).
هذا هو حرب الذي زعموا أنّ علياً أحب اسمه فأراد أن يكتني به، فهل نسي عليّ (عليه السلام) أنّه الذي نافر جديه هاشم وعبد المطلب فحكم لهما المحكمون، وأخزوه حتى أجلي عن مكة إلى الشام، فأقام بها عشر سنين؟
ثم هل أنّ علياً نسي أنّ حرب هو والد أبي سفيان رأس الكفر والشقاق، والذي كان زنديقاً(3) كما يقول عنه المؤرّخون، ويكفي في خزايته، مواقفه بدءاً من بدء الدعوة ومروراً بحروب بدر وأحد والأحزاب، وأخيراً بفتح مكة؟
____________
1- المصدر نفسه.
2- المحبّر: 173، المنمّق: 94.
3- عليّ سامي النشار في كتابه نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1: 231، وقال في كتابه أيضاً 2: 66: وكان من أخطر الزنادقة أبو سفيان الأموي وعدو الإسلام العتيد.
والآن بعد هذا الخطو السريع في رحاب التاريخ، فهل رأينا من دافعٍ أو شافع مغرٍ يحمل علياً على التهالك في تسمية أبنائه (بحرب)؟
هل كانت بين البيتين في ميزان التفاضل موازنة صحيحة، في منكب أو موكب يتساوى فيها رجال البيتين؟ هل كانت لدى المقارنة بين رجال الحييّن مساواة في حول أو طول؟ ثم أليس هو القائل في هذا المضمار رداً على معاوية حفيد حرب:
وأما قولك: إنّا بنو عبد مناف فكذلك نحن، ولكن ليس أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق، ولا المحق كالمبطل، ولا المؤمن كالمدغل، ولبئس الخلف خلفاً يتبع سلفاً هوى في نار جهنم(2).
ألم يسمع علي قول أبيه في بني حرب حيث يقول:
قديماً أبوهم كان عبداً لجدنا | بني أمة شهلاء جاش بها البحر |
لقد سفهوا أحلامهم في محمّد | فكانوا كجعر بئس ما ظفطت جعر(3) |
____________
1- المسد: 1 _ 5.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 219.
3- نفس المصدر 4: 467.
فهذا ابن جعفر يقول ليزيد بن معاوية مفاخراً له بحضور أبيه معاوية: بأيّ آبائك تفاخرني؟! أبحرب الذي أجرناه؟ أم بأمية الذي ملكناه؟ أم بعبد شمس الذي كفلناه؟ فقال معاوية: لحرب بن أمية يقال هذا؟ ما كنت أحسب أن أحداً في عصر حرب يزعم أنّه أشرف من حرب، فقال عبد الله بن جعفر: بلى أشرف منه من كفأ إناءه عليه وجلّله بردائه، فنهى معاوية ولده عن مفاخرة بني هاشم، وأنّهم لا يجهلون ما علموا، ولا يجد مبغضهم لهم سباً(1).
فاتضح من خلال ما تقدم أن ليس في شخصية حرب من دوافع مغرية تدعو الإمام علياً (عليه السلام) لأن يحب أن يكتنى باسمه، فيبقى الحديث المزعوم الذي لم يثبت لصنّاعه ما أرادوه، حبراً على ورق فلا يسمن ولا يغني إذا ما قرأنا ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير(2) بسنده عن سورة بنت مشرح قالت: كنت فيمن حضر فاطمة (رضي الله عنها) حين ضربها المخاض في نسوة، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: (كيف هي؟) قالت: إنها لمجهودة يارسول الله، قال: (فإذا هي وضعت فلا تسبقين فيه بشيء) قالت: فوضعت فسروّه ولغفوه في خرقة صفراء، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: (ما فعلت؟) قالت: قد ولدت غلاماً وسررته ولففته في خرقة، قال: (عصيتني) قالت: أعوذ بالله من من معصية الله ومن غضب رسوله، قال: (ائتيني به) فأتيته به، فألقى الخرقة الصفراء، ولفّه في خرقة بيضاء، وتفل في فيه، وألبأه بريقه، فجاء علي (رضي الله عنه) فقال: (ما سميته يا علي؟) قال: سمّيته جعفراً يا رسول الله، قال: (لا ولكن حسن وبعده حسين، وأنت أبو حسن الخير)(3).
____________
1- نفس المصدر 4: 435.
2- المعجم الكبير 3: 23.
3- قال محقق الكتاب في الهامش: قال في المجمع 9: 175، رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما؛ عمر بن فيروز وعمر بن عمير ولم أعرفهما، وبقية رجاله وثّقوا. وسيأتي (786 / 24).
أقول: ولدى مراجعة الموضع المشار إليه، وجدت الحديث كما هو إلا أن فيه اسم القابلة سودة بنت مسرح، ولم ينبه المحقق على ذلك، والصواب ما في الموضع الثاني، وقد ذكرها ابن عبد البر في الاستيعاب بهامش الإصابة 4: 318، وأشار إلى الحديث المذكور باختصار.
وبعد بيان زيف الحديث المزعوم من هذا الجانب، فهل ثمة جانب آخر يريد الوضاعون الاستفادة منه؟
نعم، وذلك هو الجانب الأهم، وهو الذي أخفوه أو حاولوا إخفاءه وذلك هو: إثبات ولادة المحسن السبط الثالث للرسول (صلى الله عليه وآله) في عهده، وهذا الوليد الذكر هو الثالث من أبناء الإمام أمير المؤمنين من الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وهذا ما سنقرأ عنه شيئاً في النقطة السادسة.
النقطة الخامسة
في كنى الإمام أمير المؤمنين
(عليه السلام)
النقطة الخامسة: في كنى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام):
كان من حق هذا الموضوع تقديمه في البحث على ما سيق لو كنّا نبحث عن كنى الإمام (عليه السلام) وكم هي؟ وما هي؟ إلاّ أن بحثنا لم يكن في ذلك، وإنما تطرقنا إليه بسبب حديث الاكتناء بأبي حرب الذي نسجه النسّاجون، وطبّل له المهرّجون، فحمله زوامل الاسفار والمخرّفون ولمّا انتهينا إلى تزييفه سنداً ومتناً، لزمنا أن نعرّج على موضوع كنى الإمام (عليه السلام)؛ لنرى هل كانت له كنى يعرف بها قبل ولادة أبنائه؟ وبماذا كان يكنى؟ ومن كنّاه؟ وما هي أحب كنا إليه؟
والجواب عن جميع هذه التساؤلات إنّما يكفي فيه البحث عن كنيته بأبي تراب دون بقية كناه كأبي الحسن وأبي الحسين أو أبي الحسنين أو أبي الرياحنتين أو أبي السبطين، ونحو ذلك ما هو حادث بعد ولادة الأبناء له، وإن كانت بعضها كنّاه بها النبي (صلى الله عليه وآله) كأبي الريحانتين، وقد سلّم بها عليه كما في حديث جابر قال (عليه السلام): «سلام عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتي من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك والله خليفتي عليك»، قاله لعلي (أبو نعيم وابن عساكر _ عن جابر)(1).
ولمّا كان الحديث عن كنيته (بأبي تراب) يستدعي معرفة الزمن الذي حصلت فيه، وإذا عرفنا أنها وردت في أحاديث كثيرة وكانت من النبي (صلى الله عليه وآله) وقد
____________
1- كنز العمّال 12: 220.
المرة الأولى في حديث المؤاخاة:
وهو حديث مستفيض نقلاً، أخبت بصحته الحفّاظ، وأخرجه أصحاب الحديث والسير والتواريخ، ولا يتطرق إليه ريب، ويكفي في روايته المصادر التالية: المعجم الكبير(1) والأوسط وهما للطبراني، ومجمع الزوائد للهيثمي(2) عن ابن عباس قال:
لما آخى النبي (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فلم يؤاخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم، وخرج مغضباً حتى أتى جدولاً فتوسّد ذراعه فسفت عليه الريح، فطلبه النبي (صلى الله عليه وآله) حتى وجده، فوكزه برجله فقال له: قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب؟ أغضبت عليّ حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم؟ أما أن ترضى أن تكون منّي بمنــزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي، ألا من أحبّك حُفّ بالأمن والإيمان، ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية، وحوسب بعمله في الإسلام.
أقول: وأخرجه المتقي الهندي في كنـز العمال(3)، والخوارزمي الحنفي في المناقب(4)، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة(5).
____________
1- المعجم الكبير 11: 62.
2- مجمع الزوائد للهيثمي 9: 111.
3- كنـز العمّال 12: 206.
4- المناقب: 22.
5- الفصول المهمّة: 22.
قال: فوالله ما كانت لعلي كنية أحب إليه من أبي تراب، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) آخى بين الناس ولم يؤاخ بينه وبين أحد، فخرج حتى أتى كثيباً من رمل فنام عليه، فأتاه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: قم أبا تراب، وجعل ينفض التراب عن ظهره وبردته ويقول: قم أبا تراب، أغضبت إن أنا آخيت بين الناس ولم أواخ بينك وبين أحد؟ قال: نعم، فقال له: أنت أخي وأنا أخوك. وجاءت عدة أحاديث بهذا المعنى.
وإذا عرفنا أنّ المؤاخاة كانت مرّتين مرّة قبل الهجرة وأخرى بعد الهجرة بخمسة أشهر، فإنّ تكنية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بأبي تراب كانت في الثانية، كما هو صريح حديث ابن عباس؛ لذكر المؤاخاة فيها بين المهاجرين فقط، وبناء على ذلك فتكون تكنية النبي (صلى الله عليه وآله) بأبي تراب قد وقعت بعد الهجرة بخمسة أشهر، وهذا التحديد الزمني يعني أنّها كانت قبل ولادة الحسن أول أبنائه بأكثر من سنتين ونصف تقريباً، لأنّ ولادة الحسن (عليه السلام) كانت في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.
ولئن كانت تلك المرة هي الأولى التي كنى بها النبي (صلى الله عليه وآله) علياً بأبي تراب، فانّها لم تكن الأخيرة، فقد تكررّت أيضاً مرّة أخرى.
المرة الثانية في غزوة العُشيرة:
أخرج ابن عساكر في تاريخه(2) بأسانيده عن عمار بن ياسر، والنسائي في الخصائص(3) عن عمار بن ياسر واللفظ له، قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب
____________
1- تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام) 1: 23.
2- المصدر نفسه 3: 285.
3- الخصائص: 39.
فيومئذٍ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: مالك يا أبا تراب؟ لما يرى عليه من التراب، ثم قال: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذه _ ووضع يده على قرنه _ حتى يبلّ منها هذه، وأخذ بلحيته.
وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده(3)، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد(4) عن البزار، والأسفراييني في معالم الاسلام كما في تاريخ ابن الوردي(5)، والديار بكري في تاريخ الخميس(6)، وورد في شرح المواهب للزرقاني(7)، ودلائل النبوة لأبي نعيم، وليس فيه: (قم أبا تراب) فمن الذي حذف
____________
1- الصور وصيران وأصوار: النخل الصغير.
2- الدقعاء: التراب اللين.
3- مسند أحمد بن حنبل 2: 262؛ والحاكم في المستدرك 3: 140؛ والطحاوي في مشكل الآثار 1: 351؛ والمتقي الهندي في كنـز العمّال 15: 123، وقال أخرجه البغوي، والطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم، وابن عساكر، وابن النجار.
4- مجمع الزوائد 9: 136.
5- تاريخ ابن الوردي 1: 219.
6- تاريخ الخميس 1: 364.
7- شرح المواهب 1: 395.
أقول: إنّ غزوة العُشيرة - بضم العين مصغراً بالشين وقيل بالسين المهملة آخرها هاء _ بخلاف العسرة فهي غزوة تبوك، أما هذه فمنسوبة لموضع بني مدلج بينبع.
وإذا رجعنا نستجوب كتب السيرة عن زمانها، فهي تعيّن زمانها بأنّه (صلى الله عليه وآله) خرج إليها في جمادى الأولى أو الآخرة على رأس ستة عشر شهراً من الهجرة، وسبب تلك الغزوات كانت وقعة بدر، وقد ذكر الحلبي(2) حديث تكنية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بأبي تراب، فعلى هذا التحديد الزمني ظهر أن التكنية كانت للمرّة الثانية، وبعد مرور ما يقرب على سنة بعد المرة الأولى، وأيضاً هي قبل ولادة الحسن (عليه السلام) أول أبناء الإمام بأكثر من سنة ونصف.
المرة الثالثة في المسجد النبوي الشريف:
أخرج ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الإمام(3) بأسانيده عن أبي حازم أنّ رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال:
هذا فلان _ لأمير المدينة _ يدعو علياً عند المنبر، قال: فيقول ماذا؟ قال: يقول له: أبو تراب، فضحك قال: والله ما سمّاه إلاّ النبي (صلى الله عليه وآله) ، وما كان له اسم أحبّ إليه منه، فاستطعمت الحديث سهلاً وقلت: يا أبا عباس كيف؟ قال: دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أين ابنُ عمّكِ؟ قالت: في المسجد، فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول: اجلس يا أبا تراب يا أبا تراب مرّتين.
____________
1- فرائد السمطين 1: 384.
2- السيرة الحلبية 2: 126؛ وسيرة زيني دحلان بهامش الحلبية 1: 361.
3- تاريخ ابن عساكر في ترجمة الإمام 1: 22.
1 _ كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي بن أبي طالب(1).
2 _ كتاب الصلاة في باب نوم الرجال في المسجد(2).
3 _ كتاب الأدب في باب التكني بأبي تراب(3).
4 _ كتاب الاستيذان في باب القائلة في المسجد(4).
ورواه أيضاً في الأدب المفرد في باب من كنى رجلاً بشيء هو فيه.
ورواه الطبري في تاريخه(5).
وأخرجه مسلم في صحيحه في مكانين:
1 _ في باب مناقب أمير المؤمنين(6).
2 _ كتاب الصلاة في باب نوم الرجل في المسجد(7).
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى(8).
وتوجد عدة أحاديث وردت فيها تكنية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) بأبي تراب، ولم يذكر فيها زمان أو مكان يمكن أن نحدد على ضوئها زمان الصدور.
1 _ فمنها حديث علي (عليه السلام) قال: طلبني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجدني في جدول نائماً، فقال: ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب، فرآني كأنّي وجدت في نفسي من
____________
1- صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي بن أبي طالب 5: 18.
2- المصدر نفسه، كتاب الصلاة في باب نوم الرجال في المسجد 1: 92.
3- المصدر نفسه، كتاب الأدب في باب التكني بأبي تراب 8: 45.
4- المصدر نفسه، كتاب الاستيذان في باب القائلة في المسجد 8: 63.
5- تاريخ الطبري 2: 124 _ 363.
6- صحيح مسلم، في باب مناقب أمير المؤمنين 7: 124 وفيه ذكر المغاضبة.
7- صحيح مسلم، كتاب الصلاة في باب نوم الرجل في المسجد.
8- السنن الكبرى للبيهقي 2: 446.
2 _ ومنها حديث أبي الطفيل قال: جاء النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي نائم في التراب، فقال: أحق اسمائك أبو تراب، أنت أبو تراب. أخرجه ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الإمام(2) ، والطبراني في معجمه الكبير والأوسط، وعنه الهيثمي في مجمع الزوائد(3) وقال: ورجاله ثقات.
3 _ ومنها ما رواه ابن هشام في سيرته بعد ذكره لحديث عمار المتقدم، قال ابن إسحاق: وقد حدّثني بعض أهل العلم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنّما سمّى علياً أبا تراب أنّه كان إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلّمها ولم يقل لها شيئاً تكرهه إلا أنّه يأخذ تراباً فيضعه على رأسه، قال: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رأى عليه تراباً عرف أنّه عاتب على فاطمة، فيقول: مالك يا أبا تراب؟
وعقّب ابن هشام على ذلك بقوله: فالله أعلم أيّ ذلك كان، وليس في تعقيبه ما يدعونا إلى التعليق عليه إذ يبدوا أنّه لم يجزم بواحد منهما، ولكنه لا يعدوها.
ولكن هلمّ الخطب فيما يقوله السهيلي في الروض الانف(4) ، وهو في شرح سيرة ابن هشام، قال السهيلي وقد ذكر الحديثين الأولين في تكنية علي بأبي
____________
1- كنـز العمّال 12: 206.
2- تاريخ ابن عساكر في ترجمة الإمام 1: 24.
3- مجمع الزوائد للهيثمي 9: 101.
4- الروض الأنف للسهيلي 2: 58.