مولد المرتضى (عليه السلام)

{ صادق جعفر الهلالي }

بسناكَ تبتهجُ السماءُ وتَسطَعُ

ألَقاً على طولِ المدى يترفَّعُ

تمضي السنونُ وفجرُ مجدِكَ مشرقٌ

شمساً تلألأَ من بهائِكَ يسطعُ

يشتاقُكَ التأريخُ أروعَ صورةٍ

عصماء زُفَّ بها الكمالُ الأروعُ

أنتَ التجلّي بالمبادئ لوسمت

ترقى بها نهجاً وفكراً يُبْدَعُ

دنيا العروشِ تمزَّقتْ أركانُها

وعُلاكَ باقٍ أنتَ فيهِ الأرفعُ

إنَّ الحياةَ كرامة وهداية

فيها الخلودُ مرتَّلٌ ومُرجَّعُ

كمْ حاولَ الباغونَ طمسَ فضائلٍ

للحقِّ فجَّرها الحضورُ الأوسعُ

فلأنتَ قرآنٌ ونهجُ رسالةٍ

يهدي إلى درب الرشاد ويدفعُ

قد فاضَ بحرُكَ في عظيمِ عطائهِ

شعلاً بأنوار المبادئِ يَصْدَعُ

أنتَ البيانُ وما أرقَّكَ نَغمةً

بفمِ القوافي تستطابُ وتُسْمَعُ

***

يا مولداً قد خُصَّ في إعجازِهِ

مأوىً ببيتِ اللهِ وهو الأنزعُ

وإذا بفاطمةٍ تحومُ ببابهِ

ترجوهُ يُسراً للولادةِ يُسرعُ

وقفتْ تُديرُ الطرفَ في أعتابهِ

فانشق من عليائهِ يتوسعُ

وضعتْ بداخلهِ الوليدَ تكرُّماً

بدراً أضاءَ رحابَهُ يتربّع

سمَّتهُ حيدرَ أمُّهُ لما رقى

فرسَ البطولةِ وهُوَ غَضٌّ أينعُ

لعلاهُ كبَّرَتِ السّماءُ وهللت

زمرُ الملائِك للبشائرِ ترفعُ

فلئن تغنيتُ القصيدَ بمزهري

فهو النشيدُ بعشقِ حُبكَ يُطْبَعُ

فلقدْ تعطَّرتِ القوافي وازدهى

وحيُ الشعورِ فتاهَ فيهِ المطلعُ

أنا ضامئٌ ما أرتجي غيرَ الولا

ظلاً يقي لهبَ الهجيرِ ويشفعُ

فالدهرُ يزهو بالعظيم لأنَّهُ

ملكَ الدُنا عزاً يطولُ ويرفعُ

ولقد سما التأريخُ في ترتيلهِ

ألقاً يشيّدُ للحياةِ ويُبدِعُ

شطآنُ نهجِكَ للخلودِ قواعدٌ

حَفِلَتْ لقاموسِ الكرامةِ تَجْمَعُ

شتموكَ في أمدِ السنينِ نكايةً

فسَمَوْتَ في دنيا المعالي تسطعُ

عشقوا ملذات الحياةِ ولونَها

فغدتْ لدنياهم تروقُ وتلمعُ

لكنهم شَرِبوا السراب توهماً

واستنفروا الدنيا لتبني الأذرُعُ

فمضوا على وترِ الخيالِ متاهةٍ

جوفاء صوَّرها المصيرُ المفجِعُ

وغَدى عليٌّ للتلاوةِ آيةً

يهفو لها شغفُ الشعورِ ويُجْمَعُ

***

يا شعلةَ الإيمانِ يا نجمَ التقى

قد كانَ ليلُكَ من نهاركَ يخشعُ

قد صاغكَ اللهُ العظيمُ بلطفهِ

فأجادَ صنعاً في صفائك يُبدِعُ

من بعدِ أحمد يصطفيك لأمرهِ

حَكَماً بآياتِ الكتابِ يشَعْشِعُ

قد كنتَ سيفاً للنبي وساعداً

وفتىً إلى نهجِ الهدايةِ يُسْرِعُ

فركبت في سفنِ الجهاد ملاحماً

بالنصرِ فهي لدى البطولةِ مرجعُ

قد كنتَ بركاناً يصُبُّ جَحيمَهُ

بغى الضلالِ فراح لاسْمِكَ يفزعُ

فأريتها كُلّ النجوم ظهيرةً

وغدتْ حصونُ قلاعها تَتَصدَّعُ

فانهارَ وجهُ الشِرْكِ مسود الحشا

وغدى لدستورِ النبوةِ يخضعُ

ونصرتَ باسمِ اللهِ خيرَ رسالةٍ

بالحقِ جاءَ بها الرسولُ الأرفعُ

فاهنأ أبا حسنٍ بخيرِ مثوبةٍ

حفلت لأنوارِ المكارمِ تجمعُ

***

إيهٍ فتى الإسلامِ أيَّةُ مِدّحَةٍ

تشدو عُلاك تُراكَ منها أرفعُ

هذي قوافي الشعرِ في حلباتها

نغمٌ يُصاغُ بهِ الولاء ويطبعُ

أنا إنّما أشدوكَ باللحنِ المبا

ركِ فهو فيك له الشعور الأروعُ

ولأنكَ الذهبُ المُصفَّى بالشذى الــ

ـــفوّاح والدرُّ المنقى الأنصعُ

علمٌ وتقوىً في صفاءِ عقيدةٍ

وإمامُ زهدٍ للمبادئِ مرجعُ

في الحقِ ما أخذتهُ لومَةَ لائمٍ

في اللهِ تهواه النفوسُ الخُشَّعُ

أعطت له الدنيا قيادةَ طَيِّعٍ

فَيُغضُّ عنها طرفهُ المُتورّعُ

فاختارَ دارَ اللهِ أرفعَ منزلٍ

تشتاقَهُ فيها الجنانُ الأوسعُ

أأبا الحسين فما أرقَّكَ نغمةً

في سحرِها لحنُ الخواطرِ يُجْمَعُ