كان أحد الضبّاط قد رصد الساعة التي تخرج فيها بنت الهدى في كلّ يوم، فكان قبل موعد خروجها يستدعي قوّات الأمن المحيطة بمنزل السيّد الشهيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) إلى زقاق قريب منه بحجّة توجيههم أو إبلاغهم ببعض المعلومات والأوامر بحيث يخلو الزقاق منهم، وحينئذٍ تتمكّن السيّدة بنت الهدى من الخروج والذهاب حيث تشاء من دون مراقبة أو مضايقة، ثمّ يكرّر العمليّة نفسها تقريباً قبل عودتها، وهكذا كان يفعل في أغلب الأحيان ليعبّر عن لون من التعاطف مع السيّد الصدر (رحمه الله) الذي كان مسروراً لذلك، وكان يقول: »إنّ الحجز نعمة كبيرة، لقد جعل هؤلاء وأمثالهم يتعاونون معنا ونحن في هذه الظروف«. وشاء الله عز وجل أن يُكرم هذا الرجل بالشهادة مع عدد من قوّات الأمن الذين كانوا معه، فقد عثرت السلطة على منشورات ضدّها كان يكتبها بالآلة الطابعة العائدة إلى مديريّة أمن النجف ويقوم بتوزيعها في أهمّ مراكز السلطة والتي كان من المستحيل أن تصل إليها يد المجاهدين. ولمّا بلغ السيّد الصدر خبر إعدامهم قال للشيخ النعماني: »انظر، كيف اهتدى هؤلاء، يجب أن [تتّسع] قلوبنا حتّى لهؤلاء«.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيرة والمسيرة.