كرامة حصلت للملك الصالح طلائع بن زريك

زار الملك الصالح طلائع بن رزيك(1) مشهد الامام علي بن أبي طالب عليه السلام في جماعة من الفقراء، وقد كان إمام المشهد يومئذ السيد بن معصوم ، فرأى السيد في منامه الامام عليه السلام وهو يقول : قد ورد عليك الليلة أربعون فقيراً وفيهم رجلاً يقال له طلائع بن رزيك وهو من أكبر محبينا فقل له : إذهب فإنا قد وليناك مصر، فلما أصبح أمر من ينادي : من فيكم إسمه طلائع بن رزيك ؟ فليقم إلى السيد ابن معصوم ، فجاء طلائع وقصّ عليه السيد رؤياه، فرحل إلى مصر وأخذ أمره في الرّقي، فلما قتل نصر بن عباس الخليفة الظافر إسماعيل استثارت نساء القصر لأخذ الثأر بكتاب في طيه شعورهنّ، فحشد طلائع الناس يريد النكبة بالوزير القاتل، فلما قرب من القاهرة فرّ الرّجل ودخلّ طلائع المدينة بطمأنينة وسلام، فخُلعت عليه خلايع الوزارة ولقّب بالملك الصالح. 

قد نظم العلامة السماوي الحادثة في ارجوزته قائلا : 

وذكر الاعلام في المليك

طلائع نجل الفتى رزيك

*** 

قالوا قبيل الملك زار المرتضى

في رفقة له بعد ما مضى 

***

نادى بمن قد زار خازن الحرم

هل فيكم طلائع قالوا نعم

***

فجاءه طلائع يسارع 

فقال بشرى لك يا طلائع

***

سوف تكون ملكاً في مصر

فاصنع جميلاً مع ذراري الطهر

***

أخبرني المولى علي في الكرى

وقال بشّره وزده خبرا 

***

وأوصه بالعترة الاطهار

فهم غصون دوحة المختار

***

فسار ثم صار ملكاً صالحا

وكان بحراً في العلوم طافحا (2)

 

 


(1) أبو الغارات، طلائع بن رزيك بن ‏الصالح الإرمني، الملقّب بالملك الصالح ، وقد جمع الله سبحانه له الدنيا والدين، فحاز على شرف الدارين، وحباه بالعلم الناجع، والإمرة العادلة، وكان من الفقهاء البارعين في العصر الفاطمي، وأديب شاعر مُجيد، كما طفحت به المعاجم.

فإذا به ذلك الوزير العادل‏ تزدهي القاهرة بحسن سيرته، وتعيش الأُمّة المصرية بلطف شاكلته، وتزدان الدولة الفاطمية بأخذه بالتدابير اللازمة في إقامة الدولة، وسياسة الرعية، ونشر الأمن، وإدامة السلام.

ولُقّب بـ(الملك الصالح)، وقد طابق هذا اللفظ معناه كما يُنبئك عنه تاريخه المجيد، فلقد كان صالحاً بعلمه الغزير، وأدبه الرائق.

صالحاً بعدله الشامل، وورعه الموصوف، صالحاً بسياسته المرضية، وحسن مداراته مع الرعية، صالحاً بكلّ فضائله وفواضله، دينية ودنيوية، وقبل هذه كلّها تفانيه في ولاء الأئمّة المعصومين(عليهم السلام)، ونشر مآثرهم، ودفاعه عنهم بفمه وقلمه ونظمه ونثره.

(2) عنوان الشرف ص 35 

طباعة الخبر